“البورصة” تستعيد رونقها التمويلى وسط ملاحقات عنيفة من الأزمات

6.3 مليار جنيه قيمة طروحات النصف الأول 2015 بما يُعادل 7 أضعاف 2014

استمرار طفرة زيادات رؤوس الأموال لـ 5.4 مليار جنيه فى 6 أشهر مقابل 8.8 مليار خلال 2014

ماهر : أزمة الطروحات مؤقتة ومحدودة ونشاط الدور التمويلى للبورصة مستمر ومتزايد

دشناوى : انخفاض الاكتتابات وزيادات رؤوس الأموال أمر حتمى فى حال تفاقم الأزمة الخارجية

عبد الفتاح : تخفيض التقييم سر جاذبية الطرح لمعالجة أثار تراجعات الأسواق العالمية

الشربينى : شروط زيادة التداول الحر دفعت الشركات لزيادة رأس المال بتوزيع أسهم مجانية

وفرت البورصة طروحات بقيمة 6.3 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الحالى، والتى تعد الأكبر فى تاريخ البورصة المصرية منذ طروحات خصصة القطاع العام فى تسعينات القرن الماضى، وبلغت طروحات 2014 نحو 856 مليون جنيه لخمس شركات طرحت جزء من أسهمها فى البورصة خلال 2014.

واستعادت سوق الأوراق المالية رونقها خلال الفترة الأخيرة بتعظيم دورها التمويلى وجذب مزيد من الشركات والمتعاملين، إلا أنها اصطدمت مؤخرا بالتوترات الاقتصادية الداخلية والخارجية، ما أثار حالة من الجدل حول قدرة البورصة على التمسك بطفرتها التمويلية التى لا طالما انتظرها الاقتصاد على مدار الأعوام الماضية.

أما على صعيد زيادات رؤوس الأموال، فشهدت النصف الأول من العام الجارى زيادات بقيمة 5.4 مليار جنيه لنحو 18 شركة مقيدة، مقابل زيادات رؤوس أموال بقيمة 8.8 مليار جنيه خلال عام 2014 لـ 41 شركة مقيدة فى البورصة.

وقال محمد ماهرنائب رئيس مجلس إدارة شركة “برايم القابضة” للاستثمارات، إن الضرائب على التوزيعات النقدية، دفعت الشركات إلى عدم توزيع الأرباح واستخدامها فى زيادات رؤوس الأموال إلى جانب النظرة التفاؤلية التى دفعت الشركات لتنمية استثماراتها ومعالجة اختلالات الأعوام السابقة من خلال استخدام الأرباح فى توفير سيولة داعمة للشركات.

وتوقع استمرار حيوية نشاط زيادات رؤوس أموال الشركات المقيدة فى البورصة خلال النصف الثانى من العام الحالى، فى ظل تحسن نتائج أعمال معظم الشركات ودخولها فى استثمارات جديدة بالتوازى مع توجهات الدولة فى زيادة حجم الانفاق الاستثمارى ومشاركة القطاع الخاص، بعيدا عن تأثيرات التوترات الاقتصادية العالمية نظرا لأن تمويلات النمول الداخلى فى هذا السياق تكون ذاتية المصدر.

وشهد عام 2014 نموا ملحوظا فى زيادات رؤوس أموال الشركات المقيدة فى البورصة المصرية، حيث قامت 45 شركة بزيادة رؤوس أموالها بقيمة تقدر بنحو 8.8 مليار جنيه، وهو أعلى معدل متحقق منذ 2011، ويزيد بنحو 86% عن المتحقق فى 2013، ويزيد عن إجمالى الزيادات فى 2012، 2013 مجتمعين ونحو ثمانى أضعاف المتحقق فى 2012، وبذلك يكون إجمالى التمويل المتوفر للاقتصاد خلال العشر سنوات الأخيرة ما يزيد عن 100 مليار جنيه.

واستمرت تلك الطفرة خلال العام الحالى، فبلغت زيادات رؤوس الأموال نحو 5.4 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الحالى لنحو 18 شركة مقيدة.

أما على صعيد الاكتتابات التى شهدت طفرة غير مسبوقة خلال الستة أشهر الأولى من العام الحالى، فقد أرجعها ماهر إلى رغبة بعض الشركات فى إيجاد مصادر تمويلية رخيصة وسهلة مثل شركة إعمار مصر، بالإضافة إلى اتجاه الشركات إلى طرح جزء من أسهمها للاستفادة من تعافى معدلات الطلب والتداول خلال الفترة الأخيرة، فى ظل نجاح المنظومة فى الترويج للسوق بشكل جيد.

ورغم تلك التطورات إلا أن ركودا قد أصاب الطروحات الأخيرة، تبعه عزوف كبير من قبل المكتتبين، ما أدى إلى انخفاض القيمة السوقية لأسهم بعد طرحها وإخفاق الطروحات التى تلتها فى تغطية النسبة المطلوبة، ما دفع أحد الشركات إلى سحب عملية الطرح وإرجاءها لوقت أخر، وذلك فى ظل التراجعات العنيفة التى ضربت أسواق الأسهم حول العالم تأثرا بتوترات الاقتصاد العالمى لأسعار النفط والعملات ومعدلات الفائدة ونمو الاقتصاد الصينى.

وقال ماهر أن تلك الأزمة جاءت نتيجة عدد من المؤثرات أبرزها التقييم المرتفع لأسعار الأسهم المطروحة ما دفع الكثير من المتعاملين نحو الإعراض عن عملية الاكتتاب، بالإضافة إلى ضعف الإفصاح الكامل عن المراكز المالية القوية لتلك الشركات ومبررات التقييم، إلى جانب ضعف الطلب المحلى والعالمى بوجه عام على الأوراق المالية سواء المتداولة أو المطروحة.

وتوقع تعافى سوق الطروحات والاكتتابات فى البورصة فى غضون أسابيع، فى حالة تدارك مسببات الأزمة، وطرح أسهم بقيم مغرية وغير مبالغ فيها، لتشهد الشهور المتبقية من العام مزيدا من الطروحات المرتقبة والمعلن عنها بقيد شركات جديدة على رأسها مجموعة من شركات القطاع العام وغيرها من الشركات التى تعمل بنوك الاستثمار حاليا فى إعدادها للقيد والطرح.

ومن جانبه كشف شريف سامى رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، عن اقتراب الهيئة من وضع معايير محددة للتقييم المالى للشركات، بما يضمن توحيد أسس إعداد دراسات القيمة العادلة للأسهم التى سيتم طرحها فى البورصة، واعتماد تراخيص مزاولة نشاط تقييم الشركات.

أضاف أن اللجنة القائمة على إعداد المسودة الأولى لتلك المعايير قد انتهت منها تمهيدا لمراجعتها من كافة الجهات المعنية للتوافق على الصغية النهائية قبل إقراراها.

وتستغرق الهيئة العامة للرقابة المالية وقتا طويلا لاعتماد القيمة العادلة لأسهم الشركات، وقد أرجع سامى ذلك إلى تباين أسس إعداد تقارير القيمة العادلة للشركات من حيث الأسس والمصادر التى يبنى عليها التقرير، مما كان يتسبب فى استغراق فترات طويلة لدراساتها ومن ثم اعتمادها، ما دفع الهيئة لإصدار أول معايير للتقييم المالى على غرار معايير التقييم العقارى التى أصدرتها مطلع العام الحالى.

ولفت سامى إلى أن المعاييرالجديدة لن تتدخل فى طرق التقييم، ولكنها مجرد قواعد وأسس استرشادية متعارف عليها فى مناهج التقييم وإعداد التقارير، لاختصار الوقت وتسهيل عملية المراجعة، من قبل المطلعين على تقارير القيمة العادلة للشركات.

وشهد سوق الطروحات الأولية “IPO” اكتتابات بقيمة 856 مليون جنيه لخمس شركات قامت بطرح جزء من أسهمها خلال 2014، وجاء فى مقدمة تلك الطروحات الطرح العام لشركة العربية للأسمنت والذى تم تغطيته بنحو 18.5 مرة، وتلاه الطرح العام لشركة الوطنية للصلب “عتاقة” الذى تم تغطتيته بنحو 5 مرات، كما قامت شركة سبأ الدولية للأدوية بطرح أسهمها والتى تم تغطتيتها 25 مرة، ثم 3 مرات لتغطية طرح الدولية للثلج الجاف ديفكو و 27 مرة لتغطية طرح جولدن كوست السخنة للاستثمار السياحى.

وخلال النصف الأول من العام الحالى 2015، سجل سوق الطروحات 4 اكتتابات بقيمة 6.3 مليار جنيه، حيث طرحت شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية 15% من أسهم الشركة بقيمة 506 مليون جنيه، كما طرحت شركة أوراسكوم كونستراكشون11% من أسهمها بقيمة 1.4 مليارجنيه، وقامت شركة ايديتا للصناعات الغذائية بطرح نحو 30% من أسهمها لجمع 1.7 مليار جنيه فى البورصة المصرية بخلاف شهادات الإيداع فى بورصة لندن، وطرحت شركة إعمار مصر 15% من أسهمها، وقد نجحت فى جذب 2.7 مليار جنيه، ما بين تخارج وزيادة رأسمال.

وتبنت شركات تداول الأوراق المالية وجهات نظر متباينة، وقال عادل عبد الفتاح رئيس مجلس إدارة شركة ثمار لتداول الأوراق المالية، أن الطفرة التى شهدتها عمليات زيادات روؤس الأموال خلال 2014، جاءت كنتيجة حتمية لبحث الشركات عن مصادر تمويلية لدعم انشطتها فى ظل الاستقرار الاقتصادى والسياسى الذى شهدته مصر خلال تلك الفترة، وكان من المفترض أن تستمر الطفرة خلال الأعوام التالية لعام 2014.

أَضاف أن قانون ضرائب التوزيعات والضرائب الرأسمالية، فضلا عن تأخر نتائج مؤتمر مصر الاقتصادى بشرم الشيخ، أدى إلى تكاسل الهمم وسط انتظار محفزات اقتصادية وسياسية إضافية، ملموسة على أرض الواقع، بالتزامن مع عزوف المتعاملين عن سوق الأوراق المالية مما جعل الشركات على  حذر كبير أثناء عمليات زيادات رؤوس الأموال عن طريق البورصة.

وتقيما لنشاط عمليات الطروحات خلال العام الحالى، رأى عبد الفتاح أن النصف الأول من العام الحالى شهد استمرار عمليات انتعاش الطروحات الجديدة واكتتاباتها العامة، ولكن بظهور بعض المؤثرات السلبية داخليا وخارجيا أثرت على نفسية المتعاملين سواء محليين أو أجانب، ما أدى إلى ضعف عمليات التداولات وصعوبة تغطية بعض الطروحات وانخفاض الأسعار السوقية لأسهم طروحات أخرى فى أعقاب عملية الاكتتاب، نتيجة ارتفاع القيمة العادلة لسعر الأسهم أثناء الطرح ما أضعف من فرص صعوده بعد ذلك.

وشدد على ضرورة الإسراع فى طرح شركات ناجحة بقيم منخفضة نسبيا تمثل فرص حقيقية للاستثمار، لكى تتم عملية التغطية بشكل ناجح بما يعقبها من ارتفاعات فى القيمة السوقية لسهم الشركة المطروحة لتعزيز وإعادة الثقة فى طروحات البورصة المصرية لإعادة جذب المكتتبين.

قال محمد دشناوي، المديرالتنفيذي بشركة “الجذور” للوساطة فى الأوراق المالية، إن سوق زيادات رؤوس الأموال فى النصف الأول نما بشكل كبير خاصة مع تراجع أسعار النفط والتى أدت لاستغلال الدولة للفرص الاستثمارية والاستيراد بشكل كبير مع انخفاض أسعارالسلع، مما أثر بشكل إيجابى على الشركات المستوردة والعاملة فى مجالات التنمية الداخلية.

وتوقع انخفاض حجم زيادات رؤوس الأموال بالتزامن مع الأزمة الراهنة والمتعلقة بتباطوء الاقتصاد العالمى وسط تخوفات خارجية من حدوث أزمة اقتصادية عالمية من جديد، مما قد يدفع الشركات لمحاولة تقليص أعمالها القائمةعلى التصدير.

ورجح المدير التنفيذى لـ”الجذور” للوساطة، صعوبة تقبل السوق لاكتتابات جديدة خلال الفترة الراهنة، بسبب عدم قناعة المستثمرين بطريقة حساب القيمة العادلة ومدى تقييم أصول الشركات بصورة حقيقية، بالإضافة للتأثيرات السلبية لأوضاع الأسواق العالمية.

وألقى المسؤولية على عاتق مروجي الطرح، مشددا على ضرورة دراسة القيمة العادلة بشكل جيد وتحديدها بما يتناسب مع ظروف السوق أو تأجيل قرار الطرح.

وقال حسين الشربينى خبير الأوراق المالية، أن زيادات رؤوس أموال الشركات المقيدة خلال العام الماضى والنصف الأول من العام الجاري لم تكن طفرة خاصة ولكنها جاءت فى إطار طبيعى لدور البورصة، بعد ثلاث سنوات لم تكن أى مؤسسة تستطيع القيام بدورها فى ظل الانفلات الأمني والركود الاقتصادى.

وأرجع عمليات زيادات رؤوس الأموال، إلى تعديل اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال وبنود زيادات رؤوس أموال الشركات، ما دفع البورصة لمخاطبة الشركات لتعديل رأسمالها بما يتناسب مع السيولة المطلوبة ونسبة الأسهم حرة التداول، وجزأت الشركات أسهمها، وقامت بتوزيع أسهم بدلا من الكوبونات النقدية حتى ترفع من عدد أسهمها الخاصة بالتداول الحر.

وتوقع الشربيني أن تستمر زيادات رؤوس الأموال للشركات خلال العام المالى الحالى، باستمرار حالة التفاؤل وسط المتعاملين بسوق المال والتوجه الاستثماري بشكل مباشر فى الأسهم بديلاً عن الأدوات المالية الأخرى، وقد تتعافى الطروحات مع زيادة أحجام التداول وتعافى الأسواق.

وبمراجعة تاريخ زيادات رؤوس أموال بعض الشركات داخل السوق، يتضح مدى مساهمة البورصة فى تعظيم أصول تلك الشركات منذ قيدها، فقامت مجموعة عامر جروب القابضة بزيادة رأسمالها من خلال 5 عمليات منذ قيدها فى نوفمبر 2010، وبقيمة إجمالية للزيادات بلغت 1.17 مليار جنيه، وأجرت شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار “سوديك” 7 عمليات مختلفة منذ قيدها فى مارس 1998 لزيادة رأسمالها بقيمة إجمالية بلغت 1.26 مليار جنيه.

ومنذ قيد المجموعة المالية هيرميس فى فبراير 1999، رفعت رأسمالها من خلال 8 إصدارات بقيمة إجمالية بلغت 3.16 مليار جنيه، وأجرت شركة المصرية للمنتجعات السياحية 5 إصدارات لزيادة رأسمالها منذ قيدها فى فبراير 1999، بقيمة إجمالية 840 مليون جنيه، وقامت النساجون الشرقيون بـ 5 إصدارات منذ ديسمبر 1994 بقيمة إجمالية 314.9 مليون جنيه، أما بالم هيلز للتعمير فقامت بـ 8 إصدارات منذ قيدها فى ديسمبر 2006، بقيمة إجمالية 4.2 مليار جنيه، وقامت شركة جلوبال تليكوم القابضة بزيادة رأسمالها من خلال إصدارين بقيمة 4.55 مليار جنيه منذ قيدها فى يناير 1999.