بقلم: شاشانك جوشي
إذا ثبتت صحة شكوك وكالات الاستخبارات البريطانية والأمريكية فى زرع قنبلة على متن طائرة روسيا المحطمة فى شبه جزيرة سيناء، الأسبوع الماضي، فسوف يشكل ذلك لحظة مهمة فى التهديد الجهادى المتطور سريعاً.
فمن ناحية، سيكون هذا الهجوم الأول من نوعه منذ أن دمر شيشانيون طائرتين روسيتين فى 2004 باستخدام القنابل، وفى حين كان التركيز موجهاً للهجمات المحتملة بالصواريخ، مثل تلك التى أسقطت الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا فى 2014، اتخذ فرع القاعدة فى اليمن خطوات تكنولوجية فى تطوير قنابل غير معدنية لا يمكن تتبعها.
وفشلت القاعدة باليمن فى القيام بتنفيذ هجومين باستخدام قنابل يتم ارتداؤها تحت الملابس فى 2009، وهربت متفجرات على متن طائرة شحن أمريكية فى 2010، واستطاع عميل سعودى مزدوج داخل القاعدة فى اليمن الحصول على إحدى تلك القنابل فى 2012، ولكن الجماعة تفاخرت بتصميم جديد فى ديسمبر الماضي.
وسيكون الجديد هنا أن يكون مسلحو داعش، وليس القاعدة فى اليمن، هم من نجحوا بالفعل، خاصة أن القاعدة وداعش عدوان لدودان بعد انفصالهما بطريقة حادة فى أوائل العام الماضي. وإذا ثَبُت أن داعش هى المسئولة، فستكون احتمالات نجاح هذا الهجوم ناتجة عن الإجراءات الأمنية المتقاعسة أكثر منها تصميم حديث للقنبلة.
وهذا الهجوم لن يمثل بالضرورة تغيراً استراتيجياً، فإن ثبت تورط داعش، فهى على عكس القاعدة، التى تركز على هجمات كبيرة عالمياً، تركز طاقاتها على المنطقة الرئيسية التى أعلنت نفسها خليفة عليها فى العراق والشام، كما ضمت، أيضاً، عدة ولايات أجنبية من الجزائر إلى باكستان، ومنحت علامتها التجارية للجماعات المحلية بدلاً عن البدء من الصفر، كما شجعت داعميها على القيام بهجمات مستقلة، وإن كانت هذه الهجمات كانت لها صلات ضعيفة مع قيادة داعش.
وقام حليف داعش المحلى فى مصر، والبالغ عددهم 1000 شخص فى محافظة سيناء، بعشرات من عمليات الاغتيال والقصف، بما فى ذلك على مواطنين أجانب، ولا يوجد فرق كبير بين عمليات القتل التى تنفذها الجماعات المرتبطة بداعش سواء البريطانيين فى تونس فى يونيو الماضي، أو الأتراك فى أنقرة الشهر الماضي، وربما الآن الروسيين فى مصر.
وكل هذه العمليات تمثل هجمات توقع عدد ضحايا كبيراً من الأجانب، وسيكمن السؤال الرئيسى الذى سيبحث فيه مسئولو وكالات الاستخبارات الآن إذا ما كانت هذه الهجمات نتيجة تشجيع من وراء الكواليس مع توفير مساعدة محدودة وإعطاء تصريح شفهى أم إذا كان تورطهم يشير إلى شيء أعمق وطموحات نامية.
وأخيراً، الأحداث فى مصر، قد يكون لها تأثير مرتد على ما يحدث فى سوريا، فإذا ما تم التأكد من أن قنبلة أسقطت رحلة كوجاليم أفيا 9268، وأن داعش، أو إحدى الجماعات التابعة لها، مسئولة عن الهجوم، فسوف يتم الضغط على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للقيام بالشيء الذى يدّعى أنه يقوم به منذ شهر ألا هو استهداف داعش مباشرة فى سوريا. فخلال شهر، قامت موسكو بأكثر من 1000 هجمة جوية أثناء تدخلها فى سوريا، وأسقطت 90% من قنابلها على مناطق ليس لداعش وجود ظاهر بها، وبدلا من ذلك، ركزت روسيا على جماعات المتمردين المعتدلة التى تقاتل نظام بشار الأسد، والكثير منها تدعمه الولايات المتحدة، وقد يقرب استهداف داعش بقدر أكبر الطائرات الروسية من التحالف بقيادة أمريكا. وقد تستخدم موسكو الواقعة لتبرير وجودها المتزايد فى سوريا حيث يوجد، حالياً، 4000 جندي، وهذا بدوره سيقوض أكثر خيارات الغرب، ويؤدى إلى تضخيم تدفقات اللاجئين الكبيرة بالفعل.
وحتى الآن، اقتصرت استجابة روسيا على إرسال المزيد من الصواريخ المضادة للطائرات إلى سوريا، وهى خطوة غريبة، بالنظر إلى أن إسقاط الطائرات لن يحقق الكثير، ولكن إذا أشارت التحقيقات الرسمية إلى داعش، فسنرى الأمور تتطور سريعاً.
المصدر: صحيفة «فاينانشال تايمز»