احتدام المنافسة على الحصة السوقية يدفع السعودية لمغازلة السوق الأوروبي
تخفض السعودية أسعار مبيعات البترول، وتحاول الوصول إلى عملاء جدد فى أوروبا، لمواجهة التنافس المتنامى من زملائها الأعضاء فى منظمة الأوبك، وللحفاظ على حصتها فى سوق عالمى متخم بالإمدادات.
وكانت المملكة، قد خفضت السعر الرسمى للخام العربى الخفيف لأوروبا بنحو 1.30 دولار للبرميل لعقود شهر ديسمبر، مقدمة بذلك سعراً تنافسياً أمام خام «برنت» القياسى من بحر الشمال، إذ يقل عنه بنحو 4.75 دولار للبرميل.
ووفقاً لشركة «جيه بى سى إنيرجي»، فإن المملكة ترد على زيادة الشحنات العراقية واستعداد إيران لاستئناف الصادرات بعد رفع العقوبات عنها من خلال خفض الأسعار، والقيام بعمليات بيع نادرة للبترول الخام إلى مصافى التكرير فى بولندا والسويد.
وأوضحت شركة «كى بى سي» للاستشارات، أن هذ الأمر جاء، أيضاً، بعد اشتعال المنافسة فى آسيا. وقالت يوجين لينديل، المحلل لدى شركة «جيه بى سي»: «إنه سوق مشترى البترول الخام، فإذا كنت تريد بيع مزيد من البراميل، فيتعين عليك تخفيض الأسعار، ولن يكون الأمر سهلاً عندما تعود البراميل الإيرانية إلى السوق».
وأضافت: «إذا لم تخفض السعودية الأسعار، لبدأت مصافى التكرير البولندية بكل بساطة شراء خام الأورال الروسي».
وأوضحت البيانات الصادرة عن منظمة الأوبك، أن الشحنات إلى أوروبا شكلت أكثر من 13% من صادرات البترول السعودى العام الماضي. ولكن هذه النسبة تراجعت إلى 10% خلال الأشهر الستة الماضية.
وقال المحللون والمتداولون، إن ازدياد الشحنات من كردستان العراق التى تصل إلى البحر المتوسط من خلال ميناء جيهان التركى، قد حل محل بعض الشحنات السعودية العام الحالي.
وذكرت وكالة أنباء بلومبرج، فى تقرير لها، أن أوروبا أصبحت أحدث ساحات القتال بالنسبة لمنتجى البترول الذين يسعون للحفاظ على الحصة السوقية فى خضم تخمة الإمداد العالمية.
واحتجت روسيا على مبيعات السعودية لأوروبا الشرقية، إذ اشتكى إيجور سيشين، الرئيس التنفيذى لشركة «روسنيفت» الروسية، أن السعودية غمرت الأسواق، بعد أن اكتشف أن المملكة تبيع البترول إلى بولندا.
وذكرت وكالة رويترز للأنباء، أن شركة «برييم» السويدية، تشترى مؤخراً شحنات البترول السعودي، للمرة الأولى منذ 20 عاماً.
ويحرص المحللون والمتداولون على عدم المبالغة فى حجم المعركة بين السعودية وروسيا؛ نظراً لأن كل المنتجين يتنافسون على المستهلكين.
وقالت أمريتا سين، محلل لدى شركة «إنيرجى أسبيكتس»: «يرغب جميع المستهلكين فى التنويع. ووجود مورد جديد يمكن أن يكون مفيداً قبيل إعادة التفاوض على شروط الصفقات العام المقبل». وأوضحت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، فى تقرير لها، أن إنتاج روسيا من البترول خلال عام 2015 وصل إلى المستويات القياسية التى سجلتها البلاد فى حقبة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، رغم انخفاض أسعار البترول بما يزيد على النصف منذ صيف 2014.
وترسل روسيا أيضاً مزيداً من البترول الخام إلى آسيا عبر خط أنابيب شرق سيبيريا فى المحيط الهاديء، الأمر الذى زاد من المنافسة فى تلك الأسواق. وستزيد إيران حدة المنافسة العام المقبل، فى ظل سعيها لاستعادة عملائها الذين خسرتهم بعد إبرام الاتفاقية النووية مع قوى العالم، والتى سيُرفع بمقتضاها العقوبات.
وقال روكنودين جافادي، العضو المنتدب فى شركة البترول الإيرانية القومية، إنه بمجرد رفع العقوبات، فإن إيران تستطيع تصدير نحو 500.000 برميل يومياً فى أسبوع ومليون برميل يومياً فى غضون 6 أشهر.
وقبل أن يمنع الاتحاد الأوروبى أعضاءه من شراء البترول الإيرانى فى عام 2012، كانت واردات المنطقة من دول الشرق الأوسط أقل من 600.000 برميل يومياً، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
وعادت يوجين لينديل، المحلل لدى شركة «كيه بى سي»، لتقول إن السعودية تستعد لديناميكيات السوق العام المقبل، والمرجح أن تكون أكثر تحدياً. فمن المحتمل أن يستمر العراق، ثانى أكبر منتج فى الأوبك، فى بيع مزيد من البترول الخام إلى أوروبا العام المقبل.
وسجل إنتاج العراق مستوى قياسياً فى يونيو، إذ بلغ 4.4 مليون برميل يومياً. وتم وقف الإنتاج عند 4.3 مليون برميل الشهر الماضي، وفقاً للبيانات التى جمعتها وكالة «بلومبرج».
وأوضحت بيانات وكالة الطاقة الدولية، أن العراق شحن نحو 540.000 برميل يومياً من نفط البصرة الخفيف إلى أوروبا فى الفترة ما بين شهرى يناير ويوليو.
ويعد ازدياد المنافسة بين منتجى البترول نعمة بالنسبة للمستهلكين الأوروبيين.
وقال إحسان الحق، كبير المستشارين فى شركة «كيه بى سي»: «دائماً ما حاولت المصافى البولندية تنويع مصادر البترول، ليس فقط لأنها تعتمد اعتماداً كبيراً على الخام الروسي، بل أيضاً بسبب ضغوطات الحكومة عليها للتنويع».