أسقطت تركيا طائرةً روسيةً بالقرب من الحدود السورية، أول من أمس، قائلةً إنها اخترقت مجالها الجوى، فى حين قال الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، إن الطائرة تمت مهاجمتها عندما كانت داخل سوريا، وحذر من «عواقب وخيمة» لما أطلق عليه «طعنة فى الظهر».
واستعرضت صحيفة «نيويورك تايمز» مجالات التعاون الاقتصادى والتبادل التجارى الرئيسية بين البلدين، والتداعيات المحتملة على العلاقات المشتركة.
السياحة:
وتعد المنتجعات الساحلية فى تركيا من ضمن أشهر الوجهات السياحية للروس، فبالنسبة لتركيا، تعد روسيا ثانى أكبر مصدر للسياح بعد ألمانيا.
ونصح وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، يوم الثلاثاء، الروس بعدم زيارة تركيا، وقال إن خطر الإرهاب هناك لا يقل عن ذلك الموجود فى مصر، حيث كانت قنبلة وراء تحطم طائرة الركاب الروسية الشهر الماضى.
وأوصت وكالة السياحة الروسية بتعليق عروض السياحة إلى تركيا، بعد أن أصبحت أنقرة، التى يستطيع الروس السفر إليها دون تأشيرة، أكثر جاذبيةً للسياح الروس بعد أن علقت موسكو رحلاتها الجوية إلى مصر، وزار نحو 4.4 مليون روسى، تركيا خلال عام 2014.
الغذاء:
لم تتأثر الصادرات التركية من المواد الغذائية حتى الآن بالحظر الذى فرضته موسكو على غالبية الواردات الغذائية الغربية عام 2014، إذ أفادت شركة أبحاث «رينيسانس كابيتال»، بأنه فى عام 2014، بلغت قيمة 4% من الصادرات التركية، التى تضمنت بشكل رئيسى المنسوجات والغذاء، 6 مليارات دولار.
وتراجعت الصادرات التركية إلى روسيا بنحو 40% خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر لتقف عند 2.7 مليار دولار.
المشروعات:
كلفت تركيا شركة «روساتوم» المملوكة للحكومة الروسية فى عام 2013 ببناء 4 مفاعلات نووية بطاقة 1200 ميجاوات بقيمة 20 مليار دولار، بالإضافة إلى مشروع خط أنابيب «تورك ستريم»، كبديل لخط الأنابيب الروسى «ساوث ستريم» لنقل الغاز إلى أوروبا دون المرور على أوكرانيا، وأُلغيت خطة «ساوث سريم» العام الماضى، بعد معارضة المفوضية الأوروبية.
وخفضت شركة «جازبروم» الروسية، مؤخراً، السعة المخطط لها لمشروع خط أنابيب الغاز «تورك ستريم» إلى النصف تقريباً، لتقف عند 32 مليار متر مكعب سنويًا.
السلع والطاقة:
تعد مصر وتركيا مجتمعتين أكبر مشتريتين للقمح الروسى، واشترت تركيا 4.1 مليون طن من القمح الروسى فى العام المالى الماضى، وتعتبر تركيا، أيضاً، أكبر مشترٍ للمنتجات نصف المنتهية من الصلب الروسى.
كما تمد روسيا تركيا بالبترول ومنتجاته، وكانت روسيا أكبر مصدر لتركيا فى عام 2013، وفقاً للسفارة الروسية فى تركيا.
وقال ليام دينينج، فى مقال له بوكالة أنباء «بلومبرج»، إن التأثير الحقيقى لما قامت به تركيا سيكون ملموساً فى سوق الطاقة، ولا سيما الغاز الطبيعى، إذ تعد تركيا ثانى أكبر مشترٍ للغاز الطبيعى الروسى بعد ألمانيا، وتضاعفت تقريباً مبيعات شركة «جازبروم» خلال العقد الماضى، وتلبى حالياً 57% من احتياجات البلاد، فى حين تشكل 17% من مبيعات الشركة من الغاز خارج دول الاتحاد السوفيتى السابق.
ومن المتوقع أن يرتفع طلب تركيا السنوى على الغاز بنحو الثلث خلال العقد المقبل ليبلغ 2.3 تريليون قدم مكعبة، وذلك وفقاً للدراسة التى أصدرها «معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة» العام الماضى.
ويبدو أن روسيا وأذربيجان هما المصدران المنطقيان لهذه الزيادة، وتم البدء بالفعل فى بناء خط أنابيب غاز لزيادة الاستيراد من الدولتين.
وأضاف دينينج أن سوريا ربما تكون جبهة واحدة فقط فى صراع متعدد الجبهات بين الدول التى تعتمد على الموارد الطبيعية، مثل روسيا، للحفاظ على وضعها فى أسواق البترول والغاز.
وظهرت أسواق الطاقة فجأة كأسواق للتنافس الفعلى عما كانت فى السنوات القليلة الماضية، نظراً لتخمة الإمدادات على الساحة، وتعد الدراما الجيوسياسية هى العامل الأكثر تأثيراً على سوق الطاقة من النزاع على الحدود التركية.
وتعد حاجة تركيا إلى تحقيق التوازن بين الاعتماد على الغاز الروسى والعلاقات الدبلوماسية المتدهورة بمثابة تذكير بأهمية تنويع خيارات الإمدادات، فأنقرة، مثل العديد من دول أوروبا، لا تستفيد على نحو كامل بقدرتها الحالية على استيراد الغاز الطبيعى المسال، إذ إنها استخدمت أقل من 60% من قدرتها العام الماضى، وتستطيع استيراد المزيد وبناء محطات جديدة.