التكنولوجيا تحول دون القبض على التجار والوسطاء.. والخبراء فى انتظار تشريع دولى
“عمر”: إنشاء قاعدة بيانات للآثار بداية القضاء على تداولها
“عبدالمنعم”: تتبع أصحاب الصفحات و”الجروبات” صعب لإخفائهم الـ”ip”
“إنزل يا محمد.. لقينا قطعة أثرية ومحتاجين نبيعها”
رسالة SMS، وصلت تقريباً خلال السنوات الماضية لجميع مستخدمى المحمول فى مصر، للبحث عن راغبى الثراء من تجارة الآثار، ومع التطور التكنولوجى وزيادة انتشار وسائل التواصل الاجتماعى انتقلت هذه الرسائل الساذجة إلى “فيس بوك”، إذ انتشرت مؤخراً صفحات و”جروبات” ينشر فيها الأعضاء، صوراً وفيديوهات لقطع أثرية قديمة ربما تكون مسروقة من المتاحف أو تم اكتشافها فى مقابر جديدة، كما يزعم بعض أعضاء هذه الصفحات، وربما أيضاً تكون مزيفة.
ويقوم الأعضاء من خلال هذا الجروبات، بالاتفاق على أماكن للقاء، مع وجود خبير آثار للكشف على القطعة المراد بيعها، والتحقق من أثريتها، رغم أن هذه التجارة مخالفة للقانون.
وكشف خبراء بتكنولوجيا المعلومات أن أصحاب هذه الصفحات عادة مايقومون بتشفير الـ”ip” الخاص بتعريف أجهزتهم، الأمر الذى يصعب الوصول إليهم بالطرق التقليدية، آملين فى البحث عن تكنولوجيا حديثة للقضاء على التجارة الإلكترونية غير المشروعة فى الآثار، حفاظاً على ثروة الوطن من الآثار القديمة وتاريخ البلاد من الانهيار.
ومن أبرز صفحات “فيس بوك” التى تعرض بيع وشراء الآثار، صفحة “بيع وشراء آثار فرعونية دون وسيط”، وتضم نحو 2298 عضواً، يتداولون الصور والفيديوهات وتفاصيل اتفاقيات البيع عبر الصفحة.
وتوجد صفحة أخرى أطلق عليها مؤسسوها “معاً لبيع آثار مصر”، بجانب “جروب” آخر متخصص فى “شراء الآثار الفرعونية والزئبق المصنع والروحانى وعدة الكاهن والآثار الرومانية”، ويتكون من 1290 عضواً.
أيضا يوجد “جروب” ثالث يضم حسب وصفه “نخبة خبراء الآثار والشراء فى الوطن العربى”، إذ يبلغ عدد المشتركين به نحو 2.094 عضو، بالإضافة إلى صفحة عنوانها: “تجارة آثار بيع وشراء”، ويصل عدد أعضائها إلى 2830 عضواً.
وتوجد صفحات أخرى مغلقة منها “تجارة الآثار بمصر”، بالإضافة إلى “جروب بيع وشراء آثار فرعونية للجادين فقط” وهو “جروب” مغلق ويتكون من 1810 أعضاء.
من جانبه، قال المهندس محمد عمر، نائب رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات، رئيس شركة “النيل لتكنولوجيا ونشر المعلومات”، إن أول خطوة يجب أن تقوم بها الدولة للحفاظ على الآثار، هى إنشاء قاعدة بيانات لجميع القطع الأثرية الموجودة بالمتاحف، وجميع القطع التى تم اكتشافها مؤخراً لتجفيف التجارة غير المشروعة من المنبع.
وأضاف: “لابد من استخدام تكنولوجيا تقوم بتتبع القطع المسروقة للوصول لتجار الآثار سواء الذين يمارسون هذه التجارة فى الواقع الفعلى أو فى العالم الافتراضى الذى يتمثل فى شبكات التواصل الاجتماعى خصوصاً “فيس بوك” و”تويتر” و”واتس اب”.
أوضح أنه يصعب على الدولة تتبع هذه الصفحات من خلال “ip” الجهاز لان مستخدميها محترفين فى تشفير جميع معلومات أجهزتهم، كما أن البعض يدخل على هذه الصفحات من خلال “مراكز تقديم خدمات الإنترنت”، مما يصعب على الجهات الرقابية ومنها “شرطة الإنترنت” تحديدهم.
وآخرون يسجلون دخولهم على هذه الصفحات من “الموبايل”، ثم يسحبون شريحة التليفون حتى لا يتم الوصول إليهم وتتبعهم، مؤكداً أن مرتكبى الجرائم الإلكترونية محترفون فى هذه الأعمال الإجرامية دون أن يستطيع أحد الوصول إليهم.
من ناحيته، قال المهندس عادل عبدالمنعم رئيس مجموعة تأمين المعلومات بغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات، إن وسائل التواصل الاجتماعى و”فيس بوك” على وجه الخصوص، أصبحت أداة لممارسة أنشطة خارجة عن القانون لعدم وجود ضوابط وتشريعات تحكم وتعاقب من يقومون بهذه الأعمال الإجرامية.
أضاف عبدالمنعم، أن تجارة الآثار عبر “فيس بوك” جريمة تؤدى إلى جرائم أخرى منها النصب والقتل وغيرها، مشدداً على ضرورة أن يكون للدولة دور فى الحد من هذه الجرائم عبر وضع تشريعات وقوانين رادعة ضد مرتكبى هذه الأعمال.
وطالب برفع مستوى الوعى التكنولوجى للتمكن من حماية الدولة من أعمال السرقة والنصب والتجارة غير المشروعة عبر العالم الافتراضى “السوشيال ميديا”.
ولفت إلى ضرورة اهتمام الدولة بوضع آليات لتتبع الصفحات الخارجة عن الإطار القانونى للدولة، والتى تشجع على تداول وبيع الآثار أو الأعضاء البشرية أو السلاح وغيرها باعتبارها صفحات مشجعة على ارتكاب الجرائم.
وأوضح أن هذه الآليات والرقابة على الصفحات ليست لها علاقة بحرية الرأى والتعبير، كما يزعم البعض، بل لها علاقة بحماية الوطن من النصب والاحتيال والاحتفاظ بآثاره وتاريخه العريق – على حد تعبيره.
وكشف عبدالمنعم، أن أصحاب الصفحات التى تدعى أو تعمل على نشر ثقافة او تداول منتج مثل الآثار أو السلاح أو حتى الأعضاء البشرية، عادة مايكونوا محترفين فى إخفاء الـ”Ip” الخاص بأجهزتهم حتى لا يتمكن أحد من معرفتهم، ومن الممكن أن يكون صاحب هذا الجهاز فى الجيزة، ويقوم بتشفير جهازه أو تزييف الـ”Ip” ليظهر بأنه فى فرنسا على سبيل المثال.
وطلب عبدالمنعم بإقرار تشريعات تفرض عقوبات على أصحاب الصفحات الوهمية التى تنشر ثقافة بيع وشراء تاريخ الوطن (القطع الأثرية القديمة)، مقترحاً ألا تقل العقوبة عن 25 سنة وتصل للإعدام حسب نوع الجريمة، حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
وأكد أن العالم الافتراضى الذى يتم تشكيله عبر وسائل التواصل الاجتماعى والذى يبنى على بيانات وهمية ليس لها أساس من الصحة فى أغلب الأوقات، يغرى من يتعامل معه بابتكار مزيد من الأعمال الإجرامية لاعتقاده أنه لن يصل إليه أحد.
وتوقع حال فرض قوانين، ووجود تعاون من جانب شركات “السوشيال ميديا” سواء عن طريق حجب الصفحات الخارجة عن القانون أو إمداد الدولة بمعلومات عنها، أن يقل ظهور هذه الصفحات وتداول الصفقات الضارة بالوطن بنسبة تصل إلى 50%.
فى السياق ذاته، قال المهندس طلعت عمر، خبير الاتصالات، إن شبكات التواصل الاجتماعى تتيح للأشخاص فعل أى شئ، سواء مشروع أو غير مشروع، وارتكاب جرائم غير مألوفة.
وأكد ان السبب الأساسى فى ذلك هو عدم وجود تشريع يجرم إنشاء أى صفحات تعمل على نشر الأعمال غير المشروعة – حسب قوله.
شدد على ضرورة أن يكون للدولة دور فى القضاء على هذه الصفحات التى تضر بأمن ومصلحة الوطن من خلال وضع مظلة من التشريعات توضح وتحدد أنواع الجرائم الإلكترونية من ضمنها تجارة الآثار عبر صفحات السوشيال ميديا، بالإضافة إلى العقوبات التى تفرض على مرتكبيها.
أضاف عمر: “لابد أن يكون للدولة دور رقابى ومتابعة صفحات فيس بوك وتويتر وغيرهما على شبكات التواصل الاجتماعى، لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أى صفحات إرهابية أو تداول منتجات بطرق إجرامية تهدد الوطن ومنها بيع السلاح والآثار والمخدرات وغيرها”.
وقال إن جرائم الإنترنت أصبحت فى جميع المجالات ذات صفة دولية وعابرة للحدود، الأمر الذى يتطلب من الدولة مخاطبة الأمم المتحدة لسن تشريعات عالمية تحفظ وتصون الأمن بشكل دولى.
وأوضح عمر، أنه فى ظل التطور التكنولوجى والكم الهائل من المعلومات الذى يتم تداوله عبر صفحات الإنترنت لا يوجد تشريع أو قانون دولى يحدد أنواع الجرائم ويلزم الدول باتباع سياسات معينة ومعاقبة الخارجين عنها.
وأكد أن هذه الصفحات، تعمل على زيادة أعمال السرقة والجرائم التى قد تصل إلى القتل حال إتمام عملية البيع والشراء بين المجرمين والأشخاص الذين عادة ما يكونوا ضحايا لأعمال النصب والاحتيال.
ولفت طلعت، إلى أن شركات الإنترنت هى الوحيدة التى تستطيع الحصول على معلومات عن أصحاب هذه الصفحات والتحكم فيها من خلال الحجب أو المتابعة، مشيراً إلى أن أصحاب هذه “الأكونتات” عادة ما يكونوا خارج البلاد، مما يستلزم وجود قانون دولى يإلزام جميع الدول بالتعاون ضد مرتكبى هذه الجرائم، وتسليمهم للدول التابعين لها.








