يعد محمود ألداس، 29 عاماً، أحد اللاجئين السوريين المحظوظين، الذين حصلوا على فرصة للعمل كمطور برمجيات فى هامبورج – وهى الأولى منذ أن غادر دمشق فى رحلة شاقة للغرب قبل 21 شهرًا.
وجاءه هذا العرض من “ديببلو نتوركز”، وكالة إعلان محلية، بعد فترة تدريب لمدة ثلاثة أشهر، وكان ينتابه شعورًا بالراحة بعد العودة إلى العمل مرة أخرى فى وظيفة تناسبه، حيث كان يدير شركته الخاصة لتصميم مواقع الإنترنت فى دمشق، ويقول: “شعرت وكأنى عدت مرة أخرى لعملى السابق”.
ويخشى يورجن جالينسين، مسئول قسم الخدمات الاجتماعية فى هامبورج، قائلا، إنه ما لم يتوفر فرص عمل مناسبة، فإن كثيرا من المهاجرين سوف ينتهى بهم المطاف فى صفوف العاطلين عن العمل لأجل طويل، وهو ما يعد كارثة.
وقالت صحيفة “فايناشيال تايمز”: إن ألمانيا استقبلت أكثر من مليون لاجئ فى العام الماضى، وهى تدفقات يمكن أن تغير أكبر اقتصاد فى أوروبا، وكان هناك اعتقاد، فى البداية، بأن هذه التدفقات ستخدم بلد يعانى من شيخوخة السكان وسوق العمل المزدهر بها الذى فى حاجة ماسة للمزيد من العمالة.
ولكن مع استمرار أعداد المهاجرين فى الارتفاع، وصلت الخدمات الاجتماعية فى ألمانيا إلى حد الانفجار، واكتظت المدارس بالطلاب، وامتلأت مدن الخيام المقامة حديثًا بأسرع وقت، وتراكمت طلبات اللجوء نتيجة نقص أعداد الموظفين، وثُبت أنه من الصعب بما فيه الكفاية تسجيل قادمين جدد، ناهيك عن توفير فرص عمل لهم جميعًا.
ويقول يان لادندروف، وهو عامل ميناء فى هامبورج، الذى تطوع لمساعدة الوافدين الجدد لاجتياز الإجراءات البيروقراطية المحلية، إن السلطات لا يمكنها مواكبة الأمر، ويستشهد بحالة “ألداس”، حيث أوضح أن طلب اللجوء الخاص به لا يزال يجرى العمل عليه، على الرغم من أنه كان فى ألمانيا لمدة 14 شهرًا، وقال ألداس إنه يجد الإجراءات “مرهقة”.
ويؤكد جالينسين أن العمل فى فترة ما بعد الحرب، فترة السبيعينيات، كان لا يتطلب مهارات عالية، وإنما “عضلات قوية ولغة أقل، وفى هذه الأيام، ليس هناك احتياج للعضلات، ولكن يجب عليك أن تكون قادرًا على تحدث الألمانية”.
وأضافت الصحيفة أن عددا قليلا جدًا من اللاجئين القادمين إلى ألمانيا الآن يستطيعون التحدث بالألمانية، وأظهر استطلاع أجرته وكالة العمل الاتحادية فى أكتوبر الماضى، أن 81% من هؤلاء اللاجئين لا يتمتعون بمؤهلات مهنية أو حتى شهادة دبلوم المدارس الثانوية أو على الأقل لا يوجد لديهم دليل يثبت ذلك.
وفى الوقت نفسه، تعمل ألمانيا على تطوير طرق جديدة لحصول المهاجرين على وظائف بأسرع وقت ممكن، وكان محظورًا، فى السابق، على طالبى اللجوء العمل خلال الأشهر التسعة الأولى من إقامتهم فى البلاد، وفى عام 2014 خفضت تلك الفترة إلى ثلاثة أشهر.
إن السلطات الألمانية حريصة على إلحاق اللاجئين السوريين والعراقيين بدورات حتى يتمكنوا من تحسين فرصهم فى العمل على المدى الطويل، ولكن الكثير من المهاجرين لا يرون ذلك كخيار، وفقا لسونك فوك، رئيس فرع وكالة العمل الاتحادية فى هامبورج.
ويضيف أن بعض اللاجئيين مثقل بالديون، وأنهم يشعرون بالمسئولية عن الأسر التى تركوها وراءهم فى بلادهم ويريدون كسب المال بسرعة، وتستمر الدورات التدريبية الخاصة بالعمل فى ألمانيا عادة ثلاثة أعوام، ويعتبر هذا الأمر من وجهة نظر اللاجئ البالغ من العمر 20 عامًا زمنًا طويلاً.








