127 ألف سلالة مقاومة للتغيرات المناخية فى بنك دولى بالفلبين
%37 من مساحة زراعة الأرز فى دول جنوب آسيا
تعد الأمطار الموسمية ضرورية لزراعة الأرز فى الهند، ولكن عدم انتظامها يؤثر على الإنتاج.
يعيش نصف سكان العالم، ومعظمهم فى آسيا على الأرز كغذاء أساسى فى وجباتهم، وقد يصل الأمر فى بعض البلدان إلى أنه طعام أساسى فى ثلاث وجبات يومياً.
ولكن بالمقارنة مع غيره من الحبوب الغذائية، فإن الإنتاج العالمى من الأرز دائماً متوازن نسبياً مع الطلب فى ظل وجود فائض ضئيل متداول فى السوق، لكن تغير أنماط الطقس الآسيوى وخاصة توزيع الأمطار الموسمية التى أصبحت غير منتظمة بسبب تغير المناخ بات مصدر قلق لصانعى السياسات بشأن استقرار إنتاج الأرز العالمى، وتأثير ذلك على مستوى المعيشة على المدى الطويل لمزارعى الأرز، فضلاً عن المستهلكين.
ويعمل باحثو المعهد الدولى لبحوث الأرز (IRRI)، ومقره الفلبين، على تطوير بذور لأصناف جديدة من الأرز من شأنها أن تكون قادرةً على مقاومة هذا النوع من الضغوط المناخية، مثل الفيضانات والجفاف وملوحة التربة، التى من المتوقع أن تتفاقم بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأشارت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إلى أن سلالات الأرز المقاومة للفيضانات التى ابتكرها المعهد بدأت فى أواخر السبعينيات كان لها الفضل فى قدرة ملايين المزارعين فى الهند وبنجلاديش ونيبال على زراعة أصناف الأرز التى يمكنها، حالياً، البقاء على قيد الحياة رغم غمرها بمياه الفيضانات لمدة تتراوح بين 14 و20 يوماً، بدلاً من أصناف أخرى عالية الإنتاجية سوف يتم تدميرها بعد 4 أو 5 أيام تحت المياه.
لكن جهود الباحثين تنصب الآن على إيجاد سلالات أكثر قدرة على تحمل الجفاف، والتى يمكن أن تكون متاحةً للمزارعين فى غضون بضع سنوات.
وتحتل دول جنوب آسيا 37% من مساحة زراعة الأرز فى العالم، لكنها معرضة لمزيج من المشكلات من الفيضانات والجفاف والملوحة.
ففى الوقت الذى تعانى فيه فيضانات متكررة على نحو متفاقم، تتزايد فترات الجفاف الشديد خلال فترات الرياح الموسمية حيث تمر مدة طويلة دون أمطار.
وشهدت الدول المستهلكة للأرز تأثير اضطرابات فى المعروض العالمى من الأرز فى عام 2008، حيث قفز السعر 300%، من 300 دولار إلى 1200 دولار للطن فى أربعة أشهر.
وتقوم خطة المعهد الفلبينى على تطوير أنواع من الأرز تتكيف مع الأحوال الجوية المتطرفة عبر بنك بذور من مختلف الأنحاء يضم 127 ألف صنف من السلالات، فضلاً عن الأرز البرى الذى تم جمعه من جميع أنحاء العالم.
وفقد المزارعون الثقة فى العديد من الأصناف التقليدية؛ بسبب العائدات المنخفضة أو سوء نوعية الحبوب، ولكن بعد تعديلها على مدى قرون فى مختلف الظروف المناخية، تطور بعضها ليكون قادراً على تحمل الضغوط المناخية المحلية.
ويضيف عبدالباقى إسماعيل، رئيس مشروع بنك البذور بالمعهد الفلبينى، أن هذه السلالات تعتبر كنزاً جرى جمعه من جميع أنحاء العالم، مضيفاً أن لديه كافة الأنواع وجميع الصفات التى يبحث عنها مزارعو الأرز.
وأنفق العلماء عقوداً طويلة فى البحث عن أصناف الأرز التى يمكن أن تجمع بين الجينات المطلوبة لتحمل الفيضانات مع تلك الأخرى التى تقدم غلة عالية والتى أنتجت خلال الثورة الخضراء فى الستينيات التى ركزت على القمح والأرز فى شمال الهند.
وفى عام 2002، نجح الباحثون فى تحديد الجين الدقيق فى الأرز المزروع شرق الهند، وسمح له بالبقاء على قيد الحياة رغم غمره لمدة تصل إلى 20 يوماً بالمياه.
وبحلول عام 2006 تمكن باحثو معهد الفلبين فى الجمع بين هذا الجين مع نوع آخر له شعبية؛ نظراً إلى غلته العالية، وقدمت 200 جرام من البذور لمعهد بحوث الأرز التابع للحكومة الهندية. وبحلول عام 2013، كان 5 ملايين مزارع هندى لديهم بعض الحقول المزروعة بهذا الأرز الذى يتحمل الفيضانات بمساحة وصلت إلى نحو 5 ملايين فدان.
يقوم المعهد الآن باستخدام أساليب مماثلة فى جهوده لتطوير سلالات من الأرز المقاوم للجفاف، وقد تسارعت هذه الجهود عن طريق التطورات الأخيرة فى رسم الخرائط الوراثية.
ولا يعتبر تحدى تنويع سلالات الأرز شأناً علمياً فقط، بل أيضا سياسياً ولوجستياً، ويجب على الحكومات فى جنوب آسيا أن تنتج أصنافاً جديدة من البذور، ومن ثم توزيعها على المزارعين، الذين يجب بدورهم أن يكونوا على علم بفوائدها وطرق الزراعة الصحيحة لها.
وتعمل الحكومات الإقليمية على أنواع جديدة من البذور التى أنتجها معهد الفلبين، وتخضع لإجراء اختبارات إضافية قبل الموافقة عليها للاستخدام من قبل مزارعيها، لكن بهدف الحد من فترة الاختبار اتفقت الهند عام 2014 مع حكومتى نيبال وبنجلاديش على أن أصناف البذور المعتمدة للاستخدام فى بلد واحد ستتم الموافقة عليها تلقائياً للاستخدام فى البلدين الآخرين.








