تناول مقال فى صحيفة ناشونال الإماراتية ما اعتبرها الكاتب ست أفكار خاطئة مترسخة فى عقلية من يديرون الاقتصاد المصرى.
المقال الذى كتبه باتريك وير، الذى عمل فى مصر ككاتب متخصص فى التمويل لمدة 25 سنة، يشير إلى نتيجة ترسخ هذه الأفكار الست، وهى أن البلاد ظلت كما هى تراقب فحسب اقتصادات دول أخرى مماثلة تقفز إلى الأمام، بينما لا تزال هى فى نفس المكان.
والأفكار الخاطئة لدى المصريين عن الاقتصاد من وجهة نظر الكاتب تتمثل فى أن قوة العملة تعنى قوة الدولة، لكن الوضع الراهن مغاير تماماً، ويعتبر تضخم قيمة الجنيه العامل الرئيسى الوحيد لإضعاف الاقتصاد.
وقال الكاتب، إن الحكومة المصرية طالما قالت باستمرار، إنه لا يمكنها خفض قيمة الجنيه؛ لأن ذلك من شأنه أن يجعل الواردات أكثر تكلفة، ويشعل فتيل التضخم المحلى ويضر بالفقراء. فماذا تفعل؟
وبدأت فى حظر الواردات، ومن المعلوم أنه إذا لم تؤد القيود المفروضة على الاستيراد لدفع الأسعار إلى أعلى، فلن يدفعها أى عامل آخر.
وعلاوة على ذلك، وانطلاقاً من كون قيمة الجنيه المصرى مبالغاً فيها، فإن الأجانب لا يرغبون فى شراء السلع المصرية، وهو ما يعنى صادرات أقل.
وهذا بدوره يقود لتواجد عملة صعبة أقل من الدولارات الأمريكية، وبالتالى، أيضاً، واردات أقل. وعلى الجانب الآخر، يدرك المستثمرون، فى الوقت نفسه، أن مصر فى نهاية المطاف لن يكون أمامها خيار سوى خفض قيمة الجنيه، ولذلك يفضل هؤلاء المستثمرون البقاء بعيداً عن السوق المصري.
بالإضافة إلى أن المستثمرين يخشون أن البنوك المصرية ليس لديها ما يكفى من الدولارات عندما يحين الوقت لإرسال أرباحهم إلى أوطانهم.
وقال الكاتب، إن مصر أنفقت أو حتى اقترضت عشرات المليارات من الدولارات لدعم الجنيه فى السنوات الخمس الماضية. على ماذا؟ وفى النهاية، فإنه سيتم خفض قيمة الجنيه على أى حال.
ومن الأوهام الأخرى وفقاً للكاتب إمكانية تحويل الصحراء الشاسعة إلى أراضٍ زراعية، وهو ما اعتبره الكاتب غير قابل للتحقق إلا إذا حدثت قفزة غير عادية فى تكنولوجيا تحلية المياه، لأنه ليس هناك ما يكفى من المياه للتوسع الهائل فى الأراضى الزراعية داخل مصر، حتى مع وجود الخزان الجوفى النوبي.
أضاف أنه سيتم استصلاح بضعة أجزاء وقطع هنا وهناك، ولكن سيبقى جزء رئيسي من البلاد صحراء جرداء، وسيبقى السكان ثابتى الحركة فى أو بالقرب من وادى النيل.
واعتبر الكاتب، أن الإصرار على زراعة مصر لاحتياجاتها من القمح من بين الأفكار المصرية الخاطئة، مضيفاً أنه لا معنى لهذا على الإطلاق اقتصادياً.
وقال إن الحكومة تدفع للمزارعين المحليين ثمناً أعلى من الأسعار العالمية لمحصول القمح، لدرجة أن المهربين يستقدمون القمح من الخارج بطرق ملتوية وتصويره على أنه قمح محلى لبيعه بالسعر الرسمي، وهو ما يستنزف أموالاً طائلة، وما زالت مصر تعتمد على القمح الأجنبى أكثر من أى وقت مضى، وتجدر الإشارة إلى أن القمح ينمو بشكل أفضل فى المناطق المعتدلة مثل السهول العظمى من أمريكا الشمالية وروسيا وأوكرانيا والأرجنتين.
وقال «وير»، إن كل هكتار مزروع من القمح يعنى تقليص المساحة المنزرعة لمحاصيل أخرى يمكن أن تدر المزيد من الأموال للبلاد، بدلاً من شراء القمح الأجنبى الرخيص، واستغلال أشعة الشمس الوافرة والمناخ الحار والعمالة الرخيصة وشبكة الرى الجيدة لإنتاج محاصل أكثر ربحية مثل الأفوكادو، والبرتقال أو غيرهما من المحاصيل النقدية للتصدير، وإذا كان يمكن أن تجنى زراعة القمح أرباحاً، فلنسمح للسوق أن يقرر فى النهاية.
واحدة من النقاط المثيرة للجدل والتى انتقدها «وير» تتمثل فى اعتقاد الحكومة أنها بحاجة لبناء المزيد من المساكن لتلبية الطلب المتزايد.
وقال إن مشروعات الإسكان العام ظلت غير عملية منذ فترة طويلة فى مصر، فالحكومة تبنى شققاً بأسعار باهظة فى أماكن لا أحد يريد العيش فيها، وهذا من شأنه أن يبين بوضوح ضرورة تمديد خطوط المترو والسكك الحديدية وغيرهما من البنى التحتية فى الصحراء، وبيع قطع الأراضى للناس حتى يتمكنوا من بناء المساكن على أذواقهم الخاصة.
وستكسب الحكومة المزيد من الأموال من بيع الأراضي، ثم إعادة استثمار العائدات فى المزيد من البنية التحتية.
وقال متندراً، إن الجانب السلبى لتوقف الحكومة عن بناء المساكن يكمن فى أنه لن يكون لدى السياسيين شقق رخيصة لتوزيعها على ناخبيهم.
وإحدى الأفكار التى انتقدها «وير» تمثل فى الحقيقة سباحة ضد تيار جارف يجتاح البلاد منذ عامين، ويتمثل فى أن البلاد بحاجة لمشروعات عملاقة لدفع الاقتصاد.
وقال «وير» إن هناك عدداً قليلاً من المشروعات التى يمكن أن تحقق المعجزات، ولكن معظمها ببساطة يبدد الموارد، فالعاصمة الجديدة، والمليون وحدة سكنية الجديدة، واستصلاح مليون فدان، ومحطة للطاقة النووية والمتحف المصرى الكبير الجديد لن تساعد الاقتصاد.
ومن وجهة نظره، فإن الجيد منها هو مشروع توسيع ممر قناة السويس والتوسع السريع فى محطات توليد الكهرباء، ولو أنه تتم إضافة، أيضاً، التوسع الهائل فى خطوط المترو والسكك الحديدية الخفيفة إلى تلك المشروعات.
وانتقد «وير» إحدى الأفكار القديمة التى تناقشها الحكومات منذ عشرات السنين دون تنفيذها، وهى أن المكاتب الحكومية من وسط العاصمة لتخفيف الازدحام المروري.
وقال إن هذا النقل قد يؤدى إلى عكس ما تريده الحكومة، فإذا تم نقل وزارة ما إلى مشارف العاصمة، فهذا يعنى أن عشرات الآلاف من الموظفين والمواطنين الذين يحتاجون إلى خدمات سيكون عليهم السفر بعيداً، وهو ما يعنى المزيد من السيارات والحافلات فى شوارع العاصمة.
وقال إذا كنت ترغب فى تخفيف حدة الازدحام، فإن محاولات تبسيط الإجراءات الحكومية والتحول الرقمى لن تجبر الكثيرين على تحمل عبء السفر.








