توجيه الطلاب إلى التعليم المهنى وراء تراجع البطالة فى ألمانيا
توثيق العلاقات بين الحكومات والشركات ضرورة لتوفير التدريب
كان جاسشار دوكار يقف فى حفل موسيقى أوبرا إلى، حيث يعمل كهربائياً لحل المشكلات التى ستواجه المسئولين عن الحفل فى النمسا فى مهرجان سالزبورج فهو ليس من جمهور الأوبرا بطبيعة الحال.
لكن حياته المهنية بدأت فى مدرسة مهنية وعمره 18 عاماً تطبق المنهج النظرى بجانب التطبيق العملى لإصلاح ماكينات مثل غسالة الأطباق أو فرن كهربائى، ومن بين التدريب، العمل على نموذج خط إنتاج بينما يقوم آخرون بتخيل التحكم فى «مبنى ذكى» وهمى.
تمتلك المدارس المهنية فى ألمانيا والنمسا سمعة طيبة، لسبب وجيه هو أن القائمين عليها يدركون أنه لا يمكن لكل شاب وشابه الاستفادة من التعليم الأكاديمى البحت، وبحسب المجلة فإن البطالة فى البلدين نصف المتوسط فى منطقة اليورو المتعثرة حالياً.
ففى قرى كثيرة فى الهند مثلاً تمر خمس سنوات دون أن يتمكن التلميذ فى الغالب من قراءة قصة بسيطة وكثير منهم لا يمكن التعرف على الحروف الأبجدية.
ويشكو الأباء بأن المدرسة لم تحول التلاميذ إلى مدارس مهنية بدلاً من الوصول إلى سن 13 عاماً دون تعلم شىء ولو حتى حرفة.
وبحسب خبراء أمريكيين فإن المدارس الهندية لا تخضع لأى مساءلة حتى أنه بعد 8 سنوات من الدراسة، 60% من الأطفال الهنود لا يمكنهم استخدام مسطرة لقياس وقلم رصاص.
لكن الخبر السار، أن جميع البلدان، الغنية أو الفقيرة، سواء ديمقراطية أو استبدادية، جعلت فى اولوياتها خلال العقود الأخيرة هى حصول الشباب على التعليم الجيد.
فى عام 1950 كان البالغون عند عمر 15 عاماً يتلقون متوسط ثلاث سنوات فقط من التعليم، وبحلول عام 2010 ارتفع الرقم إلى 8 أعوام، وفى البلدان الغنية صعد من 6 إلى 11 عاماً خلال تلك الفترة، وقفزت فى الدول الفقيرة من عامين إلى 7.
ولم تعد الجامعة للأثرياء فقط فعبرت الطبقة الوسطى إليها، حيث 41% من الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً فى الدول الغنية لديها الآن نصيب من التعليم العالى فى 2016، ارتفاعاً من 26% فى عام 2000، والدول النامية تسير فى الركب بسرعة.
الأخبار السيئة هى أن الكثير من الناس لا يحقق تحصيل علمى مناسب وفى معظم البلدان النامية تشير مؤشرات التصنيف إلى أن أكثر من نصف الطلاب لا يحقق الكفاءات الأساسية جداً فى الرياضيات فضلاً عن ضعف مستوى القراءة.
وعادة يفشل أولئك الذين لا يستطيعون القراءة أو التعامل مع الأرقام فى تحقيق مستوى دخل جيد.
فبحسب دراسة لروبرت بارو من جامعة هارفارد وجونج وا لى من جامعة كوريا فإن المتوسط العالمى لأجور الذين أكملوا المدرسة الثانوية أعلى حوالى 77% من الأشخاص الذين تلقوا التعليم الابتدائى فقط، وخريجى الجامعات يتفوقون عليهم 240%.
وتشير الدراسات إلى أن الدول الغنية ضاعفت ثلاث مرات الإنفاق على المدارس منذ حوالى عام 1970، دون تأثير يذكر وتنفق أمريكا ضعفى بولندا، لكن تقييم التحصيل الدراسى لطلاب متوسط أعمارهم 15 عاماً فى البلدين يعطى نتائج مماثلة وتنفق جنوب أفريقيا أكثر من كينيا، ولكن فارق التحصيل بينهما لصالح الثانية بفارق ليس بالقليل.
وأجرت الدول تجارب عدة على انظمة تعليمية، لكن أفضل الأثر كان فى فنلندا حيث خلقت نظاماً يسمح بأن يكون أفضل الأشخاص فى البلاد يذهبون إلى مهنة المعلمين وكذلك فى الولايات المتحدة تعطى دورات تدريبية للأشخاص أصحاب المواهب فى التعامل مع الأطفال للالتحاق بالمدارس للعمل كمدرسين.
وبحسب الخبراء فأن كل اسلوب تعليم فى بلد لا يمكن نسخه تماماً لبلد آخر، كما أن التعليم المهنى يحتاج لعلاقات وثيقة مع بين الحكومات والشركات والنقابات.