محللون: تحديات اجتماعية وسياسية تعوق اتجاه الحصول على القرض
الاقتراض الحل الوحيد للخروج من الأزمة
جددت حدة أزمة الدولار التساؤلات عن إمكانية اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي للتخفيف من الآثار السلبية لنقص موارد الدوله من النقد الأجنبى.
وعلى الرغم من اتفاق العديد من الخبراء والمحللين على أهمية السعى للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي وأهميته لثقة المستثمرين والدول الخارجية معاً إلا أن الحكومة نجحت فى تجنب هذه المؤسسة التمويلية المهمة عالمياً حتى الآن.
وأشار المحللون إلى أن هناك إجراءات أقتصادية لابد ان تطبقها الحكومة للحصول على صندوق النقد الدولي وهو ما يتطلب فترات زمنية طويلة، بالإضافة إلى أن هناك شكوكاً تجاه قدرة الاقتصاد والحكومة على تطبيق برنامج إصلاح اقتصادى عنيف.
واستبعد عمرو حسنين، رئيس مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى لجوء الحكومة المصرية للحصول على قرض صندوق النقد الدولي فى الوقت الحالى، مشيراً إلى أن الدولة ما زالت تحتاج تنفيذ برنامج مشروط من الصندوق.
أكد أن السبب الرئيسى فى عدم لجوء الحكومة خلال الفترة الماضية للصندوق يرجع إلى عدم التأكد من القدرة على الالتزام بالبرنامج، الذى من المفترض أن يشترط من خلاله صندوق النقد سياسات معروفه،لافتا إلى ان أهم ملامح هذه السياسات تتمثل فى تخفيض حتمى لقيمة الجنيه واستكمال منظومة تخفيض الدعم وإيجاد حلول بديلة للفئات المهمشة لأنه معروف دولياً أن أى برنامج إصلاحى يتضرر منه الطبقات الأكثر فقراً.
أضاف أن اتباع مصر لبرنامج إصلاح اقتصادى فى التسعينيات فرض عليها إنشاء الصندوق الاجتماعى للتنمية، منوهاً إلى ضرورة تمكين القطاع الخاص للاستثمار فى مصر خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إلغاء البيروقراطية الحكومية وتسهيل عملها من خلال التشريعات المشجعة.
أشار حسنين لـ”البورصة” إلى أن مصر بحاجة إلى تطبيق برنامج إصلاح اقصادى تستعد الحكومة لتنفيذه ومهيأ للرأى العام سواء استعانت بصندوق النقد أو لا، يتمثل أهم ملامحه فى تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومراعاة الطبقات المهمشة.
تابع أن القيود الأخيرة من البنك المركزي للحد من استيراد السلع الترفيهية تعد حلاً لمحاولة الحفاظ على السيولة الدولارية ولا يمتلك المركزي حلولاً أخرى للحفاظ على الاحتياطى النقدى والسعى لرفعه.
أضاف حسنين أن الحل الوحيد للحد من أزمة نقص الدولار من وجهة نظره يتمثل فى الإنتاج للتصدير، لافتاً إلى ان الانتاج تعطل الفترة الماضية نتيجة الإجراءات البيروقراطية التى لم تمكن القطاع الخاص من القيام بعملية الانتاج وعدم قدرة الحكومة المصرية من الإسراع بتمكينه للقيام بعمله.
وسبق لمصر التفاوض مع صندوق النقد الدولي مرتين بعد ثورة يناير 2011، واقتربت فى 2013 من توقيع اتفاقية استعداد ائتمانى مع الصندوق بقيمة 4.2 مليار دولار، قبل أن تتراجع تحت ضغط الأحداث السياسية والاقتصادية المتلاحقة.
وقال فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى و مساعد مدير صندوق النقد الدولي الأسبق إن الحكومة المصرية لن تلجأ إلى صندوق النقد الدولي فى الوقت الحالى لحين عرض برنامجها الإصلاحى على مجلس النواب نهاية فبراير الجارى.
أضاف “الفقى” لـ”البورصة”: أن مصر لا تحتاج إلى قرض صندوق النقد الدولي فى الوقت الحالى خاصة بعد استطاعة الحكومة الحصول على قروض من مؤسسات دولية عديدة منها البنك الدولي وبنك التنمية الافريقى، إلا أنها ستلجأ إليه حال عجز البرنامج الإصلاحى الاقتصادى على جذب الاستثمارات الأجنبية لسد الفجوة التمويلية.
أوضح أنه حال تميز البرنامج الاقتصادى المصري بالشمولية واستمراره لفترة طويلة الأجل ومقبول اجتماعيا فإن الحكومة تضطر إلى اللجوء لصندوق النقد للحصول على مصداقيته بعد مراجعته فنيا من قبله، ما سيساعد على جذب المستثمرين.
أشار إلى أن الركائز الاساسية للبرنامج الاقتصادى تتمثل فى علاج الاختلالات المالية منها عجز الموازنة العامة للدولة والميزان التجارى بجانب تصحيح الهياكل المشوهة منها قطاع الأعمال العام ومنظومة الضرائب والأجور والتعليم العام ومنظومة التقاعد والضمان الاجتماعى، لافتا إلى ضرورة شمول البرنامج على شبكة لحماية الطبقات الهشة.
ووقعت الحكومة على اتفاقية للحصول على قروض بقيمة 3 مليارات دولار نهاية العام الماضى على 3 سنوات، وتضمنت الاتفاق مع البنك برنامج اقتصادى واجتماعى اتفق عليه صندوق النقد الدولي.
واستبعد محلل مالى باحد بنوك الاستثمار لجوء مصر حاليا للاقتراض من صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى أن هناك خطوات عديدة من المطلوب تطبيقها قبل الشروع فى طلب القرض، لافتا إلى ان هناك بعض الأبعاد الاجتماعية والسياسية التى تصعب من قدرة الحكومة على الالتزام بالبرنامج الإصلاحى المطلوب من الصندوق.
وقال إن التمويل الخارجى ودعم الإنتاج وعودة السياحة الحلول الأكثر أولوية فى الوقت الحالى لتوفير الدولار.
وترى عالية المهدى، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن قرض صندوق النقد الدولي أصبح الحل الوحيد أمام الحكومة متوقعة لجوء قريب للحصول علية لتفادى أزمة نقص السيولة الدولارية الموجودة فى السوق.
واضافت أن صندوق النقد سيملى شروطه على مصر خلال فترة الأزمة، مبرراً ذلك بأن مصر فى وضع ضعيف وعليها القبول بالإجراءات الإصلاحية المشروطة.