يصعب وصف كل من الرياض وموسكو بالحليفين، فكلتاهما منخرطة، باعتبارهما أكبر مصدرى البترول عالميًا، فى معركة شرسة على الحصة السوقية العالمية، ناهيك عن كونهما على طرفى النقيض فى الصراع الدموى المحتدم فى سوريا، كما أن محاولاتهما السابقة للتعاون بشأن خفض الانتاج انتهت بحالة من الصدام وعدم الثقة.
ولكن الدولتين اضطرتا معًا، تحت وطأة الواقع الاقتصادى المؤلم وانهيار أسعار الخام، لإبرام اتفاق مبدئى يوم الثلاثاء الماضى لتجميد الإنتاج، وهو الاتفاق الذى دعمته كل من قطر وفنزويلا.
ويأتى إعلان الثلاثاء لإبقاء الإنتاج عند مستويات يناير الماضى باعتباره أول تعاون منذ ما لا يقل عن 14 عامًا، كما أنه يمثل أول محاولة جادة لوقف انخفاض الأسعار بنسبة 70% على مدى الأشهر الـ 18 الماضية.
وقالت، هيلما كروفت، رئيس استراتيجية السلع لدى شركة «آر بى أس» لأسواق رأس المال «إن الاتفاق أول اعتراف علنى من دولتين ذات ثقل بأن أجواء الأسعار ليست على ما يرام».
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» إن الاتفاق بين موسكو والرياض كان بمثابة استجابة الدولتين لانخفاض أسعار البترول، والضغوط على الموازنات، وحالة الفوضى بالشرق الأوسط الذى ترفع فيه المنافسة الإقليمية للسعودية، إيران، صادرات البترول، وتوسع نفوذها فى المنطقة، خاصة فى سوريا والعراق ولبنان.
ومن جانبه قال، ديمترى ترينين، بمركز كارنيجى للسلام، فى موسكو «لم يعد أمام الرياض سوى القيام بمقايضات بعد خروج إيران من نظام العقوبات».
وأضافت الصحيفة أن الإعلان يشير إلى تغيير فى اللهجة إن لم يكن فى السياسة فى ضوء رفض موسكو الحديث عن التعاون مع الأوبك ورفض السعودية أى اقتراح لحد الانتاج من جانبها خلال العام الماضى، وخلال ذلك الوقت أيقنت الرياض أن موسكو بمثابة مفتاح إبرام أى اتفاق لتخفيض الانتاج، بجانب غيرها من المنتجين الكبار مثل إيران والعراق، وربما يمهد الاتفاق الطريق لخفض الانتاج فى المستقبل إذا لزم الأمر، وفقًا لمندوب خليجى رفيع المستوى بالمنظمة.
ولا زال تمثل إيران أكبر نقطة شائكة، خاصة أن كبار المنتجين الآخرين قريبون بالفعل من حفض الانتاج، وانخفضت أسعار البترول مجددًا يوم الثلاثاء الماضى بعد أن ارتفعت فى البداية بعد ورود أنباء بتوصل إلى تفاهم.
ومن الجدير بالذكر، أن موسكو تعانى بالفعل من عقوبات دولية، ومن المتوقع أن تمر بسنة أخرى من الركود بعد انكماش اقتصادها بنسبة 3.7% فى عام 2015، وتواجه السعودية أسوأ توقعات مالية منذ 15 عامًا وسط تراجع أسعار البترول، وهو ما أجبر الحكومة على الإعلان عن ميزانية للتقشف فى ديسمبر الماضى، وخفضت المملكة الإنفاق العام، مما سبب ضغوطا فى القطاع الخاص، وزيادة أسعار الطاقة المحلية.
وتفضل حكومات دول الخليج العربية السنية توثيق علاقاتها بالمصالح الإقليمية الروسية أكثر من إيران، التى يعتبرونها مصدرا طائفيا للخلاف الشيعى فى العالم العربى.
وأضاف ترينين، أن العلاقات بين البلدين مدعومة بمنظور مشترك رغم تعارض موقفها حيال الحرب السورية، ومع كونهما يتسمان بالبراجماتية المتوحشة، هناك حذر من أن هناك حدودًا لأى تعاون، مشيرًا إلى أن «السعوديين هم شركاء يصعب إرضاءهم بالنسبة لموسكو، والعكس بالعكس، وهناك ثقة ضئيلة للغاية بينهما».








