الجمسى: ضعف دراسات أذواق المستهلكين وراء انخفاض الجودة.. والمصريون يفضلون الطازج
صيام: استيراد مكسبات الطعم والرائحة يرفع التكلفة 20%.. ويجب وضع نظام عمل متكامل
السياسات النقدية فى الريف خاطئة.. ويجب إعفاؤهم من الضرائب
%80 من المزارعين يملكون مساحات أقل من 3 أفدنة
يعد قطاع الصناعات الغذائية فى مصر العامل الفاعل الرئيسى فى وضع قيمة مضافة للمنتجات الزراعية بصفة عامة، لكنها تعانى العديد من الصعوبات، التى تجعلها غير مستقرة، ولا تستطيع استغلال المقومات المتاحة فى السوق المصرى بصورة كاملة.
ويمر قطاع “الصناعات الغذائية” بعدة تحديات يأتى على رأسها ضعف الإنتاج الزراعى، وانخفاض جودته، ما يدفع المصنعين إلى الاتجاه لاستيراد المواد الخام اللازمة لاكتمال عملية التصنيع، نظراً لعدم وجودها فى السوق المحلية.
أرجع الدكتور إمام الجمسى، أستاذ الاقتصاد الزراعى، السبب الرئيسى فى تدهور الصناعات الغذائية فى مصر، إلى ندرة الدراسات الاقتصادية من قبل القائمين على الصناعة، لبحث أذواق المستهلكين فى السوقين الداخلية والخارجية.
أوضح الجمسى أن الفئة الأكبر من المستهلكين المصريين لا يرغبون فى استخدام المنتجات الغذائية المُصعنة، ويفضلون المنتج الطازج، مشيراً إلى ضرورة توجيه النسبة الاكبر من المنتجات إلى التصدير.
أضاف الجمسى، أن ارتفاع تكفلة إنتاج الصناعات الغذائية وتضاؤلها فى السوق المحلية لا يجعل المستثمرين يلتفتون إليها، خاصة أن تراخيص إنشاء المشروعات فى مصر تستغرق وقتاً طويلاً، ما يجعلهم يتركون المجال.
وقال الجمسى: إن السياسيات النقدية المتبعة مع الريف المصرى خاطئة ولا يمكن الاعتماد عليها، مشددا على ضرورة وضع خطة تمويلية عبر البنوك لصغار المنتجيين لتقليل مستوى التضخم.
أوضح أن الضرائب المباشرة على الفلاحين أصبح عبئاً ثقيلا جعل فئة كبيرة تتخارج من القطاع وتكتفى بزراعة ما يكفى احتياجاتها لتدنى مستوى الدخول، فضلا عن تراجع مستودى الجودة، مطالباً بضرورة منح إعفاءات ضريبية للمشروعات الريفية واتخاذ الإجراءات التى تهدف لتشجيع الاستثمار الخاص فى الأنشطة غير الزراعية هناك.
وقال جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة ومستشار مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية، إن الصناعات الغذائية تحتاج لخطة متكاملة تضم كل مراحل الإنتاج الزراعى بالكامل.
أوضح صيام، أن استيراد جزء من المواد الخام للصناعة من مكسبات الطعم والرائحة للحفاظ على جودة المنتج نتيجة تدنى جودة الزراعة يرفع من تكلفة الإنتاج %20، وهو ما يجعل تسويقها ضعيف داخلياً وخارجياً.
أشار إلى أن ضعف جودة الإنتاج والقدرة على تسويقه فى فترة قصيرة وضعف وسائل النقل نتيجة تدنى مستوى الطرق يرفع من فاقد المنتجات، حيث تترواح بين 30 و%40، وهو بمثابة صخرة على رأس الاقتصاد الزراعى والصناعى القائم عليه.
وقال صيام: إن السوق المصرية لا تفرز منتجات تُلائم الأسواق المستهدفة، مشيراً إلى أنها تحتاج لخطة ربط بين المزارعين والمصانع عن طريق التعاقدات المُلزمة لتعظيم الإنتاج والوصول للتكامل.
أوضح صيام أن القطاع الزراعى والتصنيعى القائم عليه لم يحقق نمواً يذكر خلال السنوات الأربع الماضية بنسب تُذكر، مشيراً إلى أن إهمال الحكومة ووضع القطاع فى نهاية قائمة الأولويات الاقتصادية جعله يتراجع كثيراً.
وأضاف صيام أن معدلات نمو الاقتصاد الزراعى وسط الاقتصادات الأخرى الصناعية والخدمية قبل عام 2011 كان يصل إلى %3 سنوياً، متراجعا إلى %1 أو أقل خلال السنوات الماضية.
أضاف أن إهمال الحكومات المتعاقبة جعل قطاع الخدمات والقطاع الصناعى ينمو بمعدلات تتراوح بين 6 و%7 فى السنوات الأخيرة مقارنة بالقطاع الزراعى، وذلك وفقاً لبيانات وزارة التخطيط المسئولة عن تحديد هذه النسب.
وتسبب تراجع أداء البحوث فى ثبات معدلات الإنتاج الزراعى لمعظم المحاصيل فى مصر منذ أكثر من 10 سنوات ماضية، فى ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج التى تشهدها الأسواق فى الأوقات الحالية ما جعل القطاع يتراجع كثيراً.
وقال صيام: إن القطاع الزراعى يعتمد على عاملين أساسيين للنمو، يتمثلان فى الاستثمارات واستخدام التكنولوجيا الحديثة، مشيراً إلى انهما غير موجودين فى مصر.
أوضح أن الاستثمارات فى القطاع الزراعى متوقفة، وتكاد تتزايد على استحياء، مشيراً إلى أن الكثير من المستثمرين يفضلون المشاركة فى قطاعات جديدة بعيداً عن الزراعة مثل العقارات.
أضاف أن البنوك أيضاً تنظر إلى القطاع الزراعى على أنه مخاطرة يجب الابتعاد عنها قدر الإمكان، نظراً لانه قطاع طويل المدى فى نتائجة الإيجابية، وذلك بسبب عدم اهتمام الدولة به على الإطلاق.
وقال إن العاملين فى القطاع الزراعى ثلاثة أنواع، أولها المزارع البسيط، والذى يتعامل مع القطاع على انه مجرد وسيلة لتلبية احتياجاته الشخصية، ما يجعله لا يضع فى أولوياته التربح من الإنتاج النهائى للمحاصيل التى يزرعها.
أوضح صيام أن هذا النوع أكبر المتضررين من ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج فى الفترة الاخيرة، لذلك يضع أسمدة ومستلزمات أقل جودة، فضلاً عن أنه يواجه مشكلة كبيرة فى التمويل، ما يجعل عوائده لا تكاد تُذكر.
أما النوع الثانى من المتعاملين يتمثل فى المزارع الوسطى، الذى يملك سُبل تساعدة فى التطور بعض الشىء، والثالث هم المستثمرون.
ويعدً نحو %80 من المزارعين أصحاب الأراضى يمكلون مساحات زراعية أقل من 3 أفدنة، ما يجعلهم غير مبالين بالنتائج، التى يطمح لها القطاع بسبب إهمال الدولة لهم.
وأرجع العديد من أستاذة وخبراء الاقتصاد، تراجع أوضاع الصناعات الغذائية إلى أن تدهور الزراعة التى تعتمد عليها كأساس، والتى يجب النهوض بها.
قالت الدكتورة، دعاء محمد، أستاذ الاقتصاد الزراعى، إن الصناعات الغذائية مرحلة تالية للزراعة، وتدهورها يجعل من الصعب بلوغ مرحلة متطورة فى الصناعات الغذائية.
أوضحت محمد، أن مؤشرات القطاع الزراعى فى الناتج القومى تراجعت إلى %14.5 مقابل %17 بداية تسعينيات القرن الماضى، وذلك بسبب انخفاض معدل نمو الاستثمارات الزراعية المحلية والأجنبية.
ولا تتناسب ضآلة النصيب النسبى للقطاع الزراعى من الاستثمارات الكلية العاملة فى السوق مع دوره الرائد فى عملية التنمية، ما انعكس سلباً على الاستثمار الزراعى ليصل إلى %3 فقط من إجمالى الاستثمارات الكلية.
وقال الدكتور، على إبراهيم، استاذ بمركز البحوث الزراعية، إن معدلات التكثيف فى الزراعة المصرية يصل فى بعض الأحيان، إلى %200، مشيراً إلى أنها تصل إلى زراعة ثلاثة محاصيل فى العام فى كثير من المناطق.
أوضح إبراهيم، أن الزراعة فى مصر يحيطها العديد من المشاكل من أهمها الضغط السكاني، ما تسبب فى ارتفاع نسبة الفقر الاقتصادى للقطاع، فى ظل الإهمال الذى يعانيه بسبب اختلال كبير فى التوازن بين مساحة الرقعة المنزرعة والموارد المائية والعدد الضخم من السكان، الذين يتزايد بنسبة %2.1 سنويا، بما يزيد على مليون وربع مليون من سنويا.
اضاف أن كثافة السكان فى مصر تصل إلى نحو 1500 فرد فى المتوسط لكل كيلو متر مربع من المساحة المأهولة، وعلى المستوى العالمى تبلغ 35 فردا فى الكيلو متر مربع.
أضاف أن المساحة الزراعية عام 1947 بلغت نحو 5.8 مليون فدان، وارتفعت بنهاية عام 2015 إلى 8.2 مليون، لكن أعداد السكان ارتفعت من 19 مليونا إلى 90 مليون نسمة بنهاية العام الماضي.
أوضح ابراهيم، أن المساحة المنزرعة حالياً تُنتج نحو 15 مليون فدان كمساحة محصولية فى حالة وجود نسبة تكثيف تصل إلى %180، وهو ما يعنى أن الرقعة الزراعية زادت %30، السكان %350.
وقال على عيسى، رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، إن القطاع الزراعى يستحوذ على نحو %30 من العاملين فى القطاعات العامة، مشيراً إلى أن الإهمال الواضح له سبب رئيس فى كساد الاقتصاد المصرى بشكل عام.
أوضح عيسى أن القطاع الزراعى يمثل نحو %15 من الاقتصاد الكلى لمصر، ويجب على الدولة تغيير سياساتها نحوه، والاهتمام به كقاطرة للتنمية.
من جانبه قال محمد نوفل، رئيس البحوث المتفرغ بمركز بحوث الأراضى والمياه، إن وزارة الزراعة يوجد بها العديد من الهيئات التى لا تعمل على الإطلاق، مشيراً إلى أن تدهور أحوال الزراعة بسبب الوزارة فقط.
أوضح نوفل أن مصر تراجعت للمرتبة التاسعة فى زراعة الأرز عالمياً، بعد أن كانت تحتل المرتبة الأولى، ما يشير إلى التدهور الذى أصبح عليه حال القطاع.