إسماعيل: 500 مليون دولار استثمارات معطلة بسبب «ضبابية الرؤية الاقتصادية»
يجب التوسع فى زراعة الأقطان متوسطة وقصيرة التيلة
تصدير %90 من الإنتاج.. والولايات المتحدة فى المقدمة
%15 زيادة فى أجور العاملين لمواجهة ارتفاع الدولار
تستهدف شركة “روبى ريد جارمنت للملابس الجاهزة والغزل والنسيج”، نمواً فى مبيعاتها بنسبة %20، العام الحالى، لتصل إلى 108 ملايين دولار، عبر زيادة حصتها التصديرية خلال الفترة المقبلة.
قال أحمد اسماعيل، مدير التسويق بالشركة، إن “روبى ريد” حققت مبيعات قيمتها 90 مليون دولار خلال 2015، مقابل 85.7 مليون دولار خلال 2014، بنسبة زيادة %5 فقط.
أوضح اسماعيل، أن الشركة لم تستطع تحقيق معدلات نمو مرتفعة العام الماضى، بسبب تدهور الأوضاع الإنتاجية للسوق، وتمثل صادرات “روبى ريد” نحو %90 من الإنتاج السنوى، فى حين تضخ النسبة المتبقية فى السوق المحلى.
وتتراوح نسبة واردات المواد الخام اللازمة لإنتاج الملابس بين 40 و%50 من إجمالى الواردات، وتستورد %80 من احتياجاتها من الغزول بتكلفة تصل إلى 5 ملايين دولار سنوياً.
ويستحوذ السوق الأمريكى على %70 من صادرات الشركة، فى حين يتم توجيه النسبة المتبقية إلى أسواق أوروبا، وتستهدف “روبى ريد” فتح العديد من الأسواق الجديدة خلال السنوات المقبلة.
قال إسماعيل، إن الشركة لديها حصيلة استثمارات معطلة منذ أكثر من عام بقيمة 500 مليون دولار، لإنشاء مصنعين لإنتاج الملابس الجاهزة وثالث للغزل والنسيج، وهى استثمارات لم تستطع الشركة تنفيذها حتى الآن.
وأوضح، أن الرؤية الاستثمارية داخل مصر حالياً «ضبابية»، ولا تساعد على ضخ مزيد من الاستثمارات دون خطة واضحة من الدولة للحفاظ عليها حتى لا تتعرض الشركة للخسائر.
وأضاف أن الحكومة لا تتعامل من منطلق الشفافية مع المستثمرين فى الوقت الحالى، كما لا تُقدم أى خدمات جيدة تساعدهم على التوسع فى عمليات الإنتاج، مما تسبب فى تدهور أحوال الشركات لعدم قدرتها على التطوير.
كشف إسماعيل، إن صناعة الغزل والنسيج فى مصر تعانى أزمات كبيرة فى الفترة الأخيرة على صعيد شركات قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، لعدة أسباب على رأسها ارتفاع تكلفة الإنتاج بصورة واضحة تؤثر على الشركات سلباً، فى الوقت الذى لا تستطيع فيه زيادة أسعار المنتج النهائى للبيع.
وأرجع اسماعيل عدم قدرة الشركات على رفع الأسعار، لتدنى الأوضاع الاقتصادية للمستهلكين فى ظل ارتفاع العديد من أسعار السلع وانخفاض قيمة الجنيه أمام العملة الصعبة، مشيراً إلى أن السبب الرئيس فى ذلك وارتفاع تكلفة الإنتاج وضعفه فى الوقت نفسه.
وقال إن الشركات أصبحت مضطرة لرفع سعر المنتج النهائى من الملابس الجاهزة والغزول بنسبة لا تقل عن %7، بعد تخفيض سعر الجنيه مقابل الدولار بنسبة %14.5.
كما ستضطر لرفع رواتب العاملين لديها بنسبة تصل إلى %15 على الأقل، لتتماشى مع تغيرات الأسعار الجديدة على جميع المنتجات والسلع فى السوق المحلى التى نتجت عن تخفيض قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
وأوضح أن خفض الجنيه أمام الدولار سيساعد شركات الغزل والنسيج على زيادة صادراتها الفترة المقبلة، بعد خفض سعرها، وبالتالى زيادة قدرتها على المنافسة فى الأسواق الخارجية، لكن الزيادة لن تكون كبيرة، نظراً لارتفاع تكلفة الإنتاج المحلية.
وقال إسماعيل، إن صناعة الغزل والنسيج تعانى من ضعف العمالة المدربة، مشيراً إلى أن الصناعة على المستوى العالمى تلقى اهتماماً كبيراً من جانب حكومات هذه الدول، وتوفر لها جميع الاحتياجات اللازمة لتطويرها على رأسها عمالة تستطيع التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.
أما الحكومات المصرية المتعاقبة، فتعمل وفقاً لرؤها الشخصية، ولا تتشاور مع المصنعين فيما يخص قرارات وتشريعات الصناعة، كما لم تستطع الحكومات التخلى عن البيروقراطية والروتين فى تعاملاتها حتى الآن، مما يتسبب فى خسائر كبيرة للشركات.
وأضاف: «الدولة يقع على عاتقها القضاء على التهريب بصورة قطعية خصوصاً خلال الفترة المقبلة، لأن صناعة النسيج والملابس لن تصمد طويلاً أمام التحديات التى تواجهها بعد ارتفاع تكلفة الإنتاج مؤخراً».
وارتفعت تكلفة الإنتاج خلال الأعوام الثلاثة الماضية بنسبة تتراوح بين %20 نتيجة تدنى سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وارتفاع أسعار الشحن والطاقة والأيدى العاملة، فى الوقت الذى تعتمد فيه الصناعة على أكثر من %80 من المواد الخام المستوردة.
أوضح إسماعيل، أن الصناعة أصبحت تعتمد كلياً على مواد خام مستوردة، لعدة أسباب أهمها تدنى جودة محصول القطن المصرى بما لا يتناسب مع ارتفاع أسعاره الحالية، فضلاً عن تراجع مساحات الزراعة بما لا يلبى احتياجات المصانع.
وتدنت جود إنتاج القطن المصرى خلال السنوات الماضية، نتيجة إهمال الدولة للمنتجين والفلاحين، وعدم مراعاة جودة بذور الزراعة خاصة الموسم الحالى الذى انخفض فيه متوسط إنتاجية الفدان لتتراوح بين 4 و5 قناطير، مقابل 7 قناطير قبل ذلك، فضلاً عن تراجع مساحات الزراعة.
وانخفضت مساحات زراعة المحصول العام الحالى لتصل إلى 245 ألف فدان مقابل 367 ألف فدان الموسم السابق، بنسبة تراجع %36.
وطالب إسماعيل بالتوسع فى زراعة الأقطان قصيرة ومتوسطة التيلة خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الصناعة طالما تستورد المواد الخام فلن ترتقى لمستوى التطور الذى تشهده الأسواق الخارجية، وستضعف منافستها.
وأكد أن إجراءات البنك المركزى التى قام فيها بتحجيم سقف الإيداعات الدولارية بالبنوك للأشخاص الطبيعية والاعتبارية فى فبراير 2015 كبدت الصناعة كثيراً وكانت إحدى أسباب رفع تكلفة الإنتاج.
ووضع البنك سقف للإيداع الدولارى للشركات والأفراد فى البنوك عند 10 آلاف دولار يومياً بحد أقصى 50 ألف دولار شهرياً، وذلك قبل أن يرفعها إلى 30 ألف دولار يومياً و250 ألف دولار نهاية يناير 2016.
وعاد البنك المركزى وألغى سقف الإيداعات نهائياً مطلع مارس الحالى بالنسبة للشخصيات الطبيعية قبل أن يرفعه نهائياً أيضاً على الشخصيات الاعتبارية، مما تسبب فى زيادة سعر صرف الدولار فى السوق الموازى إلى 9.80 جنيه مقابل 7.83 جنيه فى البنوك.
أوضح إسماعيل، أن تكلفة الإنتاج ارتفعت بنسبة تجاوزت %10 نتيجة عدم قدرة الشركات على توفير المواد الخام اللازمة للإنتاج، واحتجاز الشحنات المستوردة فى الموانئ نتيجة عدم القدرة على توفير العملة الصعبة لتسديد مستحقاتها.
وتكبدت الشركات غرامات تأخير على العملاء المتعاقد معهم فى الخارج، مما تسبب فى خسارة كبيرة للطرفين، فضلاً عن الغرامات التى كانت تدفعها نتيجة احتجاز الشحنات بالموانئ.
وتطرق اسماعيل، إلى تباطؤ الدولة فى دعم الصادرات، مما يقلص حجم تعاملات الشركة لعدم وجود سيولة نقدية لديها للتوسع وزيادة الإنتاج السنوى، مشيراً إلى أن الشركات لم تحصل على الدعم منذ ما يقرب من عام.
وقال إن الدولة يجب أن تهتم بالصناعة أكثر من ذلك، لأن حالة التدهور التى صاحبتها تهدد مستقبل أكثر من 1.5 مليون عامل، مشيراً إلى أن صادرات دولة مثل بنجلاديش خلال العام الماضى وصلت لنحو 28 مليار دولار، فى حين أن صادرات مصر لا تزال ضعيفة مقابلها.
كما واجهت الصناعة مشكلة كبيرة فى التمويلات البنكية خلال الفترة الماضية نتيجة عزوف البنوك عن القطاع، مشيراً إلى أن القطاع تعرض للعديد من الأزمات جعلت مستويات نموه تنخفض ما دفع البنوك إلى إهماله.