انهارت محادثات اتفاق تجميد الإنتاج التى أقيمت فى العاصمة القطرية، الدوحة، بين عدد من أكبر منتجى البترول فى العالم، بعدما أصرت المملكة العربية السعودية، على أن تكون إيران، منافسها الإقليمى الشرس جزء من أى اتفاق تخلص إليه المحادثات.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن 5 أسئلة يجب الإجابة عليها الآن فى سوق البترول بعد انهيار تلك المحادثات.
أولاً: إلى أى مدى ستتراجع أسعار البترول؟
قفزت أسعار البترول الخام أكثر من 40% منذ منتصف فبراير الماضى، عندما كشفت المملكة العربية السعودية، وروسيا، وفنزويلا، وقطر، عن خطط لتجميد الإنتاج.
وقالت الصحيفة، إنه رغم وجود عوامل أخرى لعبت دوراً فى رفع الأسعار إلى ما فوق الـ40 دولاراً للبرميل، فليس هناك شك فى أن احتمال توقيع أول صفقة بترول عالمية منذ 15 عاماً كانت المحرك الرئيسى فى دفع الأسعار.
وعلى هذا النحو، فبعد فشل المحادثات من المرجح وجود رد فعل سلبى على الأسعار، وقد أعلن محللون فى مؤسسة «سيتى» يوم الجمعة الماضية، أن عملاءهم يستعدون لهبوط حاد فى سوق البترول إذا انتهت محادثات الدوحة، دون التوصل إلى اتفاق.
ولكن يجدر أن نتذكر أنه حتى لو تمّ التوصل إلى اتفاق فى الدوحة، فلن تنخفض الإمدادات العالمية لأن عملية التجميد ستكون على مستويات إنتاج مرتفعة وقياسية فى بعض الأحيان.
وقال محللون فى «إنريجى اسبكتس»، شركة استشارية مقرها لندن، إن التجميد بين المنتجين الآخرين لن يقود تغييراً حقيقياً فى الموازين كما يعتقدون، لأن المملكة العربية السعودية، وروسيا، وإيران، هما الدول الوحيدة من بين الذين شاركوا فى محادثات التجميد، القادرين على زيادة الإنتاج العام الحالى.
وأضافوا: «لذلك فإن التأثير قد لا يكون شديداً، بل ويمكن أن تجد الأسواق أيضاً دعماً من الكويت، بعدما بدأ عمال البترول إضرابهم صباح الأحد الماضى».
وأشارت الشركة إلى أن ذلك يأتى بالإضافة إلى تعطل الإمدادات العالمية، التى تقف بالفعل عند نحو 2.8 مليون برميل يومياً، بالقرب من أعلى مستوياتها فى عامين.
ثانياً: لماذا تقوم المملكة العربية السعودية بتغيير المسار؟
قالت «الفاينانشيال تايمز»، إن هذا ربما يكون هو السؤال الأهم الذى ينبغى الإجابة عليه.
ونقلت الصحيفة، أنه رغم وجود رسائل مختلطة فى الفترة التى سبقت الاجتماع، كان كبار مندوبى منظمة ««أوبك» يثقون فى أن المملكة العربية السعودية، ستدعم الصفقة حتى من دون مشاركة إيران.
وأعلن على النعيمى، وزير البترول والثروة المعدنية السعودى، أن هذا الأمر سيكون ضمن بنود المسودة الأولى من الاتفاقية، والتى تم تداولها بين المندوبين فى الدوحة، يوم إجراء المحادثات، ولكن شيئاً ما أدى إلى تعنت السعودية، والإصرار على أن جميع أعضاء «أوبك» بما فى ذلك إيران، يجب أن يدعموا الاتفاق.
وقد يوجد الدليل على ذلك فى تصريحات قوية أدلى بها محمد بن سلمان، ولى ولى عهد المملكة العربية السعودية، لوكالة «بلومبرج» الأسبوع الماضى مفادها أن المملكة لن توقع على اتفاق تجميد الإنتاج دون طهران، مشيراً إلى أن السعودية قررت عدم إعطاء أى فرصة لإيران، منافستها الإقليمية الشرسة، لتعزيز الإنتاج.
وقال جيسون بوردوف، لدى مركز «سياسة الطاقة العالمية» فى جامعة كولومبيا، إنه لا يمكن استبعاد صراع جيوسياسى متواصل كعنصر من عناصر السياسة النفطية السعودية الحالية.
ثالثاً: ماذا يعنى هذا القرار لسياسات «أوبك»؟
رغم أن محادثات الدوحة، لم تكن اجتماعاً لمنظمة «أوبك»، إلا أنها لاتزال تسلط الضوء على الانقسامات العميقة فى المنظمة، ولاسيما العداوة بين المملكة العربية السعودية، وإيران، التى خرجت من خندق سنوات العقوبات وتريد استعادة حصتها فى السوق.
وفى أعقاب اجتماع يوم الأحد، تكافح المنظمة من أجل إقناع الأسواق التى يمكن أن تعمل بشكل جماعى لمعالجة مشكلة الإمدادات.
وتوقع كثير من المحللين والتجار، أن يستعيد سوق البترول توازنه من تلقاء نفسه بعد أن أدى انخفاض الأسعار إلى مزيد من الارتفاع فى تكلفة الإنتاج.
رابعاً: كيف ستتعامل إيران مع نتيجة الاجتماع؟
نقلت الصحيفة أن إيران، لم تكلف نفسها عناء إرسال ممثل إلى اجتماع الدوحة، وحافظت على موقف ثابت فى الفترة التى سبقت المحادثات، معلنة أنها ليست مستعدة لتجميد الإنتاج، لأنها خرجت لتوها من سنوات من العقوبات التى أثرت على كل من إنتاج وصادرات البترول بشكل كبير، ولن تفكر طهران فى وضع حد أقصى لإنتاجها إلا بعد الوصول إلى مستويات ما قبل فرض العقوبات، واستعادة حصتها فى السوق.
ومن غير المرجح أن يتغير رأى إيران، بعد أحداث اجتماع الدوحة، فى الوقت الذى تسعى فيه لزيادة الإنتاج والصادرات، التى لم تصل بعد إلى مستويات ما قبل العقوبات.
وتوقعت الوكالة الدولية للطاقة ارتفاع صادرات البترول الخام الإيرانى إلى 1.6 مليون برميل يومياً فى مارس الماضى مقارنة بحوالى 100 ألف برميل يومياً فى فبراير، وقبل تشديد العقوبات فى منتصف عام 2012، كانت إيران، تبيع ما يقرب من 2.2 مليون برميل يومياً من البترول الخام فى الأسواق العالمية.
خامساً: ماذا سيحدث بعد ذلك؟
أعلن محمد بن صالح السادة، وزير الطاقة القطرى، للصحفيين بعد الاجتماع، وجود ضغوط أقل للتوصل إلى اتفاق على الفور لأن البترول كان يسير فى الاتجاه الصحيح.
وأضاف: “إننا جميعاً بحاجة لمزيد من الوقت للتشاور بدءاً من الآن وحتى اجتماع أوبك المقرر انعقاده فى يونيو المقبل”.
وفى الوقت الذى حاولت فيه هذه الدول تحديد جولة أخرى من المحادثات فى وقت لاحق العام الحالى، يبدو أن اقتراح تجميد الإنتاج أصبح صعباً، بعد أن أصيب بعض المنتجين الذين حضروا المحادثات بخيبة أمل إثر فشل المحادثات.
وقال الكسندر نوفاك، وزير البترول الروسى، إنه فوجئ عندما طرح بعض أعضاء «أوبك» مطالب جديدة صباح يوم انعقاد الاجتماع.
وقال جيمى ويبستر، محلل لدى «آى إتش إس» والخبير فى شئون “أوبك”: “نظراً لاحتمال تراجع الأسعار، قد يرى العديد من الوزراء أنه كان من الأفضل البقاء فى بلدانهم دون المشاركة فى تلك المحادثات من الأساس”.