فرض رسوم على الواردات فى القارة السمراء ضرورة لتعزيز الإنتاج المحلى
عند السير على طول الطريق الملىء بالحفر والشاحنات المحترقة من مدينة «لاجوس»، أكبر مدن نيجيريا، إلى «إيبادان»، ثانى أكبر المدن فى الدولة، يمكنك أن ترى عددا قليلا من المصانع الحديثة المنتشرة وسط ألواح الصفيح الصدئة.
وقالت مجلة «ذى ايكونوميست»: إن معظم هذه المصانع ينتج السلع الأساسية التى تذهب للسوق المحلية مثل السجائر أو تعبئة وتغليف الورق المقوى، كما تنتج الهواتف المحمولة والسيارات وأجهزة الكمبيوتر، ولكن توجهها الحكومة للتصدير.
ومع ذلك، يشير تقرير جديد صادر عن معهد «ماكينزى» العالمى، وهو مؤسسة فكرية تديره شركة استشارية، إلى أن هذه الأنواع من المنتجات المحلية والصناعات منخفضة التكنولوجيا تمثل فرصة كبيرة للحركة التصنيعية فى أفريقيا.
وأوضح المعهد الدولى فى تقريره أن الناتج الصناعى فى أفريقيا قد يتضاعف خلال العشر سنوات المقبلة، وهى توقعات طموحة، لأنها تعنى أن معدل النمو ينبغى أن يتضاعف ثلاثة أضعاف عن معدلات النمو المشهودة منذ عام 2000.
ومن المفترض أن يأتى معظم المكسب فى الناتج الصناعى من صنع الأشياء التى ستباع فى المنطقة وهذا من شأنه أن يحل محل الواردات.
وتستورد أفريقيا حوالى ثلث المواد الغذائية المصنعة والمشروبات وهى حصة أكبر بكثير من البلدان النامية فى آسيا أو أمريكا اللاتينية، ومعظم هذه المواد يمكن تصنيعها محليًا، حتى أن القارة السمراء تشترى السلع التى من الصعب شحنها مثل الأسمنت، حيث يأتى حوالى 15% من الاستهلاك المحلى فى السفن إضافة إلى الحليب ورقائق الذرة.
ومع ذلك أشار التقرير إلى أن السبب فى قيام العديد من البلدان الأفريقية بصناعة القليل جدًا من المنتجات يتمثل فى ندرة الشركات العملاقة.
ويعتقد مؤلفوا تقرير «ماكينزى»، والذين أسسوا قاعدة بيانات جديدة بالشركات الكبيرة فى أفريقيا، أن القارة لديها نحو 400 شركة بأرباح سنوية تتعدى المليار دولار لكل واحدة و700 شركة أخرى بإيرادات تبلغ قيمتها أكثر من 500 مليون دولار.
وقد تبدو هذه الأرقام مرتفعة حتى للمستثمرين ذوى الخبرة فى القارة، كما أنها دليل على مدى قلة الشركات الأفريقية، التى تدخل الأسواق العالمية وتصبح معروفة فى العالم الخارجى.
ولكن حينما نستثنى جنوب أفريقيا، الدولة الصناعية الأكبر فى القارة، نجد أن باقى الدول لديهم عدد شركات كبيرة أقل بنسبة 60% قياسًا بناتجهم الاقتصادى عن بعض الأماكن، مثل الهند والبرازيل.
وهذا يتماشى مع البيانات التى جمعتها بعض المؤسسات الآخرى مثل المركز الدولى للنمو «آى جى سى» فى كلية لندن للاقتصاد حيث وجد أن دولة تنزانيا على سبيل المثال تضم 80 شركة تصنيع فقط توظف أكثر من 100 شخص، و695 شركة لا يتعدى عدد الموظفين فيها 9 إلى 10 أشخاص.
وقال آشا ليك، من معهد «ماكينزى»، إن الحكومات الأفريقية لديها أسباب قوية لتبنى السياسات الصناعية، مثل دعم المصدرين وفرض الرسوم الجمركية على الواردات لتعزيز المنتجات المحلية.
واستشهد ليك، بمصنع أسمنت «دانجوت» فى نيجيريا الذى ازدهر بفضل القيود الصارمة على الواردات، ومع ذلك، فهناك شكوك حول استفادة شعب نيجيريا من ازدهار الشركة التى تحتكر سوق الأسمنت، وتبلغ حصتها السوقية حوالى 68%.
وقال المركز الدولى للنمو «آى جى سى»: إن عددا قليلا من الشركات الصناعية التصديرية الأفريقية ـ إن كان هناك أى شركات على الإطلاق – ازدهر نتيجة السياسات الداعمة من قبل الحكومات، وإنما نجدهم برزوا نتيجة الاعتماد على مصارد أخرى بما فى ذلك الاستثمارات الأجنبية أو الشركات التجارية المحلية.
وسوف تتم قراءة تقرير «ماكنزى» على نطاق واسع من قبل السياسيين الأفارقة والموظفين الحكوميين، وسيبدأون فى وضع سياسات تصنيعية جديدة تستهدف اختيار الناجحين فقط ودعهمهم، ولكن من العار أن يفعلوا ذلك.
وتقول «ذى ايكينوميست» إن العوائق الرئيسية أمام الأفارقة لضناعة وبيع المزيد من المنتجات تنبع من جشع الحكومات، والطرق غير الممهدة، والموانئ غير الفعالة، وشبكات الطاقة التى تنقصها الكهرباء، وتؤكد أن المسئولين مطالبين بالتركيز على حل هذه المشكلات.








