«صندوق النقد» يخفض التوقعات لدول جنوب الصحراء إلى 1.4%
لا يخفى على أحد، نفاد صبر صندوق النقد الدولى مع مصدرى السلع الأساسية فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بعد ان فشلوا فى تطوير اقتصادهم إلى نموذج أكثر حداثة وأقل اعتمادية على عائدات البيع للمواد الخام.
قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن الإحباط لم يكن شعورا يعرضه الصندوق، بانتظام وإنما حرص على الحفاظ على علاقات وديّة مع الحكومات لضمان النمو والازدهار الاقتصادى.
وقبل 6 أشهر وصف أنطوانيت سايح، المدير السابق لقسم أفريقيا فى صندوق النقد الدولى، الذى يتخذ من واشنطن مقرا له، سياسية استجابة العديد من الحكومات الإقليمية إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية بـ«وراء المنحنى».
وقال الرئيس الحالى لقسم أفريقيا فى صندوق النقد الدولى، ابيبى سيلاسى اميرو، لصحيفة «فاينانشال تايمز» قبيل إطلاق الصندوق، التحديث الاقتصادى للمنطقة الافريقية إن الإصلاحات التى أجرتها الحكومات «غير كافية وغير مكتملة» بل وصف الخطوات فى هذا الاتجاه بأنها غير مثمرة للغاية.
وكانت النتيجة أن صندوق النقد الدولي، الذى تنبأ مسبقا بأن النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى سيكون عند أدنى مستوياته فى 22 عاما بنسبة 1.6%، توقع الآن أن النمو لدول أفريقيا جنوب الصحراء سيكون أبطأ بنسبة 1.4% العام الحالى.
وأضاف سيلاسى: «بصراحة سيقع كثير من الضرر على اقتصادات مثل نيجيريا وأنجولا وزامبيا بسبب انخفاض أسعار السلع الأساسية.. ولكن فى المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا فإن التكيف المالى لم يبدأ بعد، فى إشارة إلى الدول الغنية بالبترول مثل الكاميرون وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وغينيا الاستوائية والجابون وجمهورية الكونغو، التى تشكل الاتحاد الاقتصادى والنقدى لأفريقيا الوسطى».
وأضاف أن أسباب غياب الإصلاح تختلف مابين آمال تعافى أسعار السلع، إلى التداعيات السياسية من السماح بإضعاف أسعار الصرف وإلغاء الدعم أو خفض الإنفاق المتكرر على بنود مثل رواتب موظفى الخدمة المدنية.
ويأتى ذلك فى الوقت الذى لم يكن هناك اهتمام كبير بين البلدان المصدرة للسلع الأخرى لتتحول إلى صندوق النقد الدولى، طلبا للمساعدة باستثناء غانا التى دخلت برنامج الصندوق.
ولكن حذر سيلاسى، الحكومات من البحث عن مصدر آخر للتمويل على أمل تأمين خطة الإنقاذ الفعلية دون الشروط الصارمة، التى ترافق برنامج صندوق النقد الدولى.
وتساءلت الصحيفة: «فى مثل هذا الوقت عندما يتراجع الاقتصاد ويواجه الاقتصاد الكلى اختلالات هل يكمن الحل فى التمويل فقط وهل هذا كل ما ينقصه؟».
وأجاب سيلاسى، أنه فى كثير من الحالات ليس الأمر كذلك.. وإنما الطريقة التى نراها بالتأكيد هى تبنى السياسات التى ستسمح بتعافى أسرع من ذلك بكثير، مؤكدا أن التمويل هو جزء من الحل وليس الحل كله.
وإذا افترضنا أن بداية إصلاح الحكومات ستكون من خلال تخفيف اختلالات الاقتصاد الكلى وزيادة السيطرة على التضخم وتحفيز النمو.. فهذا افتراض كبير نظرا لغياب الإصلاح على مدى الأشهر الـ 18 الماضية.
وتوقع صندوق النقد الدولى، أن يتعافى النمو لدول افريقيا جنوب الصحراء بشكل ثابت، ليسجل نحو 4.3% بحلول عام 2020.
ورغم خيبة الأمل يقول سيلاسي، إنه لا يزال متفائلا بشكل كبير حول نمو دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وأشار إلى أن 20 دولة ما زالت تنمو بقوة كما يتضح من متوسط توقعات صندوق النقد الدولى، للنمو الاقتصادى فى المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن معدلات النمو العام الحالى لا تزال صحية بنسبة 3.8% مع توقعات بأن تكون معدلات النمو لأربع دول فى شرق أفريقيا (كينيا ورواندا وإثيوبيا وتنزانيا) واثنتان فى الغرب (السنغال وساحل العاج)، أعلى من ذلك بكثير.
وبالإضافة إلى بطء وتيرة الإصلاح فى البلدان المصدرة للسلع، توجد أيضا بعض الغيوم المحتملة فى الأفق، وتشمل مواسم الحصاد الضعيفة وفرض إثيوبيا حالة الطوارئ لاحتواء الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
وأوضح المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، أن حالة الطوارئ يمكن أن تؤثر سلبا على تنمية القطاع الخاص والصادرات والاستثمار الأجنبى المباشر.