أمريكا أقوى بالوافدين من الشرق الأوسط

بقلم/ نواه سميث
منذ أكثر قليلا من أسبوع، توفيت مريم مرزخاني، عالمة الرياضيات بجامعة ستانفورد، فى سن الأربعين بعد معركة مع سرطان الثدي.
وفى حياتها القصيرة، انجزت أكثر من معظمنا جميعا.
كانت حياتها المهنية انتصارا للنظام الجامعى والبراعة العلمية فى الولايات المتحدة، ولكنها ولدت ونشأت فى إيران.. وبالتالى فى مثال حى لكل مميزات الهجرة الوافدة من الولايات المتحدة.
وبشكل عام يؤيد الأمريكيون الهجرة الوافدة.. لكن المهاجرين ليسوا الشرق الأوسط أقل تفضيلا من هؤلاء الذين يأتون من مناطق أخرى.
وربما نشأ هذا الخوف نتيجة عوامل جيوسياسية – مثل 11 سبتمبر، والحروب فى الشرق الأوسط، والإرهاب من قبل متطرفين مسلمين فى أوروبا، وأمريكا، وظهور الدولة الإسلامية – ويعتقد بعض الأمريكيين من تيار اليمين إن الغرب منحصر فى صراع حضارات مع الإسلام الشرق أوسطي.
وتشبه هذه المخاوف مخاوف القرن التاسع عشر بشأن الوافدين الكاثوليك. ففى الثمانينيات، حذر المواطنون المحرضون، من أن تدفق الكاثوليك، القادمين من أيرلندا وألمانيا على الاغلب، يهدد بتدمير نمط الحياة الأمريكية.
وبالطبع، لم يحدث شيء من هذا.. بل أصبح الوافدون الأيرلنديون والألمان ببساطة جزءا من النسيج الاقتصادى والاجتماعى الأمريكي.
ولا توجد أسباب تجعلنا نتوقع أن مستقبل الوافدين من الشرق الأوسط سيكون مختلفا. ومن الجانب الاقتصادي، معظم الأمريكيين من أصول شرق أوسطية أحوالهم جيدة.
وهذا صحيح على وجه الخصوص بالنسبة للأمريكان المسلمين، فدخولهم مشابهة للغاية للأمريكان الكاثوليك الذين تقترب أجورهم من المتوسط الوطنى الأمريكي، وهناك بعض الاستثناءات، وعادة ما يكون العراقيون الأمريكيون أفقر بقدر كبير من غيرهم، ربما نتيجة تدفق الفارين من الحرب بسبب الغزو الأمريكى لهذه الدولة.
وبشكل عام، تنتعش احوال الوافدين من الشرق الأوسط، وهذا بسبب أن المنطقة -مثلها مثل آسيا وأفريقيا – ترسل إلى أمريكا، أفضل الناس تعليما وأكثرهم تمتعا بروح ريادة الأعمال.
والجميع يعلم، ستيف جوبز، وهو ربما أكثر رجل أعمال موقر وناجح فى التاريخ الأمريكى الحديث، إذ كان ابنا لأب مسلم سوري.
والعديد من الشركات الأمريكية الابتكارية بدأت بأفراد من أصول شرق أوسطية، وساهم أراش فردوسي، أيرانى أمريكي، فى تأسيس «دروب بوكس». كما أن بوب ماينر، الإيرانى الأصول أيضا، شارك فى تأسيس «أوراكل كورب».
وتستمر القائمة. ففى العلوم أيضا، قام الشرق أوسطيين بأمور عظيمة.
فعلى سبيل المثال، توجد نعمة أركانى حامد، الإيرانية الأمريكية، التى تعمل فى جامعة برنستون، كواحدة من كبار المنظرين فى البلاد. ويوجد الكميائى اللبنانى الحاصل على جائزة نوبل، إلياس كوراي، وأيضا فيروز ناديري، الإيرانية الأمريكي، التى أدارت برنامج ناسا الناجح لاسكتشاف كوكب المريخ.
ومثل الأيرلنديين، والألمان، والإيطاليين، والروس، فى القرون الماضي، يأتى الشرق أوسطيون من منطقة مجهولة بالنسبة لمعظم الأمريكيين.
ومثل الكاثوليك، واليهود قبلهم، يتبع المسلون الأمريكيون دينا يبدو غريبا للكثيرين، ولكن فى النهاية سيصبح الشرق أوسطيون جزءا آخر من الأمريكيين العاديين.
ويعد المجتمع الأمريكى أفضل بكثير من أوروبا فى ضم الوافدين الجدد إلى نسيجه الاجتماعى وكيانه الوطني، وهذا ليس غريبا، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة كانت أمة مهاجرين وافدين منذ البداية.
وتعد مخاوف الأمريكيين من المهاجرين الوافدين من الشرق الأوسط، رد فعل مبالغ فيه للأحداث العالمية، ويبدو أن واقع الوافدين من الشرق الأوسط سينتهى نفس النهاية السعيدة التى حدثت لمجموعات سابقة من الأمريكيين الجدد.
وهذا لا يعنى أنه يجب إعطاء كل شرق أوسطى يرغب بالقدوم حق الدخول، فالحذر امر هام، ويجب بالطبع منع من يشكلون خطرا امنيا، وإنما وقف تدفق المجتهدين، والموهوبين، ورواد الأعمال من الشرق الأوسط مثلما يحاول البعض الآن، سيتسبب فى جرح كبير تجلبه امريكا على نفسها.

إعداد: رحمة عبدالعزيز

المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»