عادت الأسواق الناشئة مرة أخرى لتصبح محرك النمو العالمي، وفقاً لبيانات النمو الأخيرة.. وبذلك استأنفت الدور الذى فقدته بعد الأزمة المالية العالمية.
وقال محللون، إن التوسع الاقتصادى فى الشرق الأوسط يتسارع ويزداد على نطاق واسع فى وقت خرجت فيه اقتصادات كبيرة منها البرازيل وروسيا، من حالة الركود العميق الذى دام عامين، واستجاب المستثمرون الأجانب لهذا الأمر من خلال تدفقات كبيرة فى سوق الأسهم والسندات منذ نهاية العام الماضى.
لكن لا تزال هناك شكوك حول ما إذا كان يمكن الحفاظ على هذا الزخم، إذ يقول المحللون إن الاقتصادات الناشئة لا تزال تعانى من المخاطر الكلية، فى حين أن النمو فى التجارة العالمية الذى حفز انبعاثها قد يكون قد بلغ ذروته بالفعل.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن معدل النمو الاقتصادى ازداد فى الأسواق الناشئة بسرعة أكبر مما كان عليه فى الأسواق المتقدمة منذ منتصف عام 2015.
وتوقع صندوق النقد الدولى، زيادة معدلات النمو الاقتصادى بنسبة 4.5% هذا العام مقابل 2% فى الأسواق المتقدمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن معدلات النمو فى الأسواق المتقدمة بمثابة دعوة خاصة للمستثمرين فى سوق الأسهم باستثناء نوبة الذعر التى أعقبت انتخاب دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية فى نوفمبر الماضى، مما جلب معها تهديدات الحمائية التجارية التى دفعت تفوق سوق أسهم الأسواق الناشئة منذ بداية العام الماضى.
وقال كبير الاستراتيجيين فى شركة «إنفستمنت بارتنرز»، مارتن جان باكوم، إن مؤشرات الدعم لنمو الأسواق الناشئة لا تزال قوية استناداً إلى بيانات من أكبر 21 من الاقتصادات الناشئة التى شهدت تحولاً إيجابياً قبل عام وتتجه صعوداً منذ ذلك الحين.
وأوضح أن النمو السنوى فى أحجام التجارة العالمية كان إيجابياً خلال الأشهر الثمانية أو التسعة الماضية حيث ارتفع من صفر إلى حوالى 5%.
وأشار إلى أن هذه البيانات ينبغى أن تكون أخباراً جيدة لمصدرى الأسواق الناشئة الذين اعتمدوا تقليدياً على الطلب من الأسواق المتقدمة ولا سيما الولايات المتحدة.
وأكد أن البيانات أخبار جيدة أيضاً للشركات الأمريكية المتعددة الجنسيات حيث أظهر تقرير صدر مؤخراً عن شركة «فاكتست» للأبحاث أن المؤسسات الأمريكية التى تعتمد على أسواقها المحلية حققت نمواً قوياً فى الأرباح يقل عن نصف تلك الشركات التى تتعرض للخارج.
وأوضح معهد التمويل الدولى، أن المستثمرين توافدوا على أصول الأسواق الناشئة وكانت التدفقات إلى أسهم وسندات هذه الأسواق إيجابية منذ ثمانية أشهر.
وعلى مدى الأشهر الستة الماضية كان متوسط التدفقات الشهرية أكبر مما كانت عليه فى الفترة من عام 2010 إلى عام 2014 عندما أدت السياسات النقدية الفضفاضة فى الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى وغيره من المصارف المركزية إلى تدفق الأموال.
وأعلن «جى بى مورجان» فى آخر استطلاع شهرى لـ 200 عميل يديرون أكثر من تريليون دولار فى أصول الأسواق الناشئة أن عملات هذه الأسواق ارتفعت مرة أخرى نحو أعلى مستوياتها التاريخية التى شوهدت فى عام 2011.
وفى الواقع، تظهر بيانات معهد التمويل الدولى، تدفقات قصيرة الأجل وهو ما وصفه المحللون بالتصحيح التكتيكى فى نهاية يونيو الماضى.
وقال باكوم، إن تحسن الظروف المالية لهذه الأسواق حقق أول زيادة كبيرة فى نمو الائتمان منذ الأزمة فى الفترة 2009 وحتى2011 حيث ارتفع نمو الائتمان من 6% فى الربع الأول إلى 8% فى الوقت الراهن، مشيراً إلى أن هذا ينبغى أن يدفع الثقة لنمو الطلب المحلى.
ولكن كما أشار المحللون فى صندوق النقد الدولي، فإن التحولات الصعبة المفاجئة فى توقعات السياسة النقدية، يمكن أن تحدث تحولاً مفاجئاً للأسواق الناشئة، كما حدث فى يونيو الماضى واعقاب الانتخابات الأمريكية.
والواقع أن العديد من المحللين يقولون إن تدفقات اﻷسواق الناشئة كانت مدفوعة على الأقل بالهبوط فى الدولار الأمريكى العام الجارى.
وقد تكون التجارة أكبر خطر على قصة نمو اﻷسواق الناشئة التى تعد أكبر دافع للنمو طبقا لما ذكره بنك «سى بى بى» التابع لوزارة الشئون الاقتصادية الهولندية الذى أفاد بأن الزخم حول معدلات التجارة العالمية قد انخفض من ذروته فى يناير.
ويدعم هذا الرأى تقارير من جامعة «أكسفورد» الأسبوع الماضى بحجة أن التجارة العالمية بلغت ذروتها فى الربع الأول من العام الحالي.
وأشاروا أيضا إلى أن الصين تهيمن على التجارة العالمية بشكل متزايد، وحذرت من توقعات تراجع الاقتصاد الصينى فى النصف الثانى من عام 2017.