مصادر: الشهادات مرتفعة العائد أعادت توزيع السيولة وكثفت تعاملات الإنتربنك
»الكفراوى«: تحويلات أرباح الشركات للخارج وتسديد المديونيات ضغطا على السيولة المحلية
البنك المركزى: السياسات النقدية التقييدية خفضت فائض السيولة قصيرة الأجل
ارتفعت معدلات تداول البنوك فى الإنتربنك بالعملة المحلية بنحو 138% منذ تحرير سعر الصرف، وحتى الأسبوع الماضى، لتصل إلى 1.540 تريليون جنيه، مقابل 646.29 مليار جنيه فى نفس فترة المقارنة العام الماضى.
وشهدت تداولات البنوك فى الإنتربنك المحلى أعلى قيمة خلال شهر مايو الماضى، لتسجل 196 مليار جنيه، بزيادة 39 مليار جنيه على أبريل السابق له الذى بلغت فيه التداولات 160 مليار جنيه.
وعلى الرغم من ارتفاع الطلب على الاقتراض من خلال الإنتربنك المحلى، فإنَّ مستويات سعر الفائدة بالإنتربنك لم ترتفع كثيراً عن مستويات أسعار الفائدة على الكوريدور التى حددها المركزى، حيث تراوحت أسعار الفائدة على تعاملات البنوك فى سوق الإنتربنك بين 12.9 و18.9% يومياً، مقابل 8.9% و11.8% يومياً فى فترة المقارنة العام السابق له.
وأرجع محللون ومصرفيون الزيادة الملحوظة فى تداولات البنوك بالإنتربنك المحلى إلى إعادة توزيع السيولة بعد رفع عدد من البنوك على رأسها البنوك العامة العائد على أوعيتها الادخارية لمستويات تتراوح بين 16 و20%.
ورفع البنك المركزى أسعار العائد على الكوريدور بنحو 700 نقطة أساس منذ نوفمبر الماضى، منها 300 نقطة بالتزامن مع قرار تحرير سعر الصرف.
وقال البنك المركزى فى أحدث تقاريره، إن النشاط الملحوظ للتعامل بين البنوك وزيادة طلب تسهيلات الاقتراض من البنك المركزى منذ أبريل الماضى، يعودان إلى السياسة النقدية التقييدية.
أوضح التقرير، أن استحداث آليات مثل الودائع المتغيرة لسحب السيولة طويلة الأجل، ورفع أسعار الفائدة بنحو 700 نقطة أساس خفضا معدلات فائض السيولة قصيرة الأجل كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى إلى 0.6% فى مايو 2017، مقابل 3.5% فى نوفمبر 2016.
وقالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث فى بنك الاستثمار فاروس، إن الفائدة المرتفعة لم تنجح فى جذب الجزء الأكبر من السيولة بالعملة المحلية خارج القطاع المصرفى، بدليل نمو معدل السيولة بالعملة المحلية داخل البنوك بنحو 12% فقط.
وتشير بيانات المركزى إلى انخفاض نسبة النقد المتداول خارج المصارف إلى جملة الودائع بنحو 0.3% فقط فى مايو الماضى، لتصل إلى 13.6%، مقابل 13.9% خلال نوفمبر 2016.
أضافت »السويفى«، أن السيولة التى امتصها البنك المركزى من البنوك كانت أكبر من تلك المتدفقة للقطاع المصرفى، لذلك زادت حاجة البنوك للتعامل فى السوق البينى بعد سحب البنوك صاحبة الفائدة المرتفعة من نظيرتها التى لم تتمكن من زيادة تكلفة أموالها.
وقال مسئول ائتمان بأحد البنوك الأجنبية، إن التباين فى أسعار الفائدة بين البنوك، حسم المنافسة على السيولة المتدفقة إلى القطاع المصرفى لصالح البنوك العامة.
أوضح، أن السيولة الجديدة التى تدفقت للقطاع المصرفى محدودة وبخلاف ذلك، أقبل عدد من العملاء القدامى للبنوك على كسر ودائعهم وشهاداتهم الادخارية ذات العائد المنخفض لإعادة ربطها فى البنوك المصدرة لشهادات الـ20%.
أضاف، أنه على الجانب الآخر واجهت البنوك التى احتفظت بأسعار إقراض خاصة للأفراد منخفضة نسبياً عن المستويات المرتفعة بالقطاع المصرفى للبحث عن سيولة جديدة لتلبية طلبات العملاء، وهو ما تسبب فى نمو الطلبات فى الإنتربنك المحلى.
وتشير بيانات البنك المركزى إلى تغير هيكل الودائع داخل القطاع المصرفى منذ نوفمبر الماضى، لتستحوذ الودائع والشهادات لأجل أقل من 3 سنوات على النسبة الأكبر من المدخرات، فى حين أن الأوعية الادخارية لأجل أكثر من 3 سنوات كانت تستحوذ على الحصة الأكبر حتى أكتوبر 2016.
ويرى إبراهيم الكفراوى، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، أن بعض البنوك تواجه أزمة سيولة، نتيجة التنازلات الدولارية من جهة، واتجاه الشركات لسحب إيداعاتها بالجنيه وشراء الدولار لتسديد مديونياتها، أو تحويل أرباحها.
وأظهر ميزان المدفوعات استحواذ تحويلات أرباح الشركات الأجنبية على 64% من مدفوعات الاستثمار لتبلغ 3.1 مليار دولار من إجمالى المدفوعات البالغة 4.9 مليار دولار.
فى الوقت نفسه، استبعد »الكفراوى«، حدوث أزمة سيولة فى القطاع المصرفى، كما حدث فى 2012 فى ظل وجود قنوات تبادل فائض السيولة والتنسيق بين البنوك، معتبراً أن زيادة حجم التعامل البينى مؤشر صحى.
أوضح »الكفراوى«، أنه خلال عام 2012 لم يكن هناك قنوات كفاية لتبادل السيولة، لذلك كانت البنوك التى تمتلك فائضاً تودعها لدى البنك المركزى أو تستثمرها فى السندات وأذون الخزانة، ولم يكن تبادل السيولة فيما يعرف بالإنتربنك بقوته الحالية.
وتوقع »الكفراوى« ارتفاع نسب التوظيف داخل البنوك إلى 50% بعد نشاط القروض المشتركة خلال آخر شهرين، وهو ما تسبب، أيضاً، فى الضغط على السيولة المتاحة لدى البنوك ودفعها لتكثيف طلباتها البينية.
وذكر »الكفراوى«، أن هناك أداة يستطيع البنك المركزى التحكم بها فى مستويات السيولة لدى بنك معين حال واجهته أزمة سيولة، وهى الإعفاء الكلى أو الجزئى للاحتياطى الإلزامى لفترة زمنية محددة أو إقراض بصورة مباشرة.
أضاف »الكفراوى«، أن أى نشاط فى التعامل على آليات التنسيق بين البنوك مؤشر على وجود نشاط وحركة، ويجعل القطاع المصرفى أكثر قدرة على مواجهة الأزمات.
ورأى أحمد الغندور، رئيس قطاع التمويل الشركات بأحد البنوك الحكومية، أن الإنتربنك الدولارى كان أحد المساهمين بقوة فى عمليات تبادل السيولة بين البنوك.
أوضح »الغندور”، أن موارد البنوك من العملة الأجنبية ارتفعت بشكل كبير بعد التعويم، الأمر الذى ضغط على مستويات السيولة المحلية بعد تراجع قيمة الجنيه.
وقال خبير مصرفى، إن تكلفة اقتراض البنوك من بعضها أقل من حيث المخاطر والتكلفة؛ حيث إن العائد يكون قريباً من سعر الكوريدور، فى حين أن مصادر التمويل التقليدية من ودائع العملاء تكون تكلفتها أعلى ذلك لأن اللجوء لتبادل السيولة على فترات قصيرة يصب فى مصلحة جميع الأطراف.