يدور خلاف فى الولايات المتحدة حول حجم الخفض المطلوب فى ميزانية المساعدات الخارجية ففى حين يقترح مجلس النواب الأمريكى خفضا تدريجيا فى الإنفاق على البرامج المحلية والمساعدات الخارجية من 511 مليار دولار إلى 424 مليار دولار بحلول عام 2027 فإن الرئيس دونالد ترامب يريد خفضا بنسبة 32% أو ما يقرب من 19 مليار دولار.
وعموما فإن الخفض المنتظر يتطلب المزيد من التركيز عند ضخ المساعدات لتكون اكثر جدوى، فبحسب تقرير لموقع ديفيكس هناك حاجة الى اصلاحات ليكون لها تأثير كبير على سكان العالم الضعفاء.
وبميزانية أصغر، يجب توسيع نوع المنظمات التى تتلقى التمويل ليتجاوز نطاق حصريته مع المنظمات غير الحكومية الكبيرة، ليشمل بدلا من ذلك المنظمات الصغيرة والمتوسطة الحجم الغنية بالعلاقات التى لم يتم تمويلها تقليديا.
ويتميز تمويل المنظمات الصغيرة المتوسطة ذات الجذور العميقة فى البلدان الفقيرة بأنه يستفيد من وصولها الى شبكات علاقات محلية اكثر عمقا، مما يحدث الفارق فى التأثير فى المجتمع، وهذا أمر مهم لأن التقاليد الثقافية المعقدة تسهم إسهاما كبيرا فى الفقر فى جميع أنحاء العالم. ويتطلب تحدى هذه المعايير الثقافية منظمات متأصلة بعمق ترتبط بعلاقات تتمتع بالثقة مع السكان المحليين.
على سبيل المثال، خلال تفشى فيروس إيبولا فى غرب أفريقيا عام 2014، كانت التقاليد الثقافية فى كيفية دفن السكان المحليين للموتى عاملا مساهما فى كيفية انتشار المرض. وسنت الحكومات قوانين تهدف إلى منع الناس من دفن موتاهم بهذه الطريقة، ولكن هذه القوانين لم تنجح بسبب وجود مستوى عال من عدم الثقة فى الحكومة. ثم أرسلت جماعات مساعدات أجنبية كبيرة لتدريب الناس على ممارسات الدفن الآمنة، ولكن كان هناك مستوى عال من عدم الثقة تجاه الغرباء، ومرة أخرى، لم يتغير السلوك الثقافي. ورفض السكان المحليون التعاون مع عمال الإغاثة والمساعدة التى كانوا يحاولون تقديمها.
لكن بمجرد قيام الحكومات والمنظمات غير الربحية الكبيرة بتمويل منظمات صغيرة تتمتع بثقة المجتمعات المحلية، تمكنت هذه المنظمات الغنية بالعلاقات من العمل كمنسقين ثقافيين للمجتمعات المتضررة من فيروس إيبولا، وتم حشد جهود التعليم والوقاية، وتغيير طريقة تعامل السكان المحليين مع موتاهم، مما قلل من انتشار المرض، وساعد فى نهاية المطاف البلاد على أن تصبح خالية من الإيبولا.
وتمتلك الولايات المتحدة تجربة تفاعلية ناجحة حيث تم إنشاء مبادرة الشركاء الجدد كجزء من خطة الرئيس جورج دبليو بوش الطارئة للإغاثة من الإيدز. وخصص هذا البرنامج التاريخى مبلغ 200 مليون دولار من ميزانيته البالغة 15 مليار دولار لجماعات المجتمع والكنيسة التى لم تكن المتلقية العادية للمساعدة الخارجية الأمريكية العامة. وكان الهدف هو استخدام هذه المجموعات لاختراق زوايا يصعب الوصول إليها من البلدان المستهدفة وتم إشراك الجماعات الدينية المحلية الغنية بالعلاقات مع روابط عميقة على مستوى المجتمع المحلي.