تأثر كل قطاع وكل جانب من جوانب المجتمع تقريباً بطريقة ما بتحرير سعر صرف الجنيه المصرى، الذى شهدته البلاد فى نوفمبر 2016، ووصل التأثر إلى الحد الذى بات ينظر فيه إلى هذا الحدث على أنه منعطف حرج فى التاريخ الاقتصادى الحديث للبلاد.
وقالت مجلة «بلومبرج بيزنس ويك»، إنَّ تحرير سعر الصرف تسبب فى خسارة العملة نحو 50% من قيمتها، ولكنه جزء رئيسى من برنامج الإصلاح الاقتصادى الحكومى، وأظهرت هذه الخطوة، أيضاً، التزام الرئيس عبدالفتاح السيسى بالإصلاح الاقتصادى، ما يبعث الثقة بين المستثمرين الدوليين.
ولفهم الوضع الحالى لقطاع العقارات، من الأهمية أن نتذكر تأثير تحرير سعر الصرف على القطاع فى ذلك الوقت، بالإضافة إلى تأثيره المستمر حتى الآن، فعندما انخفضت قيمة الجنيه المصرى تضخمت أسعار السلع المستوردة، بما فى ذلك المواد الخام للبناء، بشكل حاد، كما فضل المشترون المحتملون، فى خضم الاضطرابات الاقتصادية، الإفراط فى الحذر، ما تسبب فى ضربة شديدة لمبيعات العقارات.
ولكن بعد مرور عامين تقريباً، تجاوزت مصر الآن صدمة انخفاض الجنيه، وبدأت فى رؤية فوائد الاقتصاد الأكثر توازناً.
وقال سهير مزالى، المحلل الإقليمى المتخصص فى شئون أفريقيا لدى مجموعة «أكسفورد» للأعمال، إن انخفاض قيمة العملة المحلية، بجانب التضخم الناتج عن ذلك والإصلاحات التى قامت بها الحكومة تسببت فى انخفاض القوة الشرائية، وبالتالى انخفض الطلب على العقارات. ومع ذلك، استقرت قيمة الجنيه منذ الربعين الأول والثانى من عام 2017، كما ارتفع الاستثمار الأجنبى المباشر وتحولت الإصلاحات الاقتصادية إلى مزيد من اليقين فى القطاع، وذلك بحسب ما أوضحه «مزالى».
وعلاوة على ذلك، أوضح تقرير بحثى حديث صادر عن شركة «جونز لانج لاسال» المتخصصة فى إدارة العقارات والاستثمار بعنوان «سوق القاهرة العقارى فى الربع الأول لعام 2018»، أن هناك إحساساً حقيقياً بأن القطاع العقارى فى مصر يعود إلى سابق عهده، مع استمرار المستثمرين والمطورين فى المشاريع القائمة بالفعل وإطلاقهم مشاريع جديدة أيضاً.
ولتلخيص الوضع الحالى فى سوق العقارات المصرى، أشار التقرير إلى أن السوق السكنى مدعوم بمزيد من الخطط التوسعية لضواحى القاهرة، التى تواصل استيعاب النمو السكانى والحد من الكثافة فى وسط القاهرة، مضيفاً أن الأسعار السكنية استمرت فى الارتفاع، بينما كان سوق تأجير العقارات أقل ازدهاراً.
وفى الوقت نفسه، شهدت إنشاءات المبانى الإدارية أداءً مستقراً نسبياً، خلال الربع الأول من العام، مع تزايد الطلب بشكل أساسى على المجمعات الإدارية المتكاملة، وهو ما أدى إلى الإعلان عن إنشاء مناطق إدارية جديدة عبر القاهرة.
كما أن قطاع التأجير تأثر بشدة إثر انخفاض قيمة الجنيه المصرى، والإصلاحات الاقتصادية الأخرى؛ حيث بلغ متوسط الانخفاض فى الإيجارات حوالى 45%.
وفى الوقت الذى يبدو فيه قطاع الإيجارات مثالاً أكثر تطرفاً، يبدو القطاع العقارى بشكل عام وكأنه يسير فى الاتجاه الصحيح بفضل مركزه كعنصر أساسى تقليدى للاستثمار المصرى، وبالتالى لا غرابة فى أن قطاع العقارات لا يزال واحداً من أسرع القطاعات نمواً فى مصر وواحداً من أفضل القطاعات من حيث المساهمة فى الناتج المحلى الإجمالي، رغم الاضطرابات الناجمة عن الإصلاحات الاقتصادية.
وأضافت المجلة اﻷمريكية، أنه مع تزايد الطلب وتحسن الثقة فى الاقتصاد، يبدو أن القطاع العقارى فى مصر سوف يكون لديه إمكانات نمو كبيرة فى السنوات القليلة المقبلة.