تشدد شروط التمويل العالمية يزيد من تكلفة الاقتراض بالنسبة لمصر
الدين العام الحكومى يتراجع إلى 78.6% من الناتج المحلى الإجمالى العام المالى المقبل
قالت «فيتش سوليوشنز»، الذراع البحثية لوكالة التصنيف الائتمانى (فيتش)، إن جدول استحقاق الدين فى مصر قصير نسبياً، ما يزيد من مخاطر تمديد الآجال، وإن نحو 50% من ديون مصر تستحق السداد بحلول نهاية عام 2020.
وأضافت، فى تقرير حصلت «البورصة» على نسخة منه: «تتحدد مخاطر العملات الأجنبية بنسبة 60% من الديون المقومة بالجنيه، بالرغم من أننا نرى منطقاً لهذا الارتفاع فى السنوات القادمة؛ حيث تواصل الحكومة إصدار مبالغ كبيرة من الدين المقومة بالعملات الأجنبية».
وأضافت أنه فى ظل بيئة من تشديد شروط التمويل العالمية، يمكن أن يؤدى ذلك إلى ارتفاع فى تكاليف الاقتراض بالنسبة لمصر، مشيرة إلى أن استمرار الإصلاحات المالية، وما يترتب على ذلك من شعور إيجابى تجاه المستثمرين يقمع هذه التكاليف.
وذكرت أن توحيد مصر المالى والنمو الاقتصادى القوى يساعدان على تضييق الدين العام كحصة من الناتج المحلى الإجمالى، متوقعة أن ينخفض الدين العام الحكومى من ما يقدر بنحو 89.4% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى الماضى إلى 84.3% فى العام المالى الحالي، و78.6% فى العام المالى المقبل.
وتتوقع «فيتش سوليوشنز» تراجع عجز الموازنة العامة للدولة، خلال العام المالى الحالى، إلى 7.8% من 9.4% من إجمالى الناتج المحلى، خلال العام المالى الماضى، على أن يواصل التراجع ليصل 6.4% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى المقبل.
وتختلف تلك الأرقام تماماً عن ما تعلنه الحكومة؛ حيث تستهدف الحكومة خفض عجز الموازنة العام المالى الحالى إلى 8.4% من 9.8% من الناتج المحلى العام المالى الماضى، بينما تقول الحكومة، إنَّ الدين العام يبلغ نحو 97% من الناتج المحلى، وتسعى لخفضه إلى 92% مع نهاية العام المالى. وقالت الشركة، إنَّ الإصلاحات الضريبية والنمو القوى للناتج المحلى الإجمالى الحقيقى سيؤديان إلى زيادة الإيرادات الضريبية، فى ظل زيادة عائدات الحكومة من قطاع الغاز بما يتماشى مع ارتفاع الإنتاج، وتخفيضات دعم الطاقة الإضافية تؤدى إلى احتواء نمو الإنفاق.
وذكرت أن الآثار الإيجابية لتلك العوامل ستساعد على انخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى المرتفعة فى البلاد فى السنوات المقبلة، مشيرة إلى أن تركيبة الديون تمثل بعض التحديات، مع نسبة كبيرة تبلغ 42.1% من الإجمالى المستحق قبل نهاية عام 2019.
وتابعت: «سيستمر العجز المالى فى مصر فى الانكماش خلال السنوات المقبلة؛ حيث يعزز النمو الاقتصادى القوى والإصلاحات المالية الإيرادات ويساعد على تلطيف نمو الإنفاق».
وأوضحت «فيتش سوليوشنز»، أنَّ مصر نفذت إصلاحات مالية كبيرة فى السنوات الأخيرة بما فى ذلك إدخال ضريبة القيمة المضافة، وزيادات فى ضرائب التبغ وأسعار المترو، وتخفيضات دعم الوقود والكهرباء، ما أدى إلى تحقيق مصر فائضاً أولياً بنسبة 0.2% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى الماضى، وذلك للمرة الأولى منذ العام المالى 2003- 2004.
وتتوقع أن يرتفع الفائض الأولى لمصر إلى 2.1% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى الحالي، وهو أعلى من الهدف الحكومى عند 2% من الناتج المحلى، و2.3% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى المقبل.
وقالت إن تكاليف خدمة الديون مرتفعة وتعنى أن مصر ستستمر فى إدارة العجز المالى الإجمالى فى السنوات القادمة.
وأضافت «فيتش سوليوشنز»، أنَّ النمو المرتفع للناتج المحلى الإجمالى سيستمر، وسيؤدى ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعى، والإصلاحات الضريبية الأخرى فى تعزيز الإيرادات الحكومية فى الفصول القادمة.
وتوقعت «فيتش» نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بنسبة 5.0% فى العام المالى الحالى و5.1% فى العام المالى المقبل، بينما تستهدف الحكومة أن يبلغ الناتج المحلى الإجمالى نحو 5.8% العام المالى الحالى.
وترى «فيتش»، أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة والدخل ومجموعات الضرائب الأخرى، بجانب ارتفاع إنتاج الغاز – الذى نتوقع زيادة إنتاج الغاز بنسبة 20.0% فى عام 2019 و5.6% فى عام 2020 – ستنعكس على زيادة متحصلات الحكومة للضرائب.
وأضافت أن جهود الحكومة لتعزيز قدرة تحصيل الضرائب ستنعكس، أيضاً، على تحقيق مكاسب فى الإيرادات، بدعم من خطط التعامل مع التهرب الضريبى، وفرض عقوبات على المتهربين.
وتابعت: «أوضحت الحكومة عزمها إدخال مبادرات للحوكمة الإلكترونية للحد من التكاليف الإدارية، فضلاً عن نظام ضريبى مبسط ومتعلق بالشركات الصغيرة والمتوسطة لإقناع الشركات فى القطاع غير الرسمى بالانتقال إلى القطاع الرسمى، وبالتالى المساعدة على توسيع نطاق الضرائب قاعدة». وتعتقد «فيتش سوليوشنز»، أن التأثيرات الكاملة لتدابير الحكومة التى تسعى لتبنيها من غير المرجح أن يتم الشعور بها على الفور، وأن تنفيذها الكامل سيستغرق بعض الوقت، لكنها تتوقع أن تقدم نتائج ولو متواضعة إلى الإيرادات المالية فى الأرباع المقبلة.
وقالت إنها تتوقع أن يكون هناك المزيد من التخفيضات فى الدعم، وأن يتم احتواء نمو الأجور فى القطاع العام، ما يساعد على الحد من نمو الإنفاق فى المستقبل.
وأضافت أن برنامج الإصلاح الاقتصادى مع صندوق النقد الدولى يتضمن جولة رابعة من تخفيضات دعم الوقود والطاقة فى منتصف عام 2019، وتشير تصريحات المسئولين المختلفين إلى أن الحكومة تظل ملتزمة بهذا الإطار الزمنى للتنفيذ.
وذكرت أن الحكومة تهدف إلى التوافق التام لأسعار الوقود المحلية مع تقلبات أسعار الوقود العالمية.
وتابعت: «تشير الحكومة أيضاً إلى أنها ستحاول الحد من التوظيف فى القطاع العام وزيادة الأجور فى الأرباع القادمة».
وحذرت المؤسسة من عدم حصول موظفى الجهاز الإدارى للدولة على العلاوة السنوية فى نهاية العام المالى الحالى، والتى قد يؤثر ذلك على الإصلاح الاقتصادى، قائلة: «صرح الرئيس السيسى فى مؤتمر منتدى الشباب العالمى فى شرم الشيخ فى نوفمبر 2018 بأن العاملين فى القطاع العام قد لا يحصلون على زيادة الأجور السنوية التقليدية فى نهاية العام المالى. ومع ذلك، فإننا نحذر من أنه فى حالة حدوث غضب شعبى كبير ضد مثل هذه الخطوة، فقد نشهد تأخر تنفيذ الإصلاح أو انخفاضه بشكل كبير».