خليل البواب:السوق المصرى يستوعب التمويل بالسندات لكن ينقصه وعى الشركات بأهمية أوراق الدين
انتعاش سوق السندات سيرفع عمولات بنوك الاستثمار مع زيادة حجم السوق تدريجيًا
مصطفى جاد:معظم صناديق التأمين والمعاشات تحتفظ بالسندات حتى تاريخ الاستحقاق
تمويل توسعات الشركات بالسندات لا يعنى الاستغناء عن التمويلات البنكية
هبة عبداللطيف:ضمانة الخروج للمستثمرين فى أى وقت من سوق السندات ضرورى لزيادة السيولة
تطوير السوق يحتاج سياسة جديدة تدفع شركات التأمين لزيادة شراء السندات
ناقشت الجلسة الثانية من القمة السنوية الرابعة لأسواق المال التى تنظمها جمعية مصدرى ومستثمرى أدوات التمويل بعنوان «أدوات التمويل فرص تسريع النمو وتنشيط أسواق المال»، آليات تفعيل السوق الثانوى للسندات.
ورصدت الجلسة تطور إصدارات أسواق الدين فى الاقتصادات الناشئة وآليات تنشيط سوق ثانوى لها وأدارتها سارة حسنى، المدير التنفيذى لجمعية مصدرى ومستثمرى أدوات التمويل.
قال خليل البواب، الرئيس التنفيذى المشارك والعضو المنتدب لشركة مصر كابيتال للاستثمارات، إن حجم إصدارات الدين تخطى 2.3 تريليون دولار، على مستوى الأسواق الناشئة، وهو رقم كبير إذا ما تمت مقارنته بالإصدارات فى مصر، وأن اليوم هو المرة الأولى التى تشهد الجمع بين مصدرى ومستثمرى السندات على مائدة للحوار.
أضاف أنه إذا ما نظرنا لحجم أذون وسندات الخزانة فهى بالكاد تخطت تريليونى جنيه، ورغم ذلك هو نمو كبير فقبل 10 سنوات لم تكن بلغت مليار جنيه مشدداً على ضرورة عدم تجاهل أدوات الدين كجزء من أسواق المال.
وأوضح البواب أن التوجه السابق هو قصر أسواق المال على الأسهم، رغم أن سوق أدوات الدين فى 2010 كان حجمه كبير ما بين توريق وسندات شركات وسندات هيئة المجتمعات العمرانية وتخطى 10 مليارات جنيه، لكنه الآن أقل من 5 مليارات جنيه تقريبًا ومعظمها سندات توريق.
أشار إلى أن الاضطرابات السياسية وتأثيرها على الاقتصاد وما تبعه من معدلات تضخم مرتفعة وزيادة فى أسعار الفائدة عرقلت نمو سوق الدين.
وقال إن العلاقة عكسية بين إصدارات أدوات الدين وسعر الفائدة، ونسب توظيف القروض إلى الودائع بالعملة المحلية أقل من %35 وهى أدنى مستوياتها على الإطلاق.
أضاف أن جمعية مصدرى ومستثمرى أدوات التمويل تحاول حاليًا نشر الوعى لدى الشركات والمستثمرين، وإنشاء بنية تحتية لدفع التمويل إلى النمو.
وأبدى تفاؤله بالاتجاه للتوسع النقدى، مشيرًا إلى أن هناك سوقاً يستوعب التمويل بالسندات لكن ينقصه وعى الشركات بأهمية أوراق الدين، وهو ما يستدعى توعية للمستثمرين سواء شركات أو أفراد.
أوضح أن هناك اهتماماً كبيراً من قبل هيئة الرقابة المالية والبنك المركزى وبنوك الاستثمار بهذا النوع من التمويل، خاصة مع التركز العالى لأدوات التمويل فى توظيفات البنوك.
وقال إن إصدارات الدين لدول الخليج سواء ديون سيادية أو شركات تخطت 92 مليار دولار خلال 2018، وذلك انخفاضًا من 105 مليارات دولار فى 2017، علاوة على أن %50 منها شركات و%50 ديوناً سيادية.
أضاف أن معظم السندات حاليًا سندات توريق ولا يوجد سندات شركات تقريبًا وذلك يرجع إلى أسعار الفائدة المرتفعة.
لكن هبة عبداللطيف، رئيس وحدة القروض والسندات بالبنك التجارى الدولى، اختلفت معه قائلة إن الفائدة مرتفعة على كل الأوراق التجارية بما فيها التوريق، لكن الحقيقة وراء عدم إصدار سندات شركات هى عدم وجود حاجة لها، فالشركات تصدر سندات التوريق لأن لديها قيوداً على مستويات حقوق الملكية والرافعة المالية.
أضافت أن سندات الشركات توفر عائداً أقل بنحو %2 إلى %3 عن القروض البنكية، فالأداة لديها ميزة سعرية لكن الشركات لا تتوجه لها وهذه هى المشكلة الرئيسية.
واتفق البواب مع عبداللطيف، على أن الوعى المشكلة الأساسية، سواء للمستثمر أو المصدر، لأنه على سبيل المثال عمولة الأسهم أعلى من عمولة السندات فهى لا تمثل حافزاً خاصة مع حجم السوق الضعيف، لكن حال انتعش هذا السوق سترتفع عمولات بنوك الاستثمار من السندات مع زيادة الحجم.
وقالت عبداللطيف إنه منذ بدأ البنك التجارى الدولى فى إصدار سندات التوريق، تم تنفيذ 35 إصداراً بقيمة 25 مليار جنيه شارك البنك فى 32 منها بقيمة 22 مليار جنيه.
أضافت أنها تنصح والدها باستثمار أمواله فى التوريق خاصة أن العائد على هذه الديون أعلى من الدين الحكومى رغم أن تصنيف المخاطر فى الجودة نفسها تقريبًأ، لكن للأسف القليل يعرف أنه بوسعه الاستثمار فى السندات، وتحقيق هذه المعادلة بين الربح والمخاطر، والأهم أنه يلغى الوساطة بين التمويل والاستثمار.
وقال مصطفى جاد، الرئيس المشارك لقطاع الترويج وتغطية الاكتتاب بالمجموعة المالية هيرميس إن هناك عدداً من النقاط، يجب مناقشتها، فأسواق المال منقسمة إلى طرفين الأول هو المصدر وهنا يجب الإجابة على سؤال هام هل هناك حاجة للشركات لإيجاد تمويل طريق الأجل، والاجابة أنها محدودة نتيجة إحجام الشركات عن التوسعات الرأسمالية، ويظهر ذلك بوضوح فى عدم إقبالهم على الحصول على قروض رأسمالية من البنوك.
أضاف أن معظم محفظة قروض البنوك، قروض تمويل رأس المال العامل، أو قروض لمشروعات عقارية طويلة الأجل وبالتالى فليس هناك حاجة للسندات فى الوقت الحالى، خاصة أن الشركات المحلية لا ترى جدوى من تحمل سعر الفائدة المرتفعة لإجراء توسعات خاصة مع ضعف الطلب بسبب معدل التضخم المرتفع أو انخفاض الاستهلاك الخاص.
وقالت هبة عبداللطيف، إن الاقتراض بفائدة ثابتة لمدد طويلة، مع عدم وجود آلية لإعادة تسعير السندات لتتفاعل مع أسعار العائد فى السوق أمر غير مشجع لتداول السندات، مشيرة إلى أن إنشاء منحنى عائد رسمى لأدوات الدين الحكومى خطوة قوية تسهم فى إعادة تسعير سندات الشركات.
وقال مصطفى جاد، إن الحديث هنا عن تمويل توسعات الشركات بالسندات، لا يعنى الاستغناء عن التمويلات البنكية، لكنه ضرورة مُكملة فخلال 2010 كان عدد من الشركات تخطى الحدود المقررة لاقتراض العميل الواحد والأطراف المترابطة من البنوك لذلك كان التمويل عبر السندات حينها ضرورة، لكن من جديد ما دامت الشركات لا تنوى التوسع وبوسعها الاقتراض من البنوك فليس فى وسع بنك الاستثمار خلق الحاجة لتمويل عبر السندات.
أضافت هبة عبداللطيف، أن هناك مشكلة أخرى، وهى إدراك الشركات أنها حينما ستلجأ للسندات ستكون البنوك جمهورها المشترى، فالأمر يبدو حينها كاختيار الطريق الأطول دون جدوى، خاصة إذا ما كان هناك مجال لاقتراض من البنوك.
وقال مصطفى جاد، إن الإصدارات التى نفذتها «هيرميس» كانت حريصة فيها على إبعاد البنوك عن الاكتتاب وقصرها على المؤسسات غير المالية، وتم التركيز على البريد وهيئات معينة.
أضاف أن المشكلة هنا هى عقلية المستثمرين فمعظم صناديق التأمين والمعاشات تحتفظ بالسندات حتى تاريخ الاستحقاق، وهو ما لا يشجع التبادل عليها وخلق سوق ثانوى.
وقالت هبة عبداللطيف، إنها دائمًا ما تفكر فى آلية تجعل بنوك الاستثمار متعاملين رئيسيين بحيث تضمن للمستثمرين فى هذا السوق إمكانية الخروج فى أى وقت، وهو أمر ضرورى لزيادة السيولة.
ويرى جاد أن معظم المتعاملين لا يعرفون آلية تسعير السند وخسائره ومكاسبه الرأسمالية، وكيف تؤثر نتائج أعماله على العائد، وهذا دور مديرى الطروحات فى إيصال تلك المعلومات للمستثمر.
واستبعد أن يكون السوق الثانوى نشطاً فى الطروحات بالوقت الحالى، لكن مديرى الطروحات سينجذبوا للمنتج بعد إصدار 4 أو 5 إصدارات، وسيسعون لزيادة وعيهم بها لبيع المنتج الجديد.
وقالت هبة عبداللطيف، إنه فى حديثنا عن سوق السندات ندخل فى معضلة «البيضة ولا الفرخة»، لكن إذا أردنا تطوير سوق السندات فعلينا بذل جهد مترابط من قبل كل الأطراف، واستحداث سياسة جديدة.
أضافت «على سبيل المثال لا يوجد إقبال كبير من شركات التأمين على شراء سندات التوريق، فلماذا لا يتم تحديد %10 على سبيل المثال من محفظة أدوات الدين، لصالح سندات الشركات، كما أننا بحاجة لضمان أن المشترين للسندات ليسوا بنوكاً”.
وقال خليل البواب، إن نشاط سوق السندات متعلق فى الأساس بوعى المستثمرين، فالبنوك لديها سيولة كبيرة من السندات الحكومية، ودورها ليس بيع أذون وسندات خزانة لذلك يجب خلق قنوات موازية عن طريق شركات سمسرة على دراية كاملة بالمنتج وبوسعها بيعه للشركات والأفراد.
وضرب مثالًا بسندات شركة «موبينيل” حينما تم تخصيص جزء من السندات كإصدار عام، ورغم أن الإصدار العام به مخاطرة لكن الوضع يختلف حين يدخل أفراد وشركات فى التغطية، وهو ما يستدعى دعم المنظم فى هذا الشأن.
وأضاف أن هناك حاجة للتمويل طويل الأجل لمشروعات البنية التحتية، ومن المفترض توفيره من شركات تأمين وصناديق التأمين الخاصة، والأخيرة ملزمة بنص القانون باستثمار %70 على الأقل من محفظتها فى السندات لكن الوضع حاليًا أنهم يستثمرون %90 فى الشهادات، وهو ما يرجع فى الأساس لأن الشهادات منتج متعارف عليه وعلى آلية عمله بخلاف السندات، كما أن صناديق التأمين الخاصة بها ديناميكية عبر دخول وخروج تدفقات منها ما يعنى أن الاستثمار الذى عليهم اختياره يجب أن يتيح الخروج منه لتغطية الالتزامات.
واقترح أن يكون هناك برامج معاشات من خريجى الجامعات، فاستثمار 100 جنيه أسبوعيًا فى سندات أو أذون سيكون الربح كبيراً، وهو يقودنا إلى ضرورة التوجه نحو الاستثمار متناهى الصغر فأقل حصة لشراء ورقة مالية غير متوافقة مع هذه الشريحة، رغم أن توجه الدولة نحو التمويل متناهى الصغر يجب أن يقابله توجه للاستثمار متناهى الصغر.
وقالت هبة عبداللطيف، إن قطاع التأمين لا يزال غير مخترق بصورة كبيرة، رغم اتساع قاعدة من يحق لهم التأمين.
وقال خليل البواب، إن بوالص التأمين تتخطى 3 ملايين بوليصة، رغم أن هناك ما يزيد على 100 مليون مواطن فى الدولة.
وتسائلت عبداللطيف، عن سبب عدم تصنيف الشركات ائتمانيًا من قبل شركات عالمية، لفتح المجال أمام المستثمرين الأجانب للاستثمار فى ديون الشركات، بما يحقق أكثر من هدف بينها تخفيف طلب هذه الشركات على العملة الأجنبية من البنوك وزيادة شفافية السوق، وتحديد نطاق سعرى مقارن لسندات الشركات أصحاب التصنيف نفسه، ويمكن أن تلعب الحكومة دوراً كبيرًا فى ذلك خاصة أن الأجانب يشترون أذون وسندات الخزانة الحكومية.
وعقب مصطفى جاد أن دخول الأجانب لشراء سندات شركات مصرية جائز وليس معقدًا، لكن شهية المستثمرين الأجانب، لشراء أذون وسندات الخزانة الحكومية يتقلب وليس ثابت تبعًا للأوضاع فى الأسواق الناشئة، لكن السندات طويلة الأجل على خلاف الأذون، كما أن سوق السندات غير سائل، بما لا يدعم سهولة الدخول والخروج وهو أول شىء يبحث عنه المستثمر الأجنبى.
وتوقع أن يكون المستثمرين المحليين هم الداعم الأساسى لإصدارات سندات الشركات خاصة فى الطروحات الأولى لحين تنشيط السوق الثانوى، وهو العامل الذى يحفز إقبال المستثمرين الدوليين.
أضاف جاد أن هناك حاجة لدخول شرائح جديدة من المستثمرين لتفعيل تبادل السندات حيث إن معظم المستثمرين حاليًا بنوك، أو هيئات لا تشترى بغرض التبادل وإنما يحملون السندات حتى تاريخ الاستحقاق.
أوضح أن أبرز العوامل التى يجب توافرها لتفعيل السوق الثانوى، هى توافر حاجة للتمويل طويل الأجل عبر اتجاه الشركات للتوسع الرأسمالى، ما يرفع أعداد الطروحات، ويجذب تلقائياً أنظار الشركات وبنوك الاستثمار.
أشار جاد إلى أن العامل الثانى هو جعل أذون الخزانة قابلة للتداول، ومتاح الاكتتاب فيها للأفراد وتوفير آليات سهلة لتوعيتهم بها.
وقالت هبة عبداللطيف، إنه من غير المتوقع نشاط السوق الثانوى للسندات قبل 3 أو 5 سنوات، لكنها ستسعى لتكوين جبهة ضغط لتذليل العواقب أمام سوق سندات الشركات.
وقال مصطفى جاد إنه ما دامت أدوات الديون السيادية لا يتم تداولها بشكل كبير فهذا يعنى أنه مازال هناك شوطًا كبيرًا حيث يجب إتاحة دخول المستثمرين فى سوق الدين المحلى مباشرة.
وتداخل أحد الحضور قائلًا، إن الورقة التجارية يتم التداول عليها فى البورصة بعد 3 أشهر من إصدارها، ما يعنى أن %30 من عمر ورقة 10 أشهر تم تجميده ومنعه من التداول، كما أن بنوك الاستثمار تفشل فى تسعير السند الذى يتم استهلاكه جزئيًا.