مع إنطلاق فعاليات منتدى مصر الإمارات للتجارة والاستثمار اليوم بالقاهرة والذي يشكل أكبر تجمع استثماري بين البلدين بحضور نخبة من كبار المسؤولين ورؤساء الشركات وممثلي القطاع الخاص في البلدين، تعكس الأرقام أن حجم التعاون الاقتصادي الكبير بين البلدين الشقيقين لا يقف عند حدود العلاقات الوطيدة والعميقة على الصعيد السياسي، بل يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير حيث تصل الاستثمارات الاماراتية في مصر إلى أكثر من 15 مليار دولار، فيما تعد الامارات الشريك التجاري الثاني لمصر عربيا .
وقد شارك في الافتتاح عن الجانب المصري طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري والدكتور محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربي، والدكتور عمرو نصار وزير التجارة والصناعة والمهندس جمال أنور السادات رئيس مجلس الأعمال المصري الإماراتي، وعن الجانب الإماراتي جمعة مبارك الجنيبي سفير دولة الإمارات لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، وعبد الله بن أحمد آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، وجمال سيف الجروان الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين، وناصر محمد النويس – رئيس مجلس إدارة شركة روتانا لإدارة الفنادق بالخارج.
وأكد طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، على خصوصية العلاقة بين دولة الإمارات العربية وجمهورية مصر، وتناول العديد من المواقف الداعمة بين البلدين خاصة على صعيد القطاع المصرفي، والذي كمان له الدور الأكبر في تجاوز مصر للعديد من التحديات المالية والاقتصادية خلال المرحلة الماضية.
كما استعرض المحافظ الإجراءات الإصلاحية لمنظومة القطاع المالي والمصرفي والسياسة النقدية الجديدة التي تتبعها مصر، والحلول التي تم تبنيها لتجاوز مختلف التحديات أمام المستثمرين الأجانب، ومن ابرزها توافر عملية تحويل الأرباح بالخارج والحصول على النقد الأجنبي والقضاء على السوق السوداء للعملة، والعمل على انتظام التدفقات النقدية الداخلة والخارجة من الدولة، مؤكدا على انه تم إزالة جميع معوقات تحويل النقد الأجنبي خارج مصر.
وقال محافظ البنك المركزي المصري، إن الأسواق الدولية يشوبها اليوم العديد من الاضطرابات وصناديق الاستثمار في العالم لم تعد لديها فرص كبيرة لتوظيف الأموال بأسلوب قليل المخاطر وبالشكل الذي يحقق النمو المطلوب، مشيراً إلى أن مصر حاليا لديها معدلات نمو عالية وتعد الأعلى على مستوى العالم رغم هذه التحديات، وذلك نتيجة صحة القرارات المتخذة من قبل الحكومة المصرية وتخت قيادة فخامة الرئيس لتغيير توجهات السياسية المالية بالبنك المركزي وتحرير سعر الصرف.
وتابع أن اليوم أكثر من 65% من القطاع المصرفي المصري هم مؤسسات وبنوك خاصة وأجنبية، وتحقق عوائد على حقوق المستثمرين بين 30 و40%، وهو ما يعزز الثقة في الاقتصاد الوطني بمصر وقدرته على توليد الفرص الجديدة.
كما استعرض تحسن ميزان المدفوعات المصري، وانخفاض عجز الموازنة، وارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي، وغيرها من المؤشرات التي تؤكد كفاءة الأداء الاقتصادي للدولة،
وفي كلمة له خلال المنتدى، أكد اللواء محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربي، على قوة العلاقات المتميزة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، ودعا المستثمرين الإماراتيين للدخول في شراكات تصنيعية مع شركات الإنتاج الحربي لرفع القدرات والامكانيات الصناعية والتكنولوجية، مشيرا إلى وجود شراكة حاليا مع شركة إماراتية لصناعة انابيب البولي إيثيلين بمصر وهو منتج يتسم بارتفاع الطلب عليه نظرا لدخوله في العدد من الخدمات الحيوية.
وأشار إلى أهمية تشجيع المستثمرين على الاطلاع على الفرص المتاحة للشراكة لتعزيز مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين وبما يخدم توجهاتهم التنموية.
قال جمعة مبارك الجنيبي سفير دولة الإمارات لدى جمهورية مصر العربية ومندوب دولة الإمارات الدائم لدى جامعة الدول العربية، إن هذا المنتدى يمثل إضافة ايجابية إلى رصيد العلاقات الأخوية الصادقة والشراكة الوثيقة التي تجمع دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، كما يعد بمثابة تعميق لأواصر الروابط بين البلدين، على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وتطوير شراكات ناجحة سواء على المستوى الحكومي أو على صعيد القطاع الخاص، وفق رؤية واضحة تحقق مصالحنا المشتركة.
وتابع أن دولة الإمارات وجمهورية مصر يتمتعان بعلاقات استراتيجية مثالية، وقد حرص البلدين على تعزيز هذه الروابط بالعديد من الاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم التي تعدت 50 اتفاقية شكلت أساساً للارتقاء بمؤشرات العلاقات التجارية والاستثمارية، حيث أن مصر تعد شريكاً تجارياً استراتيجياً للإمارات في المنطقة، فيما تأتي الإمارات ضمن أهم 10 شركاء تجاريين لمصر على مستوى العالم، وعلى صعيد الاستثمارات، تأتي الإمارات في مقدمة الدول المستثمرة في مصر حيث تغطي مجالات اقتصادية استراتيجية كالاتصالات والسياحة والقطاع المالي والمصرفي والقطاع العقاري والبنية التحتية والموانئ، إلى جانب الزراعة والتجارة وصناعة المواد الغذائية والدوائية، وهي جميعها قطاعات تشكل رهاناً حقيقياً للتنمية المستدامة.
وقدم الشكر للجهود المبذولة من قبل الحكومة المصرية لتذليل التحديات التي تواجه استثماراتنا الإماراتية في جمهورية مصر العربية والذي ينعكس ايجابياً على الخطط الاستثمارية الحالية والمستقبلية.
من جانبه، قال عبد الله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، إننا في غنى عن التأكيد على قوة العلاقات الأخوية الصادقة والشراكة الوثيقة التي تجمع دولة الإمارات وجمهورية مصر ليس فقط على المستوى الرسمي وإنما أيضا على المستوى الشعبي بكلا البلدين الشقيقين، والتي يترجمها سجل حافل من المواقف المشرفة للتآزر والتكاتف إزاء مختلف المخاطر والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة، وأيضا في المساعي المشتركة لتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة من خلال تعزيز مفاهيم التسامح والسلام والأمن الدوليين.
وأضاف ان إرادة ورغبة القيادة الرشيدة في كلا البلدين تبنت عدد من المبادرات التنموية في المجالات ذات الاهتمام، وربما يكون أبرزها المنصة الاستثمارية الاستراتيجية المشتركة بين الإمارات ومصر بقيمة 20 مليار دولار، والتي أطلقتها قيادتي البلدين الشهر الماضي خلال زيارة فخامة الرئيس المصري إلى دولة الإمارات، وستعمل على تنفيذ مشاريع حيوية في مجالات لها جدوى اقتصادية واجتماعية كبيرة بأسواق البلدين، يضاف إلى هذه المبادرة العديد من البرامج والخطط المتميزة للتعاون وتبادل الخبرات وفتح الأسواق وتنشيط حركة التجارة والاستثمارات البينية.
وأوضح أن هذه الجهود تأتي انعكست إيجابيا في أرقام ومؤشرات العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، حيث تمثل مصر الشريك التجاري السادس عربياً لدولة الإمارات والشريك الـ 21 عالمياً، فيما تمثل دولة الإمارات الشريك التجاري الثاني عربياً لجمهورية مصر والعاشر عالميا، حيث سجلت إجمالي المبادلات التجارية غير النفطية بين البلدين حوالي 3 مليار دولار خلال النصف الأول 2019، وتشير التقديرات إلى انها ستحقق نمواً بنسبة تقدر في حدود 10% عن العام 2018 لتصل إلى ما قيمته 6 مليارات دولار.
وحلت دولة الإمارات في المرتبة الأولى من بين مجموعة الدول العربية من حيث الصادرات المصرية لها بإجمالي ما يلامس الــ 2 مليار دولار مستحوذة بذلك على ما نسبته 21% من مجمل الصادرات المصرية إلى مجموعة الدول العربية، وأيضاً على صعيد الاستثمارات المتبادلة، حلت دولة الإمارات في المرتبة الأولى من بين دول العالم المستثمرة في مصر بإجمالي رصيد استثمار مباشر بقيمة تفوق 15 مليار دولار يعكس نشاط اكثر من 900 شركة إماراتية مستثمرة في مصر حتى نهاية 2018.
وتتمثل الاستثمارات الاماراتية في مصر في العديد من المشروعات منها محفظة استثمارات شركة إعمار بمصر 3.3 مليار دولار ، كما صرح مؤخرا رئيس شركة إعمار العقارية انه يعتزم ضخ استثمارات جديدة بقيمة 2.5 مليار دولار في مصر بمدينة الشيخ زايد، واستثمارات شركة مبادلة عن طريق شراء 10% من حصة شركة أيني الإيطالية في امتياز حقل شروق البحري للغاز وتقدر الصفقة ب 935 مليون دولار ، اضافة الى شراء 20% مؤخرا من الشركة الإيطالية في امتياز حقل نور البحري، وبلغت استثمارات مجموعة ماجد الفطيم في مصر حتى عام 2015 نحو 1.74 مليار دولار ، وتقوم حاليا باستثمارات جديدة بقيمة مليار دولار ، فيما بلغت استثمارات موانئ دبي العالمية 1.6 مليار دولار، وبلغ حجم الاستثمار الإماراتي في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا الامارات مبلغ 2 مليار دولار كان لشركة الاتصالات الاماراتية النصيب الأكبر فيها وشركة الخليج للسكر مليار دولار مع شركاء من مصر وتبلغ حصة المستثمرين الإماراتيين 70% من هذا الاستثمار، فيما تستثمر مجموعة اللولو 500 مليون دولار في قطاع بيع التجزئة في مصر.
ويبلغ اجمالي الاستثمارات الاماراتية في القطاع الزراعي في مصر حسب تصريح وزارة الزراعة المصرية 4 مليارات دولار تشمل استثمارات لشركة الظاهرة الزراعية وشركة جنان الزراعية وغيرها من الشركات، كما تستثمر شركة دراجون اويل الاماراتية بحوالي 850 مليون دولار في مصر، وتبلغ قيمة استثمارات البنوك الاماراتية في مصر مبلغ 1.5 مليار دولار، فيما تبلغ استثمارات دانة غاز في مصر مبلغ 2 مليار دولار وشركة روتانا في مصر بالقطاع السياحي ما يقارب 100 مليون دولار ومجموعة عمير القابضة لديها استثمارات بمنبلغ 250 مليون دولار في قطاع المواصلات فيما وقعت شركة النويس لإنتاج الطاقة النظيفة على إتفاق بقيمة 950 مليون دولار لإنشاء محطات كهرباء متجددة.
وفي المقابل تأتي جمهورية مصر العربية في المرتبة 29 من بين دول العالم المستثمرة في دولة الإمارات وفي المرتبة السابعة من بين مجموعة الدول العربية وذلك بإجمالي رصيد استثمار مباشر اقترب من مليار دولار لنهاية 2017.
من جانبه.. قال الدكتور عمرو نصار وزير التجارة والصناعة بالحكومة المصرية، إن هذا الحدث المهم فرصة حقيقية لاستشراف آفاق أوسع للتعاون المتبادل، ونحن على قناعة بأن أساس الشراكة بين البلدين يرتكز على رجال الأعمال وذلك من خلال الاستثمار في مشروعات تجارية وصناعية تعود بالفائدة والنفع على البلدين وتعمل على تحفيز النمو الحقيقي للاقتصاد إضافة إلى اتاحة المزيد من فرص العمل الجديدة.
وتابع أن الحكومة المصرية وضعت مجموعة من الثوابت لجذب الاستثمارات وتنمية النشاط الاقتصادي من خلال الاستمرار في السياسات الحالية لتحفيز القطاع الخاص للعب دور فعال في التنمية، وجذب الاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية للحكومة المصرية، والعمل على تفعيل الاتفاقيات التجارية التي وقعتها مصر لتحقيق أكبر استفادة ممكنة للدولة والمستثمرين داخل الدولة.
وأكد الوزير على وجود العديد من الفرص للتعاون الصناعي بين البلدين، واهمية دراسة سبل إقامة شراكات صناعية والخروج بها إلى أسواق الإقليمية وتحديداً الأسواق الأفريقية والتي تحمل فرص واعدة وناشئة، والدخول في أسواق جديدة وغير نمطية بما يتماشى مع توجهات ورؤية البلدين الشقيقين. تتماشى مع التطور
واستعرض القدرات الصناعية بالدولة وفرص الشراكات المطروحة والتسهيلات المقدمة للمصنعين وتحديدا المستثمرين الإماراتيين في ظل توافر العمالة منخفضة التكلفة والمواد الخام ووسائل النقل والقدرات التصنيعية. ودعا مجتمع الأعمال من البلدين لاستكشاف جميع الفرص المتاحة في القطاعات ذات الأولوية.
وإلى جانب ذلك استعرض ماسيمو فالسيوني، الرئيس التنفيذي لشركة اتحاد لائتمان الصادرات بدولة الإمارات، برامج وخطط عمل الشركة ودورها باعتبارها جهة تسهيل الصادرات الإماراتية للتوسع بالأسواق الخارجية والمساهمة في تعزيز تنافسيتها بالأسواق بالخارج.
كما استعرض سيف المزروعي، الرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة تشغيل الموانئ في موانئ أبوظبي استثمارات مجموعة موانئ أبوظبي وقدراتها وإمكانياتها الاستثمارية والتشغيلية، مع التأكيد على حرصهم على استكشاف فرص جديدة في السوق المصري لتعزيز أوجه التعاون المشترك.
وشهد المنتدى أيضا عدد من الجلسات الحوارية، هدفت إلى بحث الخطوات المطلوبة لتعزيز آفاق الشراكة الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة، خاصة وإن هناك العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة المطروحة أمام المستثمرين بالبلدين للارتقاء بحجم الشراكات القائمة، وتحديدا في القطاع الصناعي، بالإضافة إلى مناقشة التحديات التي تواجه الاستثمارات ووضع الحلول العملية، وتوسيع قنوات التواصل والشراكة بين المستثمرين ورواد الأعمال في البلدين وربطهم بالفرص الواعدة في مختلف القطاعات ذات الأولوية في الأجندة الاقتصادية للبلدين.
وشارك من ضمن وفد الدولة، السيد محمد ناصر حمدان الزعابي مدير إدارة الترويج التجاري وزارة الاقتصاد، وممثلين من جهات حكومية اتحادية ومحلية ومن القطاع الخاص من مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، وشركة الاتحاد لتأمين الصادرات، وموانيء أبوظبي، وغرفة تجارة وصناعة الفجيرة، وغرفة تجارة وصناعة عجمان، وأدنوك للأسمدة، ومبادلة للبترول، ومجمع دبي للاستثمار، وشركة حديد الإمارات وشركة رؤية الإمارات، وشركة دراجون أويل، ومصرف أبوظبي الإسلامي، ومجموعة الغرير للأغذية، وبنك أبو ظبي الأول، وعدد من الشركات وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
المصدر:أ.ش.أ