يتفق الجميع على أن فيروس “كورونا” المميت، الذى أغلق أجزاءً كبيرة من الصناعة الصينية وعلق الطيران بشكل فعلى فى البلاد، سيلحق ضرراً شديداً بالطلب العالمى على البترول، ولكن وكالات التنبؤ الثلاث الكبرى لديها آراء متناقضة بشأن مدى حدة هذا التأثير وماذا يعنى بالنسبة لأرصدة البترول فى عام 2020.
وخفضت الوكالة الدولية للطاقة وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية ومنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، فى تقاريرها الشهرية الصادرة قبل بضعة أيام، توقعاتها للطلب العالمى على البترول فى الربعين الأولين من هذا العام، ولكن شدة التخفيضات التى أجرتها الجهات الثلاث قد تعكس غياب أدلة قوية على وجود تأثير فعلى على الطلب.
وليس من الغريب أن ترى الوكالة الدولية للطاقة، التى تمثل الدول الرئيسية المستهلكة للبترول، التأثير الأكبر على الطلب.
ولا غرابة أيضاً فى أن لا ترى “أوبك – ممثلة منتجى البترول الساعين لدعم الأسعار من خلال كلماتهم وإن لم يكن بأفعالهم بعد”، سوى التأثير الأصغر، أما إدارة معلومات الطاقة اﻷمريكية، ممثل الدولة التى تعد الآن أكبر مستهلك ومنتج للبترول فى العالم، فقد وجدت نفسها فى المنتصف.
ونقلت وقالت وكالة أنباء “بلومبرج” عن الوكالة الدولية للطاقة قولها إن الطلب العالمى على البترول سينخفض فى الربع اﻷول بمقدار 1.3 مليون برميل يومياً عما كان متوقعاً قبل شهر، وهو انخفاض أكبر بثلاثة أضعاف من معتقدات “أوبك” وعميق كفاية لإيضاح أول انخفاض سنوى فى الطلب منذ عقد من الزمن.
ويتوقع أن يكون استهلاك الصين من البترول فى الربع اﻷول أقل بمقدار 940 ألف برميل يومياً عما توقعته الوكالة الدولية قبل شهر وأقل من مستويات الربع المقابل فى عامى 2019 و2018.
ومع ذلك، لا تبدو “أوبك” قلقة للغاية، فهى تعتقد أن “كورونا” قد يحد من طلب الصين على البترول فى الربع اﻷول بمقدار 160 ألف برميل يومياً فقط، مقارنة بتوقعات الشهر الماضى، كما سيستمر الاستهلاك بمقدار 140 ألف برميل يومياً مقارنة بنفس الفترة من عام 2019.
وانخفض استهلاك الوقود النفاث فى الصين الآن بمقدار 240 ألف برميل يومياً مقارنة بمستويات ما قبل تفشى “كورونا”، كما أن الطرق لا تزال خالية رغم انتهاء عطلة العام القمرى الجديد.
وفى الوقت نفسه، خفضت الوكالة الدولية للطاقة، فى تقرير الشهر الحالى، تقديرها للطلب العالمى على البترول فى 2019 بمقدار 110 آلاف برميل يومياً، كما اتبعت إدارة معلومات الطاقة اﻷمريكية مساراً مشابهاً، حيث خفضت تقديرات الطلب والنمو فى كل ربع سنوى من العام الماضى، مع انخفاض يقارب الضعف تقريباً فى الربع الرابع مقارنة بما كان عليه الوضع فى أى من ربع من اﻷرباع الثلاث السابقة.
ومع ذلك، كانت “أوبك” ترى اﻷمور بشكل مختلف، فقد احتفظت بمراجعاتها الهبوطية للربعين الأول والثالث وتركت تقديراتها للربعين الثانى والرابع دون تغيير، لتثبت بذلك أنها أكثر تفاؤلاً بشأن نمو الطلب فى العام الماضى مقارنة بالمتنبئين الآخرين، رغم أنها ترى انخفاض هذا النمو وتثبته الآن عند 920 ألف برميل يومياً.
ومن المؤكد أن نظرة “أوبك” الأكثر إيجابية حول الطلب على البترول تجعلها المنظمة الوحيدة من بين الوكالات الدولية الثلاث الكبرى التى تتوقع انخفاض المخزونات العالمية هذا العام فقط، بافتراض أن إنتاج “أوبك” لم يتغير عن مستواه البالغ 28.86 مليون برميل فى يناير.
ومع ذلك، ستحدد التحليلات المختلفة تماما للوكالات الثلاث لتأثير “كورونا” ما إذا كانت المخزونات سترتفع أم ستنخفض خلال العام.