يعد نقص العمالة، وعدم وجود عمال ذوى مهارة فنية عالية، من أهم التحديات التى تواجه المصانع خلال السنوات الماضية.
ولحل هذه الأزمة، طالب مستثمرون الحكومة بالتوسع فى نظام التعليم المزدوج، وزيادة تفعيل دور مصلحة الكفاية الإنتاجية، وإحكام السيطرة على المهن التى تتسبب فى تسرب عمالة المصانع إليها مثل القطاع غير الرسمى.
قال محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إنَّ الغرفة تعتزم عقد اجتماعات مع كل شعبة على حدة؛ لبحث احتياجاتها من العمالة، إذ أن كل شعبة لديها احتياجاتها من العمالة؛ فبعض القطاعات الصناعية تحتاج إلى عمالة بشكل كبير، فى حين تستوعب أخرى عدداً أقل لاعتمادها على التكنولوجيا بشكل كبير.
أضاف أن الغرفة تدرس التعاون مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، بهدف إعداد دراسات حول آليات نجاح التجارب الدولية فى توفير عمالة فنية مهارة.
“الصناعات الهندسية” تدرس التعاون مع البنك الأوروبى لدراسة التجارب الدولية
وطالب سمير البيلى، عضو مجلس إدارة غرفة الطباعة والتعبئة والتغليف باتحاد الصناعات، رئيس مجلس إدارة شركة الصفا للطباعة والتغليف، الحكومة بإعطاء حوافز للمستثمرين؛ لحثهم على المشاركة فى نظام التعليم المزدوج ومدارس التكنولوجيا التطبيقية.
أضاف أن الصناعة فى مصر لن تقوم لها قائمة، إلا بالتعليم الفنى الذى يستند إلى التجريب العملى بالتوازى مع الدراسة النظرية.
وتابع: «يواجه التعليم الفنى فى مصر مشكلة، تتمثل فى أن خريجيه ليس لديهم أى فكرة عن العمل بالقطاع الصناعى، فى الوقت الذى تعانى فيه المصانع نقص العمالة، فى ظل توجه معظم الشباب إلى الكليات النظرية.. وفى النهاية لا يجدون فرصة عمل عقب التخرج».
وتتعاون شركة الصفا للطباعة والتغليف، حالياً، مع إحدى مدارس التعليم الصناعى فى تدريب الطلبة لتوفير العمالة.
كما أن الشركة على أتم الاستعداد لفتح فصل دراسى بالمدرسة، ويتوفر المكان والأدوات اللازمة لذلك.
قال «البيلى»، إنَّ وجود عمالة فنية ماهرة يعد من أهم عوامل جذب استثمارات أجنبية جديدة لمصر، فضلاً عن مساهمة ذلك فى زيادة الصادرات عبر طرح منتجات ذات جودة عالية.
وقال أحمد حلمى، رئيس غرفة صناعة الأثاث والأخشاب باتحاد الصناعات، إنه ينبغى إعداد برنامج لتأهيل وتدريب العاملين بقطاع الأثاث وتوفير العمالة المدربة، إذ تعتبر من أبرز المشكلات التى تواجه هذه الصناعة.
وأشار إلى أهمية التكاتف والربط بين التعليم الفنى ومراكز الكفاية الإنتاجية واستغلال مراكز التدريب، التابعة لوزارة التجارة والصناعة.
وتسعى الغرفة، حالياً، للتعاون مع القطاع الخاص بهدف توفير العمالة المدربة خلال الفترة المقبلة، فى ظل غياب الدور الفعلى لمراكز الكفاية الإنتاجية التابعة لوزارة التجارة والصناعة.
وقال محمد حنفى، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، إنَّ قطاع الصناعات المعدنية يعانى مشكلة نقص العمالة بوجه عام، سواء مدربة أو غير مدربة.. وهذا يفوت على المصانع فرصة تحقيق زيادة فى إنتاجها وكفاءتها.
وأكد أن المصانع تعانى عجزاً فى العمالة الفنية بجميع أشكالها، وتكمن المشكلة فى وجود بدائل أخرى أمام الباحثين عن عمل، ومنها أن يحصلوا على مبالغ كبيرة دون عناء مثل الباعة الجائلين، وسائقى التوك توك، وتوصيل الطلبات للمنازل، مؤكداً أهمية إحكام السيطرة على المهن التى تتسبب فى تسرب عمالة المصانع إليها، وأصبحت بمثابة صداع فى رأس الصناعة.
أشار «حنفى»، إلى أن قطاع الصناعات المعدنية يأتى فى ذيل القائمة من حيث تفضيل العمل به، رغم أنه يوفر عائداً أعلى من باقى الصناعات الأخرى، فضلاً عن الاستقرار الذى يضمنه للعامل، بخلاف الوضع لدى الباعة الجائلين.
فالصناعات المعدنية، توفر راتباً فى موعد ثابت، يمكن للفرد على أساسه تسديد التزاماته.
وأوضح أن عدد العمالة فى قطاع الصناعات المعدنية يقدر، حالياً، بنحو 400 ألف عامل مباشر، وغيرهم أعداد تتجاوز هذا الرقم عمالة غير مباشرة.
والعديد من المصانع لديها مراكز لتدريب وتأهيل العمالة، لا تجد متدربين راغبين فى العمل الفنى.
وتابع: «المسابك تأتى فى مقدمة القطاعات التى تعانى من عزوف العمالة، فضلاً عن نقص العمالة فى صناعة الحديد والألومنيوم.. وهذه الصناعات بحاجة إلى آلاف العمال».
وقال أيمن النجولى، رئيس شعبة تشكيل وتشغيل المعادن بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إنه ينبغى إعادة النظر مرة أخرى فى تحديات الصناعة المصرية وإعداد دراسات وافية عن سيكولوجية العامل المحلى، والعمل على استقدام عمالة أجنبية مدربة من الخارج، وبدورها ترسى ثقافة العمل، ويسير على نهجها كل العمال بعد ذلك.
أشار «النجولى»، إلى أهمية ربط الأجر بالإنتاج بحيث تحفظ للعامل حقوقه ولصاحب العمل أيضاً، فضلاً عن أهمية تفعيل قانون العمل ومراعاة حقوق أصحاب الأعمال لتوفير بيئة جيدة تتيح للشركات التوسع، وتسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية للسوق المحلى.
كما أكد أهمية ربط التعليم والتدريب بمتطلبات السوق الفعلية، ومراجعة شاملة للتعليم الفنى والعمل على إدراج مهن جديدة مطلوبة، وإلغاء الأقسام غير المطلوبة بسوق العمل.
وقال محمد خميس شعبان، رئيس جمعية مستثمرى السادس من أكتوبر، إن أزمة العمالة المدربة لن يتم حلها إلا إذا أخذت المصانع بشكل منفرد خطوات جادة وأنشأت وحدات صغيرة تؤهل فيها العامل لمدة 3 أشهر على الصناعة، ثم تقوم بدمجه داخل بيئة العمل.
وأضاف أن المشكلة الحالية لا تقتصر على ندرة العمالة المدربة.. بل أصبحت حالياً فى هروبها من المجال الصناعى إلى مجالات أخرى تدر دخلاً أكثر، منها العمل فى مجال مواد البناء، أو قيادة «التوك توك».
وأشار «شعبان»، إلى أن الجمعية تجهز لاجتماع مع وزير القوى العاملة؛ لمناقضشة أوضاع العمالة خصوصاً فى المجال الصناعى. وستتقدم الجمعية بمقترح يلزم العامل بعدم ترك المصنع بعد فترة التدريب.. وحال مخالفته ذلك، توقع عليه غرامات بموجب العقد الذى سيبرم بينه وبين الشركة.
وناقشت جمعية مستثمرى السادس من أكتوبر قبل أسابيع أزمة العمالة المدربة.
“مستثمرى أكتوبر” تقترح وحدات لتأهيل العمالة على العمل في المصانع لمدة 3 أشهر
وطالب ريمون عطالله، رئيس لجنة التشغيل، بتغيير بعض بنود قانون العمل للحفاظ على العمالة بالمصانع، من خلال تشريع يقضى بعدم مغادرة العمال المصانع إلا بعد مدة محددة، مع وضع اشتراطات واضحة عند ترك العمال مصانعهم للعمال فى نفس المجال بمصانع مجاورة.
وأضاف فى بيان، أن القطاع الصناعى لا يستطيع دفع 300 جنيه يومياً للعامل كما يحدث فى قطاع البناء والتشييد، فى ظل غياب الثقافة لدى العمال بأهمية التدرج الوظيفى والتأمينات الاجتماعية والخبرات التى تعطيها المصانع للعمال.
أضاف أن توجه الشباب لشراء «توك توك» أو العمل عليه بـ«اليومية»، أصبح أحد أهم الأسباب التى تهدد الصناعة فى مصر، إذ أدت هذه الظاهرة إلى غياب وانقراض الحرف اليدوية والمهنية فى مصر خلال السنوات الماضية.
وقال سمير عارف، رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، إنَّ أزمة العمالة غير المدربة موجودة فى جميع الدول، والدولة بمفردها لن تتمكن من حل هذه المشكلة، بل تحتاج إلى تكاتف من جانب المستثمرين ورجال الأعمال، عبر توفير مزيد من المحفزات للعمالة سواء تأمينية أو ربط المرتب بعملية الإنتاج.
أضاف أن الجمعية تنظم بشكل مستمر مؤتمرات توظيف لتوفير عمالة للمصانع بالمدينة، وهذا أقصى ما يمكن أن توفره الجمعية للمصانع.
ولفت إلى أن المنطقة تحتاج إلى 30 ألف عامل، إذ تصل نسبة دوران العمالة فى المصانع لـ %40، ربمعنى أن تلك النسبة تدخل المصانع، ثم تتركها سريعاً.