حالة من الخوف والقلق الموجودة سائدة فى مصر وغيرها من دول العالم، فالأمر جلل الكل فى حالة ترقب لانتهاء تلك الأزمة حتى تعود الحياة لمسارها الطبيعى.
كل القطاعات بلا استثناء متضررة من وباء كورونا ومعدل الخسائر فى زيادة والمخاطر تسير بنفس الوتيرة، الأيام تتسابق وكذلك حجم الأزمة وكل نشاط اقتصادى إذا كان يعانى فى الوقت القريب من أزمات وتداعيات متباينة فالوضع الحالى أشد صعوبة على الجميع والخسائر لا يمكن حصرها بأرقام ومعدلات لأنها فى تزايد لحظى، والتقديرات فى هذه الحالات نسبية وغير دقيقة لحد ما.
ماذا نفعل؟ ومتى ينتهى هذا الوضع الذى تستمر آثاره حتى بعد زواله؟
لو بدأنا بقطاع التطوير العقارى حالياً وما يعانيه من تداعيات تلك الجائحة سوف نجد أنه يعانى شللاً تاماً، بينما كان الأكثر حيوية فى الفترة السابقة وشهد نمواً بنسب مقبولة خلال السنوات الثلاث الماضية رغم تلقيه ضربة شديدة فى 2016.
بعد تحرير سعر صرف الجنيه «التعويم»، وقتها اختلف وضع السوق وحاولت الشركات التأقلم وامتصاص تلك الصدمة التى طالت معظم الشركات العاملة فى القطاع سواء التطوير العقارى وشركات التسويق بجانب الصناعات المرتبطة به وتكلفة العمالة وأسعار الخامات وأسعار الأراضى يضاف لها الضرائب والأعباء المالية الأخرى والفوائد البنكية وأشياء أخرى ما أحدث ارتباكاً للقطاع برمته، ولكن وقتها كانت الشركات تضع حلولاً تسويقية للخروج من الأزمة والتعايش معها حتى يسترد القطاع عافيته مرة أخرى، وما لبث القطاع أن يبدأ مرحلة جديدة حتى جاء هذا الوباء ليوقف طموح الشركات فى الاستمرار والنهوض والتحول من نمو متوقع إلى انكماش كامل.
الأزمة
التحدى والاستمرار والنهوض مرة أخرى ليس بالأمر السهل فى ظل الأزمة الحالية فهى ليست انكماشاً وخسائر وقتية، فالشركات العقارية والقطاع ككل يعانى، وفى الأزمة الأولى (تعويم الجنيه) استطاعت الشركات وضع حلول مبتكرة عبر سلسلة محفزات وتيسيرات منحتها للعملاء بهدف الاستمرار حتى لو بالتنازل عن هامش كبير من أرباحها وساعدها فى ذلك شركات التسويق العقارى، والتى تضاعف أعدادها وساهموا بشكل كبير فى تحريك السوق وقتها بجانب المزايا التى وفرتها شركات التطوير العقارى لها حتى تستعيد نموها مرة أخرى.
ولكن فى ظل الأزمة الحالية (كورونا) الوضع مختلف تماماً فشركات التسويق العقارى انكمش دورها بنسبة كبيرة لعدم وضوح الرؤية وحالة القلق العام وانصراف الناس عن البيع والشراء الأمر الذى وضع شركات التطوير فى مأزق كبير لاتعرف حتى ماذا ستفعل؟ وكيف تستكمل نشاطها؟ لكن الكثير منها يجتهد لمواصلة العمل وتخطى الصعوبات القائمة.
الدولة ودورها فى الأزمة ومساندة القطاع
ومع ظهور تداعيات الأزمة على هذا القطاع الحيوى بادرت الدولة بإطلاق عدد من المبادارات لحماية السوق العقارى والعاملين فيه بعدد من الإجراءات، والتى ألقت بالحجر فى المياه الراكدة وساهمت نوعاً ما لتحريك طفيف فى السوق واستقبلها المطورون بترحاب ومنها قرار المركزى بخفض معدلات الفائدة على الإيداع والاقتراض وكذلك فائدة التمويل العقارى وزيادة الكثافة داخل (الكمباوند)، بالإضافة إلى محفزات أخرى بهدف استمرار نشاط القطاع.
ولكن لم تكن هذه المحفزات مرضية بالشكل الكافى للشركات التى طالبت بتأجيل أقساط الأراضى فترة 6 أشهر بهدف الحفاظ معدلات التنفيذ فى مشروعاتها وتوجيهها للإنشاءات، خاصة فى ظل انهيار المبيعات والتسويق، ولكن يبدو أن الفترة المقبلة سوف تشهد مزيداً من الضغط على جهات الولاية للأراضى حتى يستمر القطاع ويستطيع معالجة جراحه ويواصل المقاومة حتى زوال الأزمة وهو حق مشروع فى ظل تلك الجائحة.
حلول جديدة يفرضها وضع السوق
لا استبعد أن تلجأ الشركات العقارية لخفض الأسعار وحتى ولو بنسب متغيرة حتى تضمن إقبال العملاء على الشراء ولو أقل من النسب التى كانت تستهدفها قبل الأزمة ووضع تيسيرات جديدة، والتى بدأت شركات فى تطبيقها وإبلاغ شركات التسويق العقارى بها إضافة على ذلك التعامل مع العملاء بمرونة أكثر فى تحصيل الأقساط الشهرية المستحقة للحفاظ على وجود تدفقات نقدية بانتظام حتى لو تأثرت تكون التأثيرات يمكن قبولها والأمر الوارد أيضاً تعديل العقود وتغيير بعض بنودها لتتماشى مع طبيعة المرحلة الحالية.
فى النهاية قطاع التطوير العقارى يحتاج لدعم وتكاتف مستمر من جميع الجهات المطور والمسوق والعميل والدولة حتى يستمر ولو بأقل الخسائر وانتهاء الأزمة.