ربما يكون تفجير مبنى يشكل رمزا للصداقة، هو طريقة كوريا الشمالية القوية في طلب المساعدة لاقتصاد متوتر، في ظل العقوبات الدولية والحدود المغلقة بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن تدمير منشأة الاتصال، التي كلفت كوريا الجنوبية 15 مليون دولار، في مدينة كايسونج الحدودية في كوريا الشمالية أحد أكبر الاستفزازات التي قام بها نظام كيم جونج أون ضد جارته منذ سنوات.
ولكن هذا التدمير لم يعطل حتى الآن خطط البرلمان لإعادة إنعاش التعاون بين الكوريتين ، أو محاولات إقناع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتخفيف موقفها تجاه بيونج يانج.
وكانت النتيجة الفورية هي الاستعجال في المحادثات الناشئة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بشأن بيونج يانج، خصوصا أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة، تستهدف تخلي كوريا الشمالية عن برنامجها للأسلحة النووية.
وأوضحت شركة الأبحاث الدولية “فيتش سوليوشنز”، التابعة لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، أن أي تخفيف في القيود المفروضة على التجارة والمعاملات يبشر بالخير بالنسبة لكوريا الشمالية، لأن اقتصادها الآن يخاطر بالوقوع في انكماش بنسبة 6% هذا العام، لتكن بذلك هذه النسبة هي الأسوأ منذ عام 1997، عندما عانت البلاد من مجاعة.
وأفادت “بلومبرج” أن الوعكة الاقتصادية المتصاعدة تسببت في تفاقم المشاكل التي واجهها كيم بعد غيابه لثلاثة أسابيع تقريبا عن الأحداث العامة في أبريل الماضي، حيث ازدادت التكهنات آنذاك حول صحته ومدى إحكام قبضته على السلطة.
وأشارت إلى أن التجارة مع الصين، أكبر شريك اقتصادي بالنسبة لكوريا الشمالية، تباطأت إلى حد كبير في ظل العقوبات الاقتصادية، إذ سعى الرئيس الصيني شي جين بينج إلى كبح جماح طموحات كيم النووية، لكن تدفق البضائع واجه عقبات بعد أن أغلقت بيونج يانج حدود البلاد في بداية العام الحالي، حتى تتمكن من التصدي لتفشي “كوفيد-19”.
وذكرت الإدارة العامة للجمارك الصينية، أن صادرات كوريا الشمالية إلى الصين تراجعت في شهري مارس وأبريل بنسبة تزيد على 90% عن العام الماضي.
ومن جانبه، أوضح مدير الشؤون الأكاديمية في المعهد الاقتصادي الكوري في الولايات المتحدة، كايل فيرير، أن السياق الاقتصادي الأكبر يظهر بالتأكيد أن بيونج يانج تواجه وضعا صعبا.
فقد كانت العقوبات تؤثر بشكل واضح على الاقتصاد الكوري الشمالي قبل تفشي “كوفيد-19”.. ولكن إغلاق الحدود مع الصين للحد من تفشي الوباء أدى إلى مواجهة الاقتصاد الكوري الشمالي مزيدا من العراقيل.
ورغم أن الانكماش الاقتصادي ربما لا يبدو كبيرا في عالم يؤثر فيه الفيروس بشكل واضح على الاقتصادات، إلا أن كوريا الشمالية تعتبر واحدة من أفقر دول كوكب الأرض ولا يمكنها تحمل أسوأ.. لذا فإن الأموال القادمة من كوريا الجنوبية ستقدم لها يد العون.
وتجدر الإشارة إلى أن التجارة بين الجارتين، تباطأت إلى 3.5 مليون دولار فقط حتى مايو الماضي، بعد أن كانت تقدر بـ 2.7 مليار دولار في عام 2015، نظرا للعقوبات المفروضة.
كما انخفض مستوى المساعدات الإنسانية في ظل تصعيد ترامب لحجم العقوبات، إذ أرسلت كوريا الجنوبية مساعدات بنحو 3 مليارات دولار منذ عام 1995، ولكنها لم ترسل سوى ما مجموعه 30 مليون دولار بين عامي 2017 و 2019.