تظهر بيانات شركة «ريفينيتيف» للمعلومات المالية أن إبرام الصفقات داخل الصين يسير بوتيرة قياسية، حيث بلغت قيمة عمليات الدمج والاستحواذ المحلية لعام 2021 ما مجموعه 77.5 مليار دولار، وهى البداية الأكثر ازدحاماً على الإطلاق لأى سنة، وحوالى ثلاثة أضعاف المستوى المسجل فى نفس الفترة من عام 2020.
وجاء جنون الاستثمار، الذى اكتسب زخماً فى النصف الثانى من 2020 مع تصاعد تعافى الصين من الوباء، فى الوقت الذى حولت فيه بكين تركيزها إلى الطلب المحلى لتعزيز اقتصادها وسط التوترات الناشبة مع الولايات المتحدة.
قال ديفيد براون، رئيس قسم الصفقات فى شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ: «إنها فترة مثيرة بالنسبة لعمليات الدمج والاستحواذ فى الصين».
وأشار إلى أن هناك عاصفة كاملة من العوامل التى تقود إلى الدمج والاستحواذ، بما فى ذلك طلب الشركات المحلية على رأس المال السهمى مع تعافى الاقتصاد وكذلك السياسة الحكومية الهادفة إلى تقليل الاعتماد على التكنولوجيا والأسواق الخارجية، موضحا أن الكثير من القوى تتجه نحو الصناعات الاستهلاكية والقطاعات الأخرى التى تستفيد من استراتيجية التطلع إلى الداخل.
وتسارع النمو الاقتصادى فى الصين حتى نهاية عام 2020، وحققت سوقها الخاصة بالأوراق المالية مستويات قياسية مرتفعة، مما مهد الطريق أمام سلسلة من الصفقات المحلية التى قال الخبراء، إنها كانت مدفوعة بالدعم الحكومى القوي، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وتراجع مستوى إبرام الصفقات داخل الصين فى فبراير من عام 2020، عندما بدأت البلاد فى فرض أول عمليات إغلاق فى محاولة منها للسيطرة على تفشى جائحة فيروس كورونا المميت.
ومع ذلك، انتعش نشاط الصفقات مرة أخرى مع انحسار الوباء، إذ أنه ارتفع بنسبة %30 على مدار عام 2020 بأكمله لتصل قيمة الصفقات الإجمالية إلى 734 مليار دولار، وفقاً لشركة «برايس ووترهاوس كوبرز».
وقال إيفان وونج، العضو المنتدب لشركة «ديلويت» الصين والمسؤول عن عمليات الدمج والاستحواذ فى الصين: «الشعور السائد فى الصين هو أن كل شيء تحت السيطرة وأن الجهات الفاعلة التجارية لم تعد تنتظر أكثر من ذلك للضغط على الصفقات التى ربما يكونوا أجلوها».
وأشار وونج إلى أن صفقات التكنولوجيا واللوجستيات كانت مهيمنة بسبب الطفرة التى شهدتها التجارة الإلكترونية خلال فترة تفشى الوباء.
وقالت أليسيا جارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ فى بنك الاستثمار «ناتيكسيس»، إن توقع زيادة الأجور ودخل الأسرة فى الصين بمعدل لائق، على الأقل إلى المستويات التى كان عليها فى عام 2019، يقود نمو الصفقات فى الصين.
وذكرت شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» أن الجغرافيا السياسية لعبت دوراً أيضاً، فقد كانت الصفقات الخارجية الصينية عند أدنى مستوياتها فى عقد، من حيث القيمة خلال العام الماضي.
وقال براون، من «برايس ووترهاوس كوبرز»، إن التراجع الكبير فى الصفقات الخارجية من الصين، الذى تفاقم بسبب العلاقات المتوترة بين واشنطن وبكين وكذلك القيود المفروضة على السفر بسبب الوباء، زاد من مستوى التركيز على النشاط فى الداخل، ما أدى إلى إعادة توجيه الكثير من رأس المال الذى كان يتجه سابقاً خارج البلاد إلى عمليات الاستحواذ المحلية.
ومع ذلك، ارتفعت صفقات الدمج والاستحواذ الأجنبية التى تستهدف الصين بنسبة %14 فى عام 2021، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتصل إلى 5.4 مليار دولار، بحسب بيانات شركة «ريفينيتيف».