بات ارتفاع معدلات التضخم في الأسواق الأوروبية الناشئة يشكل هاجسا حاليا لدي البنوك المركزية لدول هذه الأسواق، لاسيما وأن أسعار المستهلكين قد ترتفع لمستويات قياسية ، خاصة مع بدء تخفيف الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا واستئناف النشاط الاقتصادي.
ويقول جونتر ديبر، كبير الاقتصاديين في بنك “رايفايزن انترناشيونال” النمساوي، إن: “انتكاسة التضخم أو الصدمة الانكماشية في عام 2020 في كل بلدان وسط وشرق أوروبا لم تكن قوية كما كانت في أوروبا الغربية (مع استثناءات قليلة مثل البوسنة أو كرواتيا)”.
وأضاف أن أزمة ارتفاع التضخم تعتمد علي العديد من المتغيرات، منها سرعة رفع القيود الاحترازية، وارتفاع الطلب المكبوت لدى المستهلكين وقيام بعض الحكومات بسحب حزم الدعم الخاصة بهم.
وتوقع ديوبر أن يشكل ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة ضغطا على بعض البنوك المركزية في بلدان مثل تركيا وأوكرانيا وروسيا لرفع أسعار الفائدة، بينما الموقف المتشدد للبنك المركزي الأوروبي قد يمنح دولا أخرى في وسط وجنوب شرق أوروبا متنفسا.
وفي السياق ذاته، أفاد تقرير بحثي حديث صادر عن بنك “إرستي” النمساوي بأن: “من المرجح أن تصل معدلات التضخم لمنطقتي وسط وشرق أوروبا إلى ذروتها خلال شهري أبريل ومايو المقبلين؛ الأمر الذي قد يمثل ضغطا لدى محافظي البنوك المركزية لدول هاتين المنطقتين فيما يخص إمكانية تحريك أسعار الفائدة”.
في الوقت نفسه، فإن التكهنات بشأن ارتفاع محتمل لمعدلات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد تتسبب في “نوبة غضب” في الأسواق الأوروبية الناشئة، فوفقًا لمعهد التمويل الدولي، بدأ المستثمرون في التخارج من الأسواق الناشئة والتخلص من أصولها الخطرة، حيث تحولت تدفقات المحافظ إلى سلبية خلال الأسبوع الأول من شهر مارس الجاري وذلك للمرة الأولى منذ شهر أكتوبر 2020.
وأشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز” إلى انخفاض مؤشر “جي بي مورجان” للسندات بالعملة المحلية والعملات الأجنبية بشكل حاد خلال الشهر الماضي، لترتفع خسائر هذا العام إلى نحو 5%.
يذكر أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع في بولندا بنسبة 2.4% على أساس سنوي في فبراير الماضي ، فيما تراجع معدل النمو السنوي بمقدار 0.2 نقطة عن الشهر السابق عليه.
وقال بنك “إرستي” النمساوي إن: “من المحتمل أن يكون التضخم قد وصل إلى أدنى مستوياته في فبراير ليسجل ارتفاعا تدريجيا في الأشهر المقبلة ويتحرك لمستويات أعلى من المعدلات المستهدفة من قبل البنك المركزي البولندي”.
أما في المجر، فقد ارتفع معدل التضخم الرئيسي إلى 3.1% في فبراير الماضي مقارنة بـ2.7% في يناير 2021، مدعوما بارتفاع أسعار الوقود والتبغ، وذلك فقًا للأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي المجري.
وتوقع المحللون والبنك المركزي في المجر حدوث تقلبات عالية لمؤشر أسعار المستهلكين هذا العام، ليصل التضخم إلى ذروته عند 5.4% في أشهر الربيع قبل أن يعود إلى ما دون هدف البنك المركزي البالغ 4%.








