قال “دويتشه بنك”، في أحدث تقرير له عن مصر، إنه رغم ارتفاع معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي نتيجة صدمة جائحة كورونا العالمية، فإنه متفائل بالأوضاع المالية والخارجية للبلاد.
وأرجع ذلك إلى أن العجز المزدوج في الموازنة والحساب الجاري قد ينخفض عن معدلات ما قبل الجائحة خلال العام المالي المقبل.
وأضاف “دويتشه بنك”: “نؤمن أن التحسن في أساسيات الاقتصاد الكلي لم يعكسه السوق بشكل كامل على التسعير، وهنالك مجال لمزيد من الانكماش في هامش العائد، خاصة في الآجال الطويلة”.
وقال البنك، في تقريره، إن ثمة نقطة تستحق إلقاء الضوء عليها، وهي أن معدل مراكمة الاحتياطيات والميزان الأولي تجاوز أهداف صندوق النقد الدولى.
وأضاف: “الأكثر من ذلك وفقاً للصندوق فإن كل المعايير الهيكلية تم الوفاء بها بما في ذلك التقدم في الإصلاحات”.
وتوصلت مصر لاتفاق على مستوى بعثة الخبراء في الأسبوع الأخير من مايو بعد انتهاء المراجعة الثانية لبرنامج الاقتصاد المصري المدعوم من صندوق النقد الدولي والبالغة قيمته 5.2 مليار دولار، ويعنى ذلك أن 1.6 مليار دولار إضافية ستكون متاحة للحكومة المصرية خلال الأسابيع المقبلة.
وذكر التقرير، أن الأوضاع المالية قد تشهد تحسناً هيكلياً العام المالى المقبل، بداية من تحقيق البلاد فائضاً أولياً متوقعاً بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الحالى، على أن يرتفع إلى 2% خلال العامين الماليين 2021- 2022 و2022- 2023.
وأضاف البنك أيضاً: “كما أوضحت السلطات المحلية أنها تخطط لمزيد من خطوات خفض الدعم خلال العام المقبل، تزامناً مع سعيها لخفض عجز الموازنة بشكل قوى”.
وذكر البنك، أنَّ هناك سبباً ثالثاً يدفعه لتوقع تحسن الوضع المالى العام في مصر، وهو اقتراب الانضمام لمؤشر جي بى مورجان للأسواق الناشئة، وقابلية تسوية أوراق الدين المحلي عبر منصة يوروكلير، والإصلاح المؤسسى الذي يسمح للبنك المركزي بقبول السندات كضمان للإقراض للبنوك المحلية “جميع هذه العوامل تضيف المزيد من السيولة، وتؤدى لخفض العائد مما يعني تكلفة مالية أقل لخدمة الدين، وبالتالى يجعل مصر أقل عُرضة لصدمات ارتفاع تكلفة إعادة التمويل”.
وتوقع البنك، أن تصبح احتياجات التمويل الخارجية أكثر سهولة للإدارة مع توقع تقلص عجز الحساب الجاري الحالي لمستويات ما قبل الجائحة.
وأوضح: “واصل عجز التجارة الخارجية الانخفاض خلال فبراير الماضى، متراجعاً بنسبة 1.2% على أساس سنوى، وذلك بعد تراجع 18.2% فى يناير”.
كما أضاف: “ورغم أن أسعار السلع ستمارس بعض الضغوط في المدى القصير، فإنَّ استمرار ضعف الطلب الاستهلاكى حتى 2022 على أقل تقدير، سيستمر فى الضغط على فاتورة الواردات، في حين أن التعافى الأوروبى الأسرع من المتوقع، بالإضافة إلى الطلب القوي من دول المنطقة، وخصوصاً الخليج، على الأرجح ستتم ترجمته فى أداء أفضل من المتوقع للصادرات”.
وأشار التقرير إلى تحديث الحكومة توقعاتها لإيرادات السياحة بما يتراوح بين 6 و9 مليارات دولار للعام الحالي على خلفية تزايد معدلات وفود السياح من أوروبا الشرقية ودول الخليج، ويتزامن ذلك مع رفع كوليرز إنترناشيونال توقعاتها لمعدلات الإشغال فى الفنادق بمعدلات 66% لفنادق القاهرة و34% لفنادق الإسكندرية.
وتوقع التقرير الصادر عن البنك الألمانى أن يسجل عجز الحساب الجاري ما بين 2 و2.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي المقبل، مقارنة بـ4.1% متوقعة خلال العام المالي الحالى.
ورجح البنك مزيداً من تدفقات استثمارات المحافظ المالية، مستندة إلى معدلات العائد الحقيقية المرتفعة وأوضاع التضخم الخامل، ومصداقية البنك المركزي المصرى.
كما أضاف: “والأكثر أهمية أن تلك التدفقات أثبتت مرونتها فى مواجهة إعادة تسعير الفائدة الأمريكية”.
وأوضح “دويتشه بنك”، أن أحدث البيانات المتاحة حول حيازات الأجانب لأذون الخزانة تشير إلى أن الارتفاع فى العوائد تسبب فى تخارج صغير للاستثمارات في الدين المحلى.
وذكر أن ذلك يعد إيجابياً جداً للاستقرار المالي للبلاد عند الأخذ فى الاعتبار الوزن النسبي المتزايد لاستثمارات المحافظ المالية مقارنة بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر كمصدر لتمويل الاحتياجات الخارجية.
موقف السندات الدولية
تفوقت الديون السيادية لمصر، خلال الأسابيع الماضية، ولكن المكاسب معظمها في الطرف الأقصر من المنحنى للآجال أقل من 10 سنوات، ولكن الآجال الطويلة لم تتحرك كثيراً.
وبناءً على تلك المعطيات يرى “دويتشه بنك”، أن الهامش بين السندات المستحقة في 2047 والسندات الخضراء المستحقة في 2025 سينخفض بنحو 30 نقطة أساس.
وذكر أن السندات الخضراء المستحقة في 2025 يتم تداولها حالياً بثمن مرتفع؛ حيث إنَّ السندات أجل 2025 والتى تم طرحها فى وقت سابق عليها تتداول بهامش عائد أوسع بـ20 نقطة أساس، في حين أن السندات المستحقة فى 2047 رخيصة نسبياً، مقارنة بالسندات أجل 30 عاماً.
وأشار إلى أن المخاطر متوسطة وطويلة الأجل على التصنيف الائتماني لمصر تراجعت في ظل التحسن المتوقع، وهو ما يُمكن مصر من العودة لمسار خفض الدين العام قريباً، وسيمثل التعافي الاقتصادي دفعة إضافية.
وأضاف: “الأكثر من ذلك أن مخاطر السيولة أيضاً باتت أقل مع ارتفاع معدلات الديون متوسط وطويلة الأجل لتمثل 91% من الدين الخارجي، وتراجع الديون قصيرة الأجل عن مستويات نهاية 2019 بنحو 1%”.
وذكر أن البنوك التجارية نوعت التزاماتها بالعملة الأجنبية تزامناً مع زيادة آجال محفظة ديونها في استجابة لصدمة كوفيد.
توقع التقرير، أيضاً، مخاطر أقل من جانب العرض خاصة على المدى الطويل وخلال العام المالي المقبل، مرجحاً زيادة الاعتماد على إصدارات الصكوك خلال العام المقبل.
وأوضح: “أقر مجلس النواب المصري مؤخراً- من حيث المضمون- مسودة قانون الصكوك السيادية؛ حيث تستهدف الحكومة إصدار سندات دولية العام المالي المقبل بقيمة تصل إلى 66 مليار جنيه مقابل 72 مليار جنيه العام المالي الحالى”، مرجحاً البنك أن يكون جزء كبير منه فى هيئة صكوك سيادية.
