كان الأمر بمثابة حالة كلاسيكية من شراء الإشاعة وبيع الحقيقة فى فبراير من العام الحالى، كان المستثمرون والمحللون، قلقين من أن التضخم بدأ فى الارتفاع فى الاقتصاد الأمريكى، ما أثار مخاوف من أن الاحتياطى الفيدرالى قد يضطر إلى تسريع تشديد سياسته.
وقد أدى هذا بدوره إلى ارتفاع عائدات السندات الحكومة الأمريكية، ورفع قيمة الدولار إلى أعلى مستوى فى العام مقابل نظرائه بعد شهر.
ومع العودة سريعا إلى نهاية النصف الأول من العام الحالى، نجد أن التضخم فى الولايات المتحدة يسير بأسرع وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية، لكن تراجع الدولار لشهرين متتاليين بعد ارتفاعه فى الربع الأول.
يعود معظم التراجع إلى محافظى البنوك المركزية فى الولايات المتحدة الذين سارعوا إلى طمأنة المستثمرين بأنهم سوف يحافظون على الأحوال النقدية الميسرة للغاية، ما خفف من ارتفاع عائدات سندات الخزانة وسعر صرف الدولار.
ونتيجة لذلك، يشعر المحللون بالثقة تماما فى أن رئيس الفيدرالى، جاى باول، ومجلس إدارته سوف «يبحثون» ارتفاع الأسعار فى اجتماع تحديد سعر الفائدة الأسبوع المقبل، وسيبقون الدولار على مساره الضعيف الحالى.
ومع ذلك، لا يسع بعض الاستراتيجيين سوى التساؤل عما إذا كان ينبغى عليهم التمسك ببيع الحقيقة؟ أو ما إذا كان الوقت قد حان لبدء شراء الإشاعة – والدولار – مرة أخرى؟
ورغم ارتفاع التضخم إلى أكثر من %5 على أساس سنوى، انخفضت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى أدنى مستوياتها فى ثلاثة أشهر فيما تعد ردة فعل غير متوقعة تغذيها التوقعات بأن يتجاهل صانعو السياسة التضخم المتزايد فى الاقتصاد.
وقال الرئيس العالمى لاستراتيجية العملة فى «بنك أوف أمريكا» فى لندن، أثاناسيوس فامفاكيديس: «قد يكون التعامل بشكل صحيح مع التضخم فى الولايات المتحدة أهم قضية للسوق لبقية العام».
وسيؤدى قرار البنك المركزى الأمريكى بالإبقاء على سياسته دون تغيير، إلى مواصلة الدولار مساره الضعيف، ولكن ربما ليس بالقدر الذى توقعه المتداولون فى بداية عام 2021، ويشير فامفاكيديس إلى أن أسواق العملات تسعر بهدوء ارتفاع فى قيمة الدولار أكثر مما كانت تتوقعه بداية العام، وهناك إجماع حاليا على أن اليورو سيتم تداوله حول المستويات الحالية 1.21 دولار لليورو بحلول نهاية ديسمبر بدلا من 1.25 دولار.
فى الوقت الحالى، فإن التضخم المرتفع فى الولايات المتحدة، والاحتياطى الفيدرالى المتساهل بشأن أسعار الفائدة الأمريكية الحقيقية السلبية، يدعمان اليورو.
السؤال هو إلى متى سيستمر هذا إذا ثبت أن التضخم فى الولايات المتحدة ليس مؤقتا؟، وأضاف أن بنكه يتوقع أن ينهى اليورو العام عند 1.15 دولار.
ثمة دلائل على أن المستثمرين قد يشعرون بالارتياح الشديد، وتظهر أسواق الخيارات القليل من التوتر بشأن اجتماع بنك الاحتياطى الفيدرالى، وقال مارك ماكورميك، الرئيس العالمى لاستراتيجية العملة فى «تى دى سيكيوريتيز»، إن الرهانات السلبية على الدولار بدأت تتراكم بقوة مرة أخرى فى الأسابيع الماضية.
ويضيف هذا إلى خطر حدوث ارتفاع حاد فى سعر صرف العملة الخضراء إذا ألمح بنك الاحتياطى الفيدرالى إلى تقليص مشترياته من الأصول يوم الأربعاء أو قبل أن يتوقع المحللين ذلك.
قال ماكورميك: «لا تتوقعوا المزيد من ضعف الدولار فى الصيف».
ثمة أيضا بعض الإشارات الشاذة التى تشير إلى مراهنة المتداولين بشدة على التزام بنك الاحتياطى الفيدرالى بالحفاظ على السيولة الوفيرة، وأشار المحللون فى «ستاندرد تشارترد» إلى أن وزيرة الخزانة جانيت يلين، رئيس الاحتياطى الفيدرالى السابقة، ذكرت الفوائد المحتملة لبيئة أسعار الفائدة المرتفعة مرتين فى الأسابيع الأخيرة.
يتوقع المستثمرون الآن، أن يبدأ البنك المركزى الأمريكى فى خفض مشترياته من الأصول فى الربع الأول من العام المقبل، مع احتمالية الإعلان عن ذلك فى سبتمبر عندما يجتمع بنك الاحتياطى الفيدرالى فى ندوته السنوية فى جاكسون هول، وفقًا لأوليفر برينان، رئيس البحث فى TS Lombard.
ولكن فى حين أن الإعلان الأبكر من التوقعات قد يتسبب فى حدوث بعض الاضطرابات، فإن الخطر الحقيقى يتمثل فى أن المستثمرين سيضطرون إلى البدء فى توقع توقيت زيادات أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة، والتى قد تأتى فى وقت أقرب من المتوقع وبوتيرة أكبر.