المؤسسات الدولية تدعم البنوك لطرح حلول تمويلية تنافسية للاستثمار فى الطاقة النظيفة
HSBC يدشن وحدة للتمويل المستدام فى الشرق الأوسط و”التجارى الدولى” يدمج الاستدامة مع التخطيط
«فاروق»: تلقينا طلبات بـ1.6 مليار جنيه للتحول للرى بالطاقة الشمسية بدلاً من الرى التقليدي
«سوس»: “الأهلى” ينفذ خطة لتحويل الفروع للعمل بالطاقة الشمسية منذ 2014
«شلبى»: بناء أنظمة التمويل المستدام داخل المؤسسات المالية سيكون أقل كلفة إذا ما تم بشكل مبكر
كثفت البنوك خلال الفترة الماضية توسعها فى تهيئة عملياتها التشغيلية للتحول الأخضر عبر العمل على تحويل مزيج الطاقة بالفروع ليعتمد على الطاقة الشمسية بنسب أكبر، بجانب تبنى التحول الرقمي والاستثمار فى التكنولوجيا بخلاف تبنيها خططاً للتمويل المستدام، وساعدها فى ذلك الشراكة الممتدة مع المؤسسات الدولية التى تطبق استراتيجيات تدعم نمو الاقتصاد الأخضر فى مصر.
مقرات صديقة للبيئة
توسعت البنوك، خلال السنوات الأخيرة، في تدشين مقرات تعمل بمزيج طاقة يعتمد على الطاقة الشمسية آخرها فرع البنك الأهلى في مدينة الداخلة.
وقال كريم سوس، الرئيس التنفيذي للتجزئة المصرفية والفروع بالبنك الأهلي المصرى، إنَّ 40% من مصادر كهرباء الفرع تعتمد على الطاقة الشمسية لاستغلال تلك الثروة النظيفة التي تتمتع بها محافظة الوادي الجديد وهو امتداد لحرص البنك على الاستغلال الأمثل للطاقة النظيفة في فروعه والتي بدأها منذ 2014، وشملت تركيب محطات طاقة شمسية فى الكثير من الفروع والمناطق.
ودشن بنك كريدي أجريكول خلال السنوات السابقة مقراً صديقاً للبيئة بما يتوافق مع المعايير الدولية نحو مواجهة التلوث البيئي؛ حيث حصل المقر الرئيسي للبنك علي شهادة بلاتينية من مؤسسة Leed كمبني متكامل يتعامل ببنية تكنولوجية وتحتية صديقة للبيئة وملحق به محطة لتوليد الطاقة الكهربائية من الشمس بتكلفة بلغت 3.3 مليون جنيه لتوليد 960 كيلو وات يومياً.
ويعتزم المصرف المتحد إنشاء مقره الجديد بالعاصمة الإدارية بتكلفة تجاوزت حاجز المليار جنيه؛ حيث تم تصميمه وفقاً للاشتراطات البيئية علي مستوي الطرق والإضاءة وفقاً لاستراتيجيته الجديدة نحو استخدام مواد أقل تلوثاً للبيئة بالإضافة لاستخدام مواد أكثر استدامة بالتزامن مع إجراءات البنك المركزي للتوسع في الخدمات البنكية وإصدار أوراق نقد بلاستيكية.
التوجه نحو تمويل أكثر استدامة
توسعت البنوك خلال الفترة الأخيرة فى التحول إلى التمويل المستدام، ودعمها فى ذلك الشراكة المتسعة مع المؤسسات الدولية، التى مولت عدداً من برامج الإقراض الأخضر للشركات.
وأعلن البنك التجاري الدولي نيته إصدار سندات خضراء بقيمة قد تصل إلى 100 مليون دولار ستذهب حصة لا بأس بها من حصيلتها فى تمويل زيادة كفاءة الطاقة في المبانى.
وأطلقت مؤسسة التمويل الدولية بالشراكة مع البنك الأهلى والبنك الزراعي المصري برنامجاً لتمكين المزارعين من تركيب طلمبات الري التي تعمل بالطاقة الشمسية.
ويمكن أن يوفر استخدام طلمبات الري التي تعمل بالطاقة الشمسية للمزارعين ما يقدر بنحو 14 مليار جنيه (875 مليون دولار) سنويًا من تكاليف وقود الديزل، والمساعدة من تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وقال علاء فاروق، رئيس مجلس إدارة البنك الزراعى المصري، إن البنك خصص مؤخراً 3 مليارات جنيه لتمويل تكاليف التحول لنظم الري الحديث من خلال قروض تمويلية بفائدة ميسرة مقدارها 5% وفقا لمبادرة البنك المركزي المصري وفترة سداد تصل إلى 5 سنوات، بالإضافة إلى تسهيلات كثيرة لتحفيز المزارعين للتحول لنظم الري الحديث.
وذكر أن البنك تلقي طلبات المزارعين الراغبين في التحول لنظم الري الحديث، حيث بلغ إجمالي طلبات العملاء التي تلقاها البنك حتى نهاية ماريو نحو 15 ألف طلب بقيمة 1.6 مليار جنيه.
فيما بلغ حجم طلبات جمعية الأراضي المستصلحة والجمعيات التابعة لها 54 ألف فدان موزعة على 32 جمعية زراعية بقيمة إجمالية بلغت 850 مليون جنيه، في الوقت الذي تمت الموافقة فيه على تمويل 44 عميلاً موزعين على عدد من المحافظات.
وأعلن بنك HSBC عن تشكيل فريق متخصص بالتحول والتمويل المستدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا والذي سيقوم بتقديم الدعم إلى العملاء من المؤسسات والشركات والأفراد ومساعدتهم على الانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة.
وقال إنه حريص على الاستفادة من شبكته المنتشرة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، لتحديد الشركات الناشئة في المنطقة التي تعمل على تطوير تقنيات خفض انبعاثات غاز الكربون، كجزء من مسار عمل الابتكار المناخي ضمن إطار شراكة برنامج الحلول المناخية العالمية للبنك، بجانب اهتمامه بالاستثمار في الحلول القائمة على الطبيعة للعمل المناخي.
وقال تود ويلكوكس، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبنك HSBC مصر: “أفادت نتائج تقرير Navigator الأخير بأن 96% من شركات الأعمال في مصر تتوقع أن يكون هناك العديد من الفرص لتحسين استدامتها من الناحية البيئية والأخلاقية. وهذا يدل على أن الشركات تتماشى مع رؤية مصر 2030 واستراتيجية التنمية المستدامة والتي تتطلب مشاركة نشطة والتزامًا من جميع الشركات”.
وأضاف: “يلتزم HSBC بمساعدة العملاء على الانتقال إلى مستقبل ذى انبعاثات كربونية منخفضة لأعمالهم، ليس فقط من خلال توفير التمويل الأخضر والمستدام ولكن أيضاً من خلال مشاركتهم بمعرفتنا وخبراتنا”.
ودعمت مؤسسة اليونيدو البنك الأهلى المصرى بقرض دوار لتقديم حزمة تمويلية مشتركة للعملاء قدرها 4 ملايين دولار بعائد مميز يصل إلى 3.25% لتمويل التوسع في استخدام تكنولوجيات السخانات الشمسية بالقطاع الصناعي وذلك للحد من استخدام مصادر الطاقة التقليدية في قطاعات الصناعات الغذائية، صناعات النسيج والصناعات الكيماوية.
تتكون قيمة القرض من مساهمة بنسبة 50% من مرفق البيئة العالمي بفائدة مدعمة، بالإضافة إلى تمويل تجاري بنسبة 50% من البنك.
وتم إطلاق برنامج تمويل الاقتصاد الأخضر في مصر مقدم من قبل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (GEFF) بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية(AFD) وبنك الاستثمار الأوروبي (EIB)، ومؤخرًا استفاد منه بنك قطر الوطنى بخط تمويلي بقيمة 12.5 مليون دولار والبنك الأهلى بـ100 مليون دولار، وبنك الكويت الوطنى 25 مليون دولار ويستفيد من تلك القروض الشركات الصغيرة والمتوسطة التى تستثمر فى تبنى تكنولوجيا صناعية وتجارية وزراعية صديقة للبيئة.
وانضم البنك التجارى الدولي إلى إطار العمل المعنى بالإفصاح المالى المتعلق بالمناخ (TCFD)، لتعزيز الاستقرار المالى، فى إطار جهوده لدعم الممارسات المحلية والدولية واتخاذ التدابير الاحترازية الوقائية لتجنب المخاطر المتعلقة بتغير المناخ على المدى القصير والمتوسط والطويل، والكشف عن الفرص المتعلقة بتمويل مشروعات خفض غازات الاحتباس الحرارى والتكيف مع آثاره، مشيراً إلى أنه أول بنك مصرى ينضم لهذه المبادرة.
وأنشأ البنك لجنة للاستدامة منبثقة من مجلس الإدارة ولجنة تنسيقية للتمويل المستدام وقطاع للتمويل والمستدام وكذلك مجموعة استراتيجية لدمج وتضمين الاستدامة فى خطط البنك، ولحوكمة الاستدامة.
قروض خضراء للأفراد
ويقدم عدد من البنوك منتجات قروض موجهة للأفراد تدعم الاستدامة والحفاظ على المناخ، مثل تمويل تركيب محطات طاقة شمسية للأفراد والذى يقدمه عدة بنوك أبرزها مصر والتجارى الدولي وقطر الوطنى، والعربي الإفريقي الدولي، والأهلى المصرى.
وشارك عدد كبير من البنوك فى المبادرة التى أطلقتها وزارة المالية لإحلال المركبات للعمل بالغاز الطبيعي أو الطاقة الكهربائية بدلاً من الوقود التقليدي.
المعهد المصرفي: يجب تحديث العمليات المصرفية والبنية التحتية للبنوك لتقليل الانبعاثات الكربونية
قال المعهد المصرفي- الذراع التدريبية للبنك المركزي المصري، إن هناك آليات لتطبيق الصيرفة الخضراء من بينها ضرورة العمل علي تحديث العمليات المصرفية والبنية التحتية للبنوك من خلال اتخاذ اجراءات لتقليل انبعاثات الكربون وتحسين استهلاك الموارد الطبيعية بما يسعي لإعادة هيكلة العمليات المصرفية والبنية التحتية للمؤسسات علي أسس ومعايير جديدة صديقة للبيئة.
أضاف: “ذلك بجانب تصميم مجموعة من المنتجات والخدمات الخضراء من خلال ما يسمي المباني الخضراء صديقة البيئة والتي تتم مراعاة صحة المواطنين في انشائها بالإضافة الي استخدام عمليات مصرفية لاورقية من خلال استخدام المحررات الإلكترونية والرسائل النصية وبطاقات الصراف الآلى، وهو ما يحد من استخدامات الورق والنفايات الورقية وإتمام المعاملات الإلكترونية الأكثر أمناً، بجانب التحول لبنية تحتية خضراء مثل الأنظمة المصرفية واللوجستية الذكية والتي تعزز استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة ضمن البنية التحتية”.
أوصى التقرير بضرورة توجه البنوك لإصدار منتجات خضراء جديدة بغرض تقليل الآثار السلبية للمنتجات المصرفية التقليدية بما يحقق الاستدامة من بينها البطاقات الخضراء والتي تتعلق بعمليات الخصم والائتمان لتشجيع المواطنين علي الاستفادة من الخدمات الخضراء، وبرامج التمويل العقاري الأخضر التي تعتمد علي قروض مخفضة التكلفة عند شراء العميل منزل أو وحدة سكنية تعمل بنظام الطاقة الجديدة والمتجددة، او الاستثمار في اجهزة موفرة للطاقة وتحد من الانبعاثات الكربونية بالإضافة لقروض تمويل شراء السيارات الأخضر من خلال شراء السيارات التي تعمل بمصادر الطاقة صديقة البيئة.
قال إيهاب شلبى، رئيس إحدى شركات استشارات الاستدامة والتغيرات المناخية، واستشارى البنك التجارى الدولى، إن آخر دراسة تم إعدادها بمعرفة وزارة البيئة بعنوان «الإبلاغ الوطنى» قدرت حجم المبالغ التى تحتاجها مصر للتكيف مع آثار التغيرات المناخية بما يتراوخ بين 74 و75 مليار دولار، مشيراً إلى أن مصر تقدمت للأمم المتحدة بإبلاغ بحجم الضرر المتوقع على البلاد.
وأكد شلبى أن هناك مطالبات جادة بتصنيف الدول ائتمانيا اعتماداً على تصنيفها فى التنمية المستدامة، مؤكداً أن بناء أنظمة التمويل المستدام داخل المؤسسات المالية سيكون أقل كلفة إذا ما تم بشكل مبكر، بعكس قيمة التكلفة لمن يتأخر أكثر من ذلك، حيث من المتوقع بشكل كبير أن تكون التكلفة حينها باهظة، مشيراً إلى أن هناك توصية من معيار المحاسبة والمراجعة الدولى للدفع فى اتجاه الإفصاح الإلزامى وليس الاختيارى.
كتب: محمد يحيي