توقعات بتراجع معدلات الإشغال 5% إضافية بعد الهبوط 40% العام الماضى
إنها ذروة الموسم الصيفى على قمة أوروبا فى سويسرا، على ارتفاع 3640 متراً فوق مستوى سطح البحر.. ولا تزال البلاد مغلقة.
كانت تداعيات تفشى فيروس كورونا المميت على السياحة شديدة فى جميع أنحاء أوروبا، لكن تداعياته كانت أكبر على السياحة السويسرية؛ نظراً إلى ترويج البلاد لنفسها بقوة كوجهة للسياحية الآسيوية.
على مدى العقد الماضي، عندما أدى ارتفاع الفرنك إلى تآكل أعداد الوافدين من أسواق شمال أوروبا التقليدية فى سويسرا، جاءت أعداد أكبر من آسيا بدلاً من ذلك، لكن مع تفشى الوباء الآن فى آسيا وحظر السفر الدولى الصينى تقريباً، حيث اتبعت بكين نهجاً لا هوادة فيه على الإطلاق مع تفشى سلالة دلتا، فإن السياحة السويسرية تستعد لمواجهة عام ثانٍ من الأزمة.
قال أورس كيسلر، المدير التنفيذى لشركة «يونجفراوبان» (Jungfraubahn)، وهى الشركة التى تشرف على الجندول والسكك الحديدية والمحطات الجبلية حول جانجفراو: «لقد كانت فترة صعبة للغاية، فقد انتقلنا من أفضل عام شهدناه على الإطلاق فى 2019 إلى أشد الأزمات حدة».
نجت سويسرا الغنية من التداعيات الاقتصادية للوباء بشكل أفضل من دول أخرى، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
ويتوقع البنك الوطنى السويسرى أن ينمو الناتج المحلى الإجمالى السويسرى بنسبة 3.5% هذا العام، بعد أن تقلص بنسبة 3% فقط العام الماضي، لكن قطاع السياحة هو الاستثناء، حيث يمثل حوالى 3% من الناتج المحلى الإجمالى لسويسرا و4.4% من الوظائف، ما يجعله واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية فى البلاد كما أن حجمه يعادل نحو ضعف حجم صناعة الساعات.
قال مارتن نيدجر، الرئيس التنفيذى لهيئة السياحة السويسرية: «سنتذكر العام الأول من الوباء باعتباره عاماً مروعاً بالنسبة لصناعة السياحة السويسرية، حيث تراجعت معدلات الإقامة فى الفنادق إلى مستوى لم يشهد إلا خلال الحرب العالمية الثانية».
ويقول نيدجر أيضاً أن عام 2021 لم يكن أفضل حالاً أيضاً.
لقد عاد زوار الأماكن الأخرى فى أوروبا إلى شواطئ القارة ومدنها، مقدمين بذلك دفعة تشتد الحاجة إليها للسياحة فى دول مثل إيطاليا وإسبانيا، وذلك بتشجيع من معدلات تلقى اللقاح المرتفعة وبطاقة الاتحاد الأوروبى الرقمية لفيروس كورونا.
ومع ذلك، لا تزال سويسرا تعانى فى ظل إغلاق السوق الآسيوية، وبالتالى يتوقع نيدجر انخفاض معدلات الإشغال فى سويسرا بنسبة 5% أخرى بعد انخفاضها بنسبة 40% فى عام 2020.
ويعتقد نيدجر أن الأمر قد يحتاج إلى عامين قبل الوصول إلى مستويات الإقامة المسجلة قبل الجائحة من الزوار الآسيويين فى سويسرا
.فى صيف 2019، بلغت الزيارات الآسيوية ذروتها، ففى ذلك العام أمضى الزوار الصينيون مجتمعين 1.8 مليون ليلة فى سويسرا، بزيادة تقارب 400% عن العقد السابق وأكثر من عدد الأشخاص القادمين من فرنسا، كما أمضى الهنود 793 ألف ليلة فى البلاد، بارتفاع من 392 ألف ليلة فى عام 2010.
حتى إن بعض السويسريين شعروا بالقلق من وجود الكثير من الجولات الآسيوية، ففى مايو، جلبت شركة واحدة تُعرف باسم «جونيس جلوبال» (Jeunesse Global) ما يصل إلى 12 ألف شخص من الصين كجزء من حزمة حوافز الموظفين.
وأظهرت الصور فى الصحافة السويسرية مجموعات ضخمة من السائحين الصينيين يتجولون فى شوارع لوزان المرصوفة وعبر نهر تيتليس الجليدى.
قال كيسلر، من شركة «يونجفراوبان»، إن سويسرا كانت متقدمة بفارق كبير عن الدول الأوروبية الأخرى فى إدراك ضخامة السوق المحتمل للسياح الآسيويين.
وأوضح كيسلر أن «العولمة بالنسبة لى تعنى شيئاً واحداً فقط وهو المشاركة فى النمو فى آسيا».
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن السياح القادمين من الهند يعتبرون جذابين بشكل خاص لأن ذروة موسم السفر لديهم- عادةً فى الربيع- تتزامن مع انخفاض موسم جبال الألب، ففى الماضى كانت الأشهر بين إغلاق ممرات التزلج وفتح مسارات المشى لمسافات طويلة ميتة بالنسبة لأصحاب الفنادق السويسرية.
ويقول أندرياس ماجنوس، مدير فندق «كيمبنسكى بالاس إنجلبيرج» (Kempinski Palace Engelberg)، إن نحو 90% من المقيمين فى الفندق، الذى افتتح فى يونيو، هم من السويسريين، متوقعاً استمرار هذه النسبة العالية، حتى مع انحسار الوباء.
مع ذلك، فإن ماجنوس يتوقع عودة أعداد كبيرة من السياح الآسيويين قريباً لزيارة نهر تيتليس الجليدى القريب، قائلاً: «أعتقد أن الفترة بين عامى 2022 إلى 2024 ستكون أعواماً كبيرة».
أما كيسلر فقال: «كما رأينا فى أوروبا، بمجرد السماح للناس بالسفر، فعلوا ذلك.. سيكون الأمر كذلك فى آسيا أيضاً.. أنا متفائل».