على ما يبدو أن اللجوء لتبرعات الجماهير بات الحل الأسهل لإدارات الأندية ذات الجماهيرية فى مصر، فبعدما أقدم الزمالك على هذه الخطوة، أعلن يحيى الكومى رئيس الإسماعيلى سيره على نفس النهج.
يحيى الكومى، رجل الأعمال البارز، خرج بتصريح قال فيه: “سنعمل على فتح حساب بنكى لتلقى تبرعات من الجماهير لدعم النادى، مثلما قام نادى الزمالك بالخطوة ذاتها”.
الغريب فى الأمر أن الخطوة التى قام بها الزمالك لا يمكن تقييمها بالناجحة، فحسب ما أعلنت إدارة النادى، بلغ إجمالى ما تم جمعه من تبرعات 25 مليون جنيه، أى “رُبع” ما كان يطمح حسين لبيب، رئيس اللجنة المكلفة بإدارة النادى فى تحقيقه، مع الوضع فى الاعتبار أن أكثر من نصف المبلغ تكفل به رجال أعمال بنسبة 60% تقريبا، وهو ما يعنى أن الحملة لم تحقق الهدف منها، بالرغم من قيام العديد من نجوم النادى بدعوة الجماهير لدعم الزمالك.
غياب الحلول
تخرج إدارات الأندية بتبريرات كثيرة حتى تتنصل من مسئوليتها فى إيجاد الحلول للأزمات المالية، فتلقى بالكرة فى ملعب المشجعين، ليس هذا فحسب بل إن حسين لبيب خرج فى أحد البرامج موجها اللوم للجماهير على عدم إقبالها على التبرع بالشكل الذى توقعه، بالرغم من أن توفير الموارد المالية هو دور الإدارة وليس الجماهير، وأن قرار التبرع هو أمر يخص فقط من يرغب فى القيام به.
وحتى الأهلى الذى يعيش ظروف أفضل من كل منافسيه، ألمح الكابتن محمود الخطيب رئيس النادى، خلال حديثه عند وضع حجر الأساس لمشروع ستاد النادى الأهلى، إلى مشاركة الجماهير فى التمويل بقوله: “الأهلى خلفه ملايين من محبيه وجماهيره، الجميع سوف يساعد فى بناء ستاد ناديه”.
ادعم ناديك
فى السعودية، انطلقت مبادرة “إدعم ناديك” من خلال الهيئة العامة للرياضة، على مرحلتين، كانت المرحلة الأولى فى 2017، بتقديم مبلغ ريال واحد يوميًّا عبر الرسائل النصية، وتضمنت المرحلة الثانية فى 2018 إطلاق طريقة جديدة للدعم، عبر تخصيص مبلغ مقطوع من إحدى الفئات الثلاث “10- 20- 30” ريالاً، بحيث يمكن للمشجع الرياضى إرسال رسالة نصية إلى رقم مخصص، تتضمن رقم المبلغ المراد دفعه بالإضافة لاسم النادى، وذلك من خلال هيئة الرياضة، وتم بعد ذلك منح الأندية الحق فى التعامل المباشر مع المبادرة.
وقد تكون المبادرة ساهمت فى حل جزء من الأزمة المالية للأندية السعودية، لكن الدولة قدمت دعما لا محدودا للأندية، ووضعت ضوابط مشددة بتحميل الإدارات تبعات الغرامات المالية الخاصة بفسخ عقود اللاعبين والمدربين، وكذلك العمل بنظام الكفاءة المالية، وهو ما أثر بالإيجاب على أوضاع الأندية السعودية وإن ظل بعضها فى أوضاع مالية صعبة مثل الاتحاد والأهلى والنصر.
ويرى صالح الصالح، المستثمر فى قطاع الرياضة السعودية، أن التجربة غير ناجحة ولن تنجح، كونها غير عادلة حسب وصفه، فالمشجع ذو الدخل المحدود يدفع أموالا للاعب يحصل على رواتب باهظة، دون أن يعود عليه ذلك بأى فوائد أو امتيازات، وهو أمر غير منطقى.
الإفريقى والزمالك.. وجهان لعملة واحدة
الحالة التى يعيشها الزمالك حالياً بالحرمان من القيد وتراكم الديون، مر بها نادى الإفريقى التونسى من مايو 2020 حتى أغسطس الماضى، وبلغت ديون النادى فى سبتمبر 2020 حوالى 11.5 مليون دولار، لكن الإدارة التى تولت قيادة النادى فى فبراير 2021، نجحت من خلال حملة دعم كبيرة قامت بها الجماهير فى جمع أكثر من نصف المبلغ، والخروج من عنق الزجاجة.
الزمالك يحتاج ما لا يقل عن 200 مليون جنيه للخروج من الأزمة المالية التى يمر بها، بسبب القضايا الخارجية ومنها ما صدر فيه أحكام نهائية مثل قضايا أتشمبونج وجروس وماريتيمو البرتغالى وسبورتنج لشبونة ومعروف يوسف وحسام أشرف ويتجاوز مجموعها 4.5 مليون دولار تقريبا، وقضايا آخرى متداولة مثل قضايا باتشيكو وخالد بوطيب، بالإضافة لتجديد عقود لاعبيه التى تنتهى بنهاية الموسم.
كل ذلك يعنى ضرورة وجود مجلس إدارة منتخب يدير النادى بشكل مستقر حتى يستطيع وضع خطط عاجلة وآخرى قصيرة الأجل للخروج من الأزمة، يكون أول قرارتها تشكيل إدارة للتسويق والاستثمار من شخصيات تمتلك الخبرة والتجربة والكفاءة، وتستطيع إيجاد حلول وتوفير موارد مالية مستدامة للنادى، بعيدا عن إلقاء الكرة فى ملعب المشجعين.