قال البنك المركزى المصرى، إن مقومات الاقتصاد المصرى وتنوع مصادر العملة الأجنبية المستقرة نسبياً والمتمثلة فى الصادرات غير البترولية، وقناة السويس، وتحويلات العاملين بالخارج مكنت القطاع المصرفى من احتواء الخروج المفاجئ لاستثمارات المحافظ خلال عام 2020.
وذكر أنه رغم انخفاض التدفقات الموجهة إلى معظم الاقتصادات الناشئة فى منطقة أفريقيا والشرق الأوسط إلا أن مصر كانت ضمن الاقتصادات التى سجلت صافى تدفقات موجب فى استثمارات المحافظ فى عام 2020.
وقال، فى تقرير الاستقرار المالى 2020، إن مصادر العملة الأجنبية خلال النصف الأول من عام 2021 سجلت أداء جيدا، مع تحسن بعضها، مشيرا إلى تحسن صافى الاحتياطات الدولية بعدما لعب دوره الأساسى فى صد التبعات الأولية للجائحة، حيث انخفض من مستوى 45.5 مليار دولار فى فبراير 2020 إلى 38.2 فى يونيو 2020، ثم عاود الارتفاع ليبلغ 40.6 مليار دولار فى يونيو 2021، وبذلك تظل الاحتياطيات الدولية فى النطاق الكافى نسبة إلى الالتزامات قصيرة الأجل من العملة اﻷجنبية.
أضاف أن تمتع القطاع المصرفى ساهم بنسب مرتفعة من السيولة بالعملة المحلية وفوائض فى صافى الأصول الأجنبية فى احتواء الخروج المفاجئ لاستثمارات المحافظ من سوق أذون الخزانة المحلى خلال النصف الأول من عام 2020، بينما شهد النصف الثانى من العام بداية عودة المستثمرين الأجانب، واستمرت خلال النصف الأول من عام 2021، لتتخطى حصتهم من إجمالى أرصدة أذون الخزانة بالعملة المحلية فى يونيو مستوى ما قبل الجائحة، وهو ما ساهم فى ارتفاع نسبة السيولة بالعملة الأجنبية لدى القطاع المصرفى.
هل البنوك مستعدة لاستمرار كورونا؟
وقال البنك المركزى المصرى إن نتائج كل الاختبارات أظهرت مستوى منخفض أو متوسط من مخاطر الملاءة المالية، وقدرة القواعد الرأسمالية للقطاع المصرفى على استيعاب الخسائر الناتجة عن الصدمات المفترضة – بكل من السيناريو الأساسى، والسيناريو الأكثر حدة – لتستمر كل من نسبة كفاية رأس المال، وكفاية رأس المال الأساسى أعلى من الحد الأدنى الرقابى المقرر من البنك المركزى وأعلى من متطلبات لجنة بازل.
وعلى نحو مماثل، يتعرض القطاع لمستوى منخفض أو متوسط من مخاطر السيولة، بناء على نتائج اختبارات الضغوط التى تم إجراؤها على كل من نسبة تغطية السيولة ونسبة صافى التمويل المستقر، والتدفقات النقدية للسيولة.
واختبارات الضغوط هى أحد الأدوات التحليلية، ويتم إجراؤها على كل مكون من مكونات النظام المالى لتقييم قدرة القطاع المصرفى على مواجهة المخاطر التى قد تنتج فى سيناريو افتراضى لاستمرار التبعات السلبية لجائحة كورونا وسيناريو افتراضى للمخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية والبيئية.
السيناريو الأساسي
قال البنك المركزى المصرى إنه فى ظل الموجة الرابعة من تفشى فيروس كورونا، تم افتراض استمرار تباطؤ نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى للعام المالى 2021-2022، مع استمراره فى تحقيق معدل نمو موجب، فى ظل تنوع أنشطته.
وافترض السيناريو توقف تعافى الاقتصاد العالمى وتراجع نموه واستمرار تعطل سلاسل الإمداد، وأن ذلك أدى لارتفاع عجز الموازنة مؤقتا خلال العام المالى الحالى، بسبب اتخاذ الحكومة إجراءات لاحتواء تداعيات الجائحة عبر زيادة الانفاق العام على الصحة وذلك بجانب تأثر الإيرادات الضريبية، ما يؤدى إلى رفع الدين العام إلى الناتج المحلى خلال العام نفسه.
وبحسب السيناريو فإن أسعار النفط ستؤدى إلى انخفاض الصادرات وخاصة البترولية وكذلك تحويلات المصريين بالخارج، وقد تؤدى تلك التطورات إلى ارتفاع الاحتياجات التمويلية وخدمة الدين وبالتالى تراجع ثقة المستثمرين فى الحكومة وارتفاع تكلفة التأمين على الديون السيادية وبالتالى خفض التصنيف الائتمانى مما قد يؤدى إلى انخفاض سيولة الأوراق المالية الحكومية وحدوث سحب على ودائع القطاع المصرفى.
وفى هذا السيناريو قد تؤدى تلك التطورات إلى تأثر قطاع الصناعات التحويلية والذى يعتمد على مدخلات مستوردة نتيجة تعطل سلاسل الإنتاج العالمية، وكذلك ستتأثر الصناعات التى تعتمد على التصدير.
وفى تلك الحالة ستتأثر أيضا إيرادات قناة السويس والسياحة والطيران والاستثمارات الأجنبية، كما تم افتراض تأثر العديد من القطاعات بتغيرات المناخ، نتيجة حدوث خسائر مادية أو نتيجة تكلفة الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وتلك القطاعات المتأثرة ستكون مثل الزراعة والسياحة والطاقة والصناعة والتشييد البناء نتيجة تطبيق معايير جديدة فى البناء وكذلك الصحة نتيجة لزيادة النفقات الطبيعة، والقطاع العام نتيجة الاستثمار فى البنية التحتية المتضررة، وذلك سيؤدى إلى مخاطر مالية للنظام المالى من زيادة الديون المعدومة وأقساط التأمين المدفوعة.
ولم يشرح التقرير ما الذى يتناوله السيناريو الأكثر حدة، لكن استرشادا بمعايير لجنة بازل تم تطبيق وزن مخاطر من 0 إلى %7 فى السيناريو الأساسى و%9 فى السيناريو الإضافى لديون جهات السيادية بافتراض تراجع تصنيف مصر الائتمانى وفق سيناريوهات الضغط، كما تم تخفيض الدرجة الائتمانية للعملاء وفق القطاعات الأكثر تأثرًا بالجائحة والتغير المناخى من درجة إلى درجتين فى التقييم الائتمانى.
وقسم البنك القطاعات بحسب درجة تأثرها بجائحة كورونا والتغير المناخى، وكانت قطاعات السياحة والنقل والطيران الأكثر تأثرا بالجائحة والزراعة والسياحة والتبغ الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخى.
فيما كانت القطاعات متوسطة التعرض، هى الحديد والصلب، والغزل والنسيج، والكهرباء، والبترول والغاز الطبيعى، وصناعة المواد الكيماوية، وتجارة البلاستيك، وصناعة وتجارة الأجهزة المنزلية والتشييد والبناء ومواد البناء، وأنشطة الفنون واﻹبداع، والأغذية والمشروبات والمركبات، والأنشطة العلمية والتعليم والوساطة المالية والأسمدة، وصناعة وتجارة الورق، وصناعة وتجارة المعادن والخدمات.
فيما كانت الحديد والصلب والبترول والغاز وصناعة وتجارة البلاستك وصناعة المواد الكيماوية، الأسمدة، والتشييد والبناء وصناعة وتجارة السيراميك والرخام، وصناعة وتجارة المعادن، وصناعة وتجارة الأسمنت والجير والطوب، والوساطة المالية، متوسطة التعرض للتغيرات المناخية.
وعلى صعيد القطاعات منخفضة التعرض كانت الزراعة والتبغ وصناعة وتجارة الصابون والمطهرات والمعلومات والاتصالات، وصناعة وتجارة الأدوية وصناعة وتجارة الأسلحة.
تم تطبيق هذه الافتراضات على المستوى الكلى على 15 بنكا تمثل %84.7 من إجمالى المركز المالى للقطاع المصرفى، متضمنة مجموعة متنوعة من بنوك القطاع العام، والبنوك الخاصة، والبنوك المتخصصة، وتلك التى يغلب عليها نشاط البنوك الإسلامية.
نتائج الاختبارات
وكشفت نتائج الاختبارات فى السيناريو الأول أن الضغوط جاءت منخفضة فى كافة البنوك باستثناء مخاطر تركز التوظيفات فى الأوراق المالية الحكومية بالعملة المحلية التى جاءت فيه متوسطة فى السيناريو الأول.
فيما جاءت 4 مخاطر متوسطة فى السيناريو الأكثر حدة، على صعيد مخاطر الائتمان السيادية ومخاطر تركز التوظيفات فى الأوراق المالية الحكومية بالعملة المحلية ومخاطر سعر العائد والتأثير المجمع لمخاطر السوق.
وبلغت أرصدة التسهيلات الائتمانية الممنوحة لأكبر l00 عميل نحو 507.6 مليار جنيه فى يونيو 2021 منها 476 مليار جنيه للقطاع الخاص و32 مليارا للقطاع العام، بمعدل نمو %19 مقارنة بالعام السابق، وتتركز تلك التسهيلات الائتمانية فى 16 قطاع اقتصادى يتصدرها قطاع التشييد والبناء بنسبة %22، وقطاع البترول والغاز والبتروكيماويات بنسبة %16.2، وقطاع الحديد والصلب بنسبة %10.35، وقطاع التنمية العقارية بنسبة %9.5، والقطاع المالى غير المصرفى %10.
وعلى صعيد اختبارات الضغوط لمخاطر السيولة، قال المركزى المصرى إنه فى إطار سيناريو الضغط المرتبط بارتفاع مخاطر الائتمان السيادية، وانخفاض درجة التصنيف الائتمانى للدولة، ستتجه البنوك إلى بيع السندات الحكومية فى السوق الثانوى خلال فترة زمنية قصيرة، وانخفاض قيمة اذون الخزانة المتخذة كضمانة فى عمليات الريبو، وزيادة نسبة سحب الودائع، وتم دراسة تأثير ذلك على نسبة تغطية السيولة، بالعملة المحلية، والعملة الأجنبية، ونسبة صافى التمويل المستقر بالعملة المحلية، والتدفقات النقدية للسيولة بالعملة المحلية وأهم العملات الأجنبية.
وجاءت نتائج الاختبار عبارة عن ضغوط خفيفة فى نسبتى تغطية السيولة بالعملة المحلية والتدفقات النقدية بالسيولة، فيما كانت الضغوط متوسطة فى نسبتى تغطية السيولة بالعملة الأجنبية وصافى التمويل المستقر بالعملة المحلية.