أشهر العلامات التجارية تغلق متاجرها فى موسكو وتوقف مبيعات «الأون لاين»
أحدثت الحرب الروسية الأوكرانية أزمة فى صناعة الأزياء العالمية، إثر انسحاب تجار تجزئة وعلامات تجارية من روسيا؛ احتجاجاً على الغزو.
فما التأثير الاقتصادى للحرب على صناعة الملابس الجاهزة على المدى الطويل؟
قوبل الغزو الروسى الذى بدأ فى 24 فبراير الماضى، بإدانة واسعة النطاق، خصوصاً من الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية، إذ أدرجت حكومات عدة عقوبات تجارية ومالية على موسكو، تتضمن تجميد أصول أفراد وشركات وبنوك روسية، واستبعادها من النظام المالى البريطانى.
كما مُنعت البنوك الروسية من التعامل مع نظام Swift المصرفى الدولى.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، استجابت لتلك الحملات أشهر العلامات التجارية العالمية للأزياء الراقية، ومنها H&M Group ،Mango ،Zara ،Marks & Spencer ،Asos ،Boohoo Group، JD Sports Fashion Nike.
وأغلقت تلك العلامات متاجرها فى روسيا، وعلقت التجارة عبر الإنترنت هناك.
كما أوقفت دور الأزياء الفاخرة عملياتها هى الأخرى، ومنها Balenciaga ،Louis Vuitton ،Dior ،Hermès ،Chanel ،Prada ،Gucci ،Saint Laurent Cartier ،Burberry.
وووفقاً لموقع «درابرز»، فمن المحتمل أن يؤثر النزاع والعقوبات اقتصادياً على المدى الطويل.
أسعار النفط تصعد بالبوليستر والنايلون.. وتعطل سلاسل الإمداد
تلقى «البورصة» نظرة على أكبر الاعتبارات لبائعى الأزياء بنظام التجزئة.
فقد ارتفعت أسعار النفط، متأثرةً بالغزو الروسى إلى 130 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوى لها فى 14 عاماً وسط مخاوف بشأن مشكلات الإمداد، قبل أن تنخفض لاحقاً إلى 112 دولاراً.
ومن المرجح أن تؤثر أسعار النفط بصورة غير مباشرة على سلسلة التوريد العالمية بأكملها، إذ تضاعفت تكاليف الشحن بالفعل مع ظهور وباء كورونا، وهو ما أدى إلى تآكل هوامش الربح، ولن يؤدى ارتفاع تكاليف الوقود إلا إلى زيادة الضغط على شركات الشحن والخدمات اللوجستية، والتى قد تمررها إلى الموردين وتجار التجزئة.
ولم ترجح شركة «كيت نيولين للاستشارات» ومقرها نيويورك، أن تتوقف العلامات التجارية الفاخرة عن ممارسة الأعمال التجارية بشكل كامل فى روسيا.. لكنها بلا شك ستتضرر.
أضافت: «إذا ارتفعت تكلفة المعيشة، فإنَّ أول شىء سيتوقف الناس عن شرائه هو الملابس، وقد تم قمع الطلبات بنحو %40، مقارنة بما توقعناه للعام الحالى قبل الغزو».
وقال أحد موردى الأزياء النسائية لـ«جولدن داتا»، إنَّ أرقام الطلبات انخفضت منذ بدء الصراع الذى جعل الناس أكثر تردداً بشأن الذهاب لقضاء عطلة، حتى خارج أوروبا.
ويقول كبير محللى الأبحاث للسلع الفاخرة العالمية فى بيرنشتاين، لوكا سولكا، إنَّ إغلاق المتاجر الروسية سيكون له تأثير ضئيل على تجار التجزئة للأزياء الفاخرة: «الطلب فى روسيا وأوكرانيا ليس جوهرياً، ويتراوح بين 1 و2% من السوق العالمى، وتتضاعف النسبة إذا تم ضم الروس فى الخارج». لكنه اتفق على أن التأثير السلبى لصناعة الرفاهية يمكن أن يأتى من تباطؤ نمو الاقتصاد الكلى على مستوى العالم، على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة والسلع.
وحذرت تقارير من ارتفاع أسعار النفط الخام الذى يعنى ارتفاع أسعار المواد الخام للأقمشة المشتقة من البترول، ومنها البوليستر والنايلون، ما يرفع أسعار التجزئة للملابس، وبالتالى يبتعد المستهلكون.
وأشار تقرير اقتصاد المنسوجات الجديد الصادر عن مؤسسة «إيلين ماك آرثر» إلى أن إنتاج الألياف البلاستيكية للمنسوجات، مثل البوليستر، يستخدم نحو 342 مليون برميل من النفط كل عام.
كما أن الزيادة فى التكلفة الأساسية للنفط ستؤثر بدورها مباشرة على تكلفة إنتاج الألياف الاصطناعية، وقد تمر هذه الزيادات عبر سلسلة التوريد، وهو ما سيكبد تجار التجزئة للأزياء تكاليف إضافية، وهوامش ربح مضغوطة.
ويقول أحد موردى الأزياء الراقية لـ«درابرز»: «زادت تكاليفنا بشكل كبير مع ارتفاع أسعار القطن، فضلاً عن الشحن والنقل، وارتفعت أسعارنا، ومن المرجح أن ترتفع أسعار؛ فالموسم كان صعباً من جميع النواحى».
وتتوقع «جلوبال داتا» أن يؤثر الصراع على البلدان الصناعية المجاورة، ومنها رومانيا، وبلغاريا، ما سيؤثر على تجار التجزئة فى إنجلترا مثلاً.
وحال استمر الصراع فقد تعانى المنطقة نقص العمالة أو المواد الأساسية؛ بسبب التأخير فى نقل البضائع.
وقالت «جلوبال»، إنَّ موردى الأزياء عانوا بالفعل تسارع تضخم أسعار الخامات للشهر التاسع على التوالى إلى %54.4 فى فبراير الماضى، خصوصاً القادمة من تركيا، وهو أعلى معدل فى 10 سنوات، وفقاً لشركة البيانات «تريدنج ايكونومكس»، ما أدى إلى اضطراب فى سلسلة التوريد مثل التأخير فى الشحنات، وتغيير المصانع للأسعار المتفق عليها مسبقاً.
وفى الهند، يشهد صانعو الملابس انخفاضاً يصل إلى %25 فى الطلبات الجديدة من العلامات التجارية العالمية مثل Mango وZara وH&M، بعد أن أوقفت عملياتها فى روسيا.
كما عطل متجر الأزياء الإسبانى إنديتكس- الذى يمتلك زارا – التداول فى روسيا، وأغلق 502 متجر وأوقف المبيعات عبر الإنترنت قبل أسبوعين تقريباً.
وأوقفت H&M عملياتها فى روسيا، بينما أغلقت شركة Mango، ثانى أكبر متاجر التجزئة للأزياء فى إسبانيا، مؤقتاً 120 متجراً لها.
وقال رئيس مجموعة نويدا لتصدير الملابس، لاليت ثوكرال، إنه تم توجيه الملابس إلى روسيا عبر إسبانيا، وبعد تعليق جميع العلامات التجارية العالمية عملياتها انخفضت الطلبات الجديدة بنسبة %15.
وتابع: «نشعر بالقلق بعض الشىء فيما يتعلق بالمدفوعات التى تعطلت بسبب الحرب، خاصة مع تعطل الشحنات عبر البحر الأسود بشكل كبير، ويقوم المصدرون الآن بإرسال الملابس عن طريق الجو، لترتفع تكاليف الشحن مرتين على أقل تقدير».