ارتفعت إيجارات المنازل في الولايات المتحدة بنسبة 40% تقريباً منذ يناير 2021، بحسب خدمة “أبارتمنت ليست”، مما يشير إلى اتجاه أوسع ساد في البلاد.
كان ارتفاع إيجارات المنازل لتصبح ثنائية الخانة بمثابة نعمة بالنسبة إلى السماسرة، لكنها عقبة أخرى تواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي في ظل سعيه للسيطرة على أسوأ مشكلة تضخم منذ عقود زمنية، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
مع توقع قليلاً من الراحة على المدى القريب، يحذر خبراء الاقتصاد من أن الإيجارات المرتفعة ستكون عاملاً محفزاً، إذ يواصل الضغط التصاعدي على التضخم حتى مع توقف نمو أسعار المستهلك للفئات الأخرى، بالتالي فهو يجعل مهمة الفيدرالي في معالجة ارتفاع الأسعار أكثر صعوبة.
قالت سارة هاوس، كبيرة الاقتصاديين في شركة “ويلز فارجو”، إنه “سيكون من الصعب أن نقول إن التضخم تحت السيطرة إذا استمرت تكاليف المساكن في الارتفاع”.
وتتوقع هاوس أن يستمر تضخم إيجارات المنازل المرتفع حتى نهاية العام على الأقل، ورغم بعض الاعتدال المعوض في السلع والخدمات الأخرى، “فإن ذلك سيعقد المهمة التي تنتظر الاحتياطي الفيدرالي”.
يولي كبار المسؤولين اهتماماً وثيقاً بالتضخم المرتبط بالإسكان، نظراً إلى كونه مكوناً مهماً للتضخم العام.
تشير بعض التقديرات إلى أن تكاليف المساكن تشكل نحو ثلث مؤشر أسعار المستهلك، الذي ارتفع في يونيو بوتيرة سنوية قدرها 9.1%، في أسرع زيادة من هذا القبيل منذ نوفمبر 1981، بينما تشكل أكثر من 40% في المقياس الأساسي، الذي يستبعد السلع المتقلبة مثل الغذاء والطاقة.
وارتفعت الإيجارات بنسبة 5.8% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بعد أكبر قفزة شهرية منذ عام 1986 بلغت 0.8%، كما ارتفع مكافئ إيجار المالكين، وهو مقياس للتكلفة المقدرة لعقارات الملاك لو تم تأجيرها، بنسبة 0.7%.
وإجمالاً، ارتفعت تكاليف المساكن بنسبة 5.6% خلال الأشهر الـ 12 الماضية، وهي أعلى نسبة منذ عام 1991.
لقد أعاد التسارع الأكبر من المتوقع ضبط التوقعات حول مدى سرعة اعتدال التضخم الكلي خلال العام الحالي ومدى قرب تشديد السياسة النقدية أكثر.
وقال بنك الاحتياطي الفيدرالي إنه بحاجة إلى رؤية تباطؤ واضح في بيانات التضخم الشهرية قبل أن يبطئ بشكل كبير وتيرة رفع أسعار الفائدة.
تتوقف توقعات تضخم الإيجارات في جزء كبير منها على مسار أسعار المساكن، التي ارتفعت خلال فترة تفشي الوباء، حيث أعاد الناس تنظيم حياتهم في عصر جديد من العمل من المنزل وبحثوا عن أماكن أقل كثافة واستفادوا من معدلات الرهن العقاري المنخفضة للغاية، كما لجأ مزيد من المشترين المحتملين إلى خيارات الإيجار لأن ارتفاع الأسعار حال دون دخولهم السوق.
يشير موقع “ريلتور دوت كوم” إلى اتسارع الفجوة بين تكاليف ملكية المنازل الأولية الشهرية والإيجارات بنحو 25%، أو ما يقرب 500 دولار.
قال داريل فيروذر، كبير خبراء الاقتصاد في شركة “ريدفين”، إن “الأشخاص الذين خرجوا من سوق العقارات المعروضة للبيع يتجهون بشكل متزايد إلى سوق الإيجارات وهذا يؤدي أيضاً إلى زيادة الطلب”.
وبجانب حقيقة أن أسعار الإيجارات تتبع تغيرات أسعار المنازل بنحو 18 شهرا، قالت كاثي بوستانسيك، كبيرة الاقتصاديين الأمريكيين في شركة “أكسفورد إيكونوميكس”، إن تضخم الإيجارات قد لا يهدأ حتى الربع الثاني من عام 2023.
رفع خبراء الاقتصاد، مثل رايان وانج من بنك “إتش.إس.بي.سي”، توقعاتهم بتجاوز التضخم السنوي للإيجارات حاجز الـ 7% بحلول أوائل العام المقبل.
قدر باحثون في بنك الاحتياطي الفيدرالي بسان فرانسيسكو في فبراير أن اتجاهات سوق الإيجارات الحالية ستزيد تضخم مؤشر أسعار المستهلك الإجمالي بمقدار 1.1% إضافية في كل من عامي 2022 و2023، أو 0.5% في مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي، وهو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، وقد صمدت هذه التوقعات حتى الآن.
لا شك أن الأمر الذي من شأنه المساعدة في تخفيف بعض هذه الضغوط هو زيادة معروض المساكن، وهو الأمر الذي تعطيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أولوية، لكن الاقتصاديين وخبراء الإسكان يقولون إن هذه الجهود ليس لها أثر كبير في تخفيف حدة المشكلة.