دخل الانهيار المالى فى لبنان عامه الثالث، وهو أحد أسوأ الأزمات الاقتصادية فى التاريخ الحديث، حيث دفع بثلاثة أرباع السكان إلى الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها.
وفى بداية أغسطس الماضى، نشر البنك الدولى تقريراً لاذعاً يتهم خلاله السلطات اللبنانية بتنفيذ مخطط “بونزى” عملاق تسبب فى ألم اجتماعى واقتصادى غير مسبوق.
وأفاد التقرير أن التمويل العام استُخدم للاستيلاء على موارد الدولة من أجل المحسوبية السياسية، ما أدى إلى كساد اقتصادى “متعمد”، كما أن “جزءاً كبيراً” من مدخرات الأفراد قد “أسئ استخدامها وأنفقت فى أوجه خاطئة على مدى الثلاثين عاماً الماضية”.
وفى ظل غياب القوانين الرسمية المخصصة لمراقبة رأس المال، أصبحت البنوك هى التى تقرر من يمكنه الوصول إلى أمواله، واقتصرت عمليات السحب الشهرية على مبالغ صغيرة لمعظم الأشخاص، لكن التقارير الإعلامية تظهر أن الأشخاص المرتبطين بالسياسة قد أرسلوا ملايين الدولارات إلى خارج البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وفى الوقت نفسه، أوقفت الحكومة مبادرات الإصلاح التى يمكن أن تطلق الأموال الدولية المخصصة للمساعدات، فى حين أن الفساد المزمن والافتقار إلى البنية التحتية العامة يعنى معاقبة المواطنين المنهكين بالفواتير.
وعلى الرغم من هذه المصاعب، تمتلئ شوارع العاصمة اللبنانية بالسيارات الفاخرة المستوردة حديثاً وتكتظ شواطئها ومطاعمها بالوافدين لقضاء فصل الصيف، لكن الأطفال يفتشون حاويات القمامة بحثاً عن فضلات الطعام بصحبة آبائهم الذين يعانون من سوء التغذية، بينما يقضى المتقاعدون بأجسادهم الهزيلة، الذين فقدوا مدخراتهم فى الأزمة، أيام الصيف الخانقة دون كهرباء فى شققهم الصغيرة والضيقة، وفى ظل غياب جهود الدولة للتخفيف من حدة الأزمة، قد يتكرر سحب المال بالقوة من البنوك.