الشرائع السماوية تؤكد أن سُنَّةُ “الاستبدال” أى “التغيير” واقع لا مناص منه.. وثابتا في حركة التاريخ والأمم والإنسان أن التغيير هو المبدأ الذي حكم حركة الكون والأحياء وهو يعتمد على حالة الإنسان الذى يستطيع ان يحدد من خلال استثمار رفعته المادية والمعنوية التنبؤ بمؤشر الصعود والهبوط لأمته وحضارتها وإهلاكها.
وقد سجل التاريخ كثيرا من تفسيرات سنن “التغيير” والخوض بها يحتاج إلى وقت طويل.. ولكنى أقف هنا فى الوقت المعاصر وبالتحديد مع الحرب الروسية الأوكرانية؛ والتى حتما هى خطوة تغيير ملامح النظم الاقتصادية العسكرية وقد تزلزل خلال أيام معدودات مواقف “جبل الدولار” الذى سيطر على قوة العالم لمدة تزيد على 50 عاما، وهو متوسط طول الأنظمة النقدية السابقة.
لاشك أن “الداهية” أقصد اليوان الصينى سيكون أول مستفيد من تلك الحرب لاسيما أن “التنين الشيوعى” لدية بنية تجارية ضخمه متشعبة التداول وستجد بعد العقوبات الشعواء المفروضة على روسيا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية طريقا لاستخدام سلاح العملات وهو ما قد يهدد هيمنة الدولار الأمريكى ويخلق نظاما اقتصاديا عالميا جديدا قد تدفع فيه بعض الدول ثمنا باهظا.
لذلك فإن الهرع إلى شراء الدولار من جانب “وفاء وإبراهيم وأنهار.. وغيرهم” قد يكون محفوفا بالمخاطر خاصة بعد استحسان الاتفاق الذى حدث بين روسيا والصين فى اعتماد “اليوان والروبل” أساسا فى المعاملات التجارية بينهما؛ ولاشك فى أن هذا سيجعل بعض الدول تعيد التفاوض بشأن العملة التي ستستخدمها مقابل التجارة؛ ثم يبدأ بعدها ظهور تكتلات للعملات بين مجموعات ثم يكون هذا هو النظام المالى العالمى الجديد.
المستخلص من الدرس؛ هو أن لا شىء يدوم إلى الأبد، لذا يجب على الحكيم أن يستعدَّ للنظام النقدي الجديد التالى خاصة أنَّ كل الدلائل تشير إلى التوجه نحو أنه من يمتلك مؤهلات التمكن فلن يمرض ولا يجبر وأبدا لن يعيش تابعا بل سيكون فى زمرة القادة.
هنا أتوقف أمام معادلة الدولة المصرية فى تنوع شراء الأسلحة وكل المستلزمات الإنتاجية وأيضا تعدد كل المشروعات القومية على كافة الأصعدة، فإنشاء قناة السويس الجديدة وتنوع مصادر الطاقة المتجددة والاكتفاء الذاتى من الغاز وترسيم الحدود بالبحر المتوسط جعلها مصدرا للنقل والتصدير للطاقة إلى أوروبا وأفريقيا والعالم أجمع.
كما أن استهداف شتى الاستثمارات بكل أنواعها وجنسياتها تشكل بعدا اقتصاديا هاما من حيث أن التعاون مع المحافظ الاستثمارية العربية والغربية يفتح آفاقا للتصدير مع كل العملات الأجنبية حتى ولو بالتبادل.
كما أن دعم منتج إجراءات الحماية الاجتماعية المصرية يعد عاملا دينيا واقتصاديا راسخا؛ لأن الحفاظ على الطبقة المتوسطة ومحدودى الدخل معادلة مهمة فى برنامج الاستثمار باعتبارهم المصدر الأساسي للقوة الشرائية للمنتج المحلى وغيره.
ولأن الزراعة والصناعة مدخلان أساسيان لتكوين واستقرار أمة؛ عملت مصر على إطلاق العنان لمشروعات زراعية ضخمة أرى أن الدعاية عنها قد تكون ضعيفة وفى الحقيقة فى حاجة إلى تسليط الضوء على نتائجها وليس على التكلفة؛ ولاسيما أنها قد نجحت فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الخضر والفاكهة وبعض من السلع الاستراتيجية فضلا عن زيادة حجم التصدير، وتعظيم الاستفادة من عائدات المنتجات بإنشاء مصانع ذات صلة بالمنتج الزراعى والسمكى.
أما مشروعات الطرق والمحاور؛ فهى استثمار لكل شبر على أرض الوطن وتساهم فى تنفيذ الفكر الخططى الجديد للسياحة المتنوعة “البيئية والدينية والاقتصادية والعمرانية والمؤتمرات والفندقية والترفيهية.. وغيرها” على كل الاتجاهات على أسس جلب الاستثمارت والعملات.
لن أبالغ فيما ما ذكرته من إشارة إلى بعض من المشروعات فهو قليل، وما دفعنى للتناول ذلك الفكر الاستباقى والرؤية الحادة ذات البصيرة البعيدة المدى للسيناريوهات القدرية والتى تتعانق والشرائع السماوية فى تبدل الأحوال والنظم العالمية التى تتغير بفعل الإنسان.
إننى أشم رائحة بنية اقتصادية حديثة تعود بالدخل المرتفع على كل المستويات؛ خاصة أن المصريين لديهم القدرة على التكيف مع المتطلبات الحياتية الجديدة وأجد ذلك فى الاستجابة السريعة والقوية للوظائف الإلكترونية الحديثة التى تدر أرباحا هائلة، وأسواق المحمول تشهد على ذلك وشركات الإعلان على “السوشيال ميديا” أيضا خير مثال.
يتبقى أن أدعوكم إلى إعلاء قيمة العمل وعدم الانصياع خلف الشائعات والانسجام فقط للمردود الإيجابى للمشروعات فى ظل النظام المالى الجديد والذى سيكون لنا حظا وافرا فيه.
محمد المنايلى
نائب رئيس تحرير الجمهورية