الاعتماد على السفن القديمة ذات التأمين الأقل يزيد المخاطر للمشترين
يعتزم الاتحاد الأوروبي وقف كافة واردات البترول الروسي المنقول بحراً اعتباراً من غد الاثنين، في إطار عقوبات فرضها على موسكو بسبب حربها الناشبة في أوكرانيا.
يعتمد الحلفاء في الغرب على الصين والهند وغيرهما لامتصاص التدفقات المعاد توجيهها، بالتالي الحفاظ على توازن إمدادات البترول في العالم على قدم المساواة.
مع ذلك، فإن الإجراء الذي سيدخل حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر سيعقد هذا التعديل ويزيد من ظهور مخاطر بيئية جديدة.
اعتباراً من هذا التاريخ، سيحظر على شركات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة توفير التأمين والتمويل التجاري والخدمات البحرية الأخرى لصادرات البترول الروسية ما لم يتم تسعيرها بأقل من مستوى سقف السعر الذي سيحدد من جانب الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع.
بدأ سقف السعر كمرحلة لاحقة لغزو أوكرانيا، فهي أمراً معقداً وغير مسبوقاً من هندسة العقوبات الهادفة لتسهيل استمرار تدفق البترول الروسي إلى الأسواق العالمية لتجنب النقص وارتفاع الأسعار، فضلاً عن تقليص عائدات الكرملين وسط حربها على أوكرانيا.
لكن المبادرة التي تقودها الولايات المتحدة واجهت أكثر من بضع عقبات خلال أشهر تطويرها، حسبما ذكرت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
رفضت الصين والهند علناً المشاركة في برنامج سقف الأسعار، بل ظل كلاهما محايداً سياسياً بشأن حرب أوكرانيا، وعلى أي حال، يمكنهما الاعتماد على استمرار تلقي تخفيضات كبيرة على البترول الخام الروسي حيث تقلص العقوبات الغربية السوق الدولية لموسكو.
في غضون ذلك، هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك مراراً وتكراراً بوقف مبيعات البترول للدول التي تلتزم بسقف السعر، مما وضع رادعاً آخر لتبني الخطة على نطاق أوسع.
لا شك أن انعدام اليقين بشأن سقف السعر الفعلي- الذي تم التوصل لاتفاق يوم الجمعة يحدده عند 60 دولار للبرميل- كان يشكل مشكلة أخرى، فقد كان من شأن تسوية مستوى السعر قبل وقت طويل من بدء تنفيذ العقوبات الجديدة السماح للجهات الفاعلة في السوق باتخاذ القرارات والاستعدادات اللازمة.
يبدو أن نتيجة هذا الوضع الفوضوي إلى حد ما هي بحث نحو 1.5 مليون برميل يومياً من الخام الروسي عن مشترين جدد اعتباراً من يوم الاثنين دون الوصول إلى أسواق التأمين البحري في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، والتي تخدم بينهما ما يقرب من 90% من تجارة البترول العالمية، بسبب عدم اهتمام الصين والهند بالانضمام إلى برنامج سقف الأسعار.
نتيجة لذلك، فإن روسيا ومشترو البترول الخام المحتملون، بما فيهم الصين والهند، وكذلك أعضاء الشرق الأوسط في منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها “تحالف أوبك بلس”، الذين قد يساعدون في إدارة تعديل السوق، سيتجهون نحو ترتيبات شحن وتأمين جديدة.
ينبغي العلم أن البدائل متاحة.. لكن أساطيل الناقلات التي جمعتها شركات الشحن التي انتشرت عبر آسيا والشرق الأوسط في الأشهر القليلة الماضية استعداداً لإدارة التجارة الروسية بعد العقوبات أصبحت عتيقة.
غالباً ما يكون عمر السفن أكثر من 15 عاماً، وهو عمر تنبذه عادةً شركات البترول الكبرى في العالم بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.
بعض السفن التي انضمت إلى هذا “الأسطول المظلم” المتنامي، المصنف على هذا النحو لأنه من الصعب تحديده ومراقبته، كانت تنقل البترول الفنزويلي والإيراني بعيداً عن الأنظار في الأعوام الأخيرة.
سيكون التأمين متاحاً، لكن التغطية ستكون أقل بكثير من المعتاد لشحنات البترول في غياب مقدمي الخدمات البحرية المتخصصين ونوادي الحماية والتعويض الموجودة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
وهذا يعني أن روسيا ومشتري البترول الخام التابعين لها سيتعرضون لخطر أكبر يتمثل في حوادث الشحن وانسكاب البترول، بينما يتعين عليهم أيضاً تسوية مدفوعات أقل لن تغطي جميع التكاليف في حالة وقوع حادث مؤسف كبير.
ومن المقرر أن تتكرر نفس الظواهر في أسواق المنتجات المكررة اعتباراً من 5 فبراير عندما يوقف الاتحاد الأوروبي كافة واردات الوقود المنقولة بحراً من روسيا.
موسكو ستحتاج بعد ذلك إلى وضع ما يزيد قليلاً عن مليون برميل يومياً من صادرات المنتجات البترولية في أسواق أخرى، وعلى الأرجح دول في أفريقيا وأمريكا اللاتينية التي قد يكون لديها وصول أقل إلى أسواق الشحن والتأمين مقارنة بالصين والهند.
ثمة مشاكل أخرى لم تظهر بعد، كما أن الرأي السائد يشير إلى أن سوق البترول العالمية ستستطيع التكيف مع إعادة الترتيب التكتوني لتدفقات البترول.
كانت أسعار الخام القياسية تتراجع خلال الأسابيع العديدة الماضية، حيث طغت مخاوف الطلب على مخاوف العرض، لكن لم يتضح بعد الوقت الذي ستستغرقه البنية التحتية الجديدة الداعمة لتجارة البترول الروسي في التكيف مع الوضع الجديد، كذلك العقبات الجديدة التي يمكن مواجهتها.
وهذا الأمر ينذر بقدر كبير من انعدام اليقين والتقلب في سوق البترول على مدى الأشهر المقبلة.