يبدو أن المستثمرين الأمريكيين يفقدون ثقتهم في سوقهم المالية ويضخون الأموال في البورصات الخارجية، وهي خطوة تشكل تحولاً كبيراً للأمريكيين الذين كانوا يفضلون تقليدياً على تفضيل أسهم وول ستريت وبهامش كبير.
قال تود روزنبلوث، رئيس الأبحاث في شركة الاستشارات “فيتافاي” بنيويورك، إن “المستثمرين الأمريكيين دخلوا العام الجديد بتركيز متجدد على توسيع وجودهم في الأسواق الأوروبية والآسيوية”.
أضاف روزنبلوث: “لم تتم معاقبتهم على التحيز المحلي في الأعوام الأخيرة لأن الشركات الأسرع نمواً كانت في الولايات المتحدة، لكن الثقة بدأت في التحول نحو التنويع العالمي”.
تشير بيانات معهد الشركات الاستثمارية إلى أن المستثمرين سحبوا 10 مليارات دولار من صناديق الأسهم المتداولة المدرجة في الولايات المتحدة، التي تركز على الأسهم الأمريكية، خلال يناير.
أشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إلى أن هذا كان ثاني أكبر تدفق شهري خارج من صناديق الأسهم المتداولة المحلية منذ يناير 2019 وثامن أكبر تدفق خارج في العقد الماضي.
في الوقت نفسه، ضخ المستثمرون الأمريكيون ما يصل إلى 17.8 مليار دولار في صناديق الأسهم المتداولة في الأسواق المالية الخارجية، وهو أكبر تدفق شهري خلال عام.
أظهر تحليل بيانات معهد الشركات الاستثمارية أن الفجوة بين التدفقات إلى صناديق الأسهم الأمريكية والأجنبية هي رابع أكبر فجوة في الأعوام العشرة الماضية.
كان التحول مفاجئاً أيضاً، فخلال العام الماضي، استقبلت صناديق الأسهم المتداولة في البورصة المدرجة بالولايات المتحدة 333 مليار دولار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف 101 مليار دولار اجتذبتها صناديق الأسهم المتداولة في البورصات غير الأمريكية، مع احتفاظ الصناديق الأمريكية بقيادة جيدة أخيراً في ديسمبر.
قال نيت جيراتشي، رئيس متجر الصناديق المتداولة في البورصة، إن أحد الدوافع كان “الأداء المتفوق نسبياً” للأسواق خارج الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة.
منذ بداية أكتوبر، مؤشر “إم.سي.إس.آي إي.إيه.إف.إي”، الذي يتتبع أسواق الأسهم المتقدمة خارج أمريكا الشمالية، ارتفع بنسبة 29%، كما ارتفع مؤشر “إم.سي.إس.آي” الصيني ارتفع 28.5%، ومؤشر “إم.سي.إس.آي” للأسواق الناشئة بنسبة 19.1%، متقدمة جميعها على مكاسب مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” البالغة 14.8%.
أضاف جيراتشي أنه “من الملاحظ أن هذا الأداء المتفوق الذي يتزامن مع ضعف الدولار الأمريكي يميل إلى أن يكون حافزاً رئيساً لقوة الأسهم الدولية، كما أن الأمر المواتي الآخر كان تكوين القطاعات الأساسية للأسواق الدولية، التي لم تكن مرتبطة بشركات التكنولوجيا وبدلا من ذلك كانت تفضل مجالات كالقطاع المالي”.
كذلك، قال روزنبلوث، من “فيتافاي”: “رأينا علامات القوة النسبية في البيانات الاقتصادية الصادرة من أوروبا، ورأينا الصين تبدأ في إعادة فتح أبوابها وتبنى المستثمرون الأمريكيون تنويع المحافظ، فهم كانوا يضيفون إلى استراتيجيات الأسهم الدولية، كما أنهم على استعداد لتحمل مخاطر أكبر في 2023 مما كانوا مستعدين لتحمله في 2022”.
ذكرت الصحيفة أن الشراء الأجنبي يبدو وكأنه منتشر جغرافياً، وليس مركزاً على بلد أو منطقة واحدة.
تشير البيانات الواردة من “سيتي بنك” إلى أن الأسواق الناشئة استحوذت على حصة أكبر قليلاً مما حصلت عليه الصناديق المتداولة في البورصات المتقدمة غير الأمريكية الشهر الماضي، بينما شكلت الصناديق المتداولة ذات رؤوس الأموال الكبيرة في الولايات المتحدة الجزء الأكبر من التدفقات المحلية الخارجة.
تصدر صندوق “بيتا بيلدرز” المتداول في البورصة، التابع لبنك “جيه بي مورجان”، لوحة متصدري التدفقات الصافية في يناير، باجتذابه 3.5 مليار دولار، طبقاً لبيانات من “فيتافاي” الاستشارية.
تعليقاً على الأمر، قالت إليزابيث كاشنر، مديرة تحليلات الصناديق العالمية في شركة “فاكت سيت” للبرمجيات، إن “التفسير الأكثر ترجيحاً”، سواء بالنسبة لزيادة التدفقات الأمريكية إلى أوروبا بشكل عام وصندوق “بيتا بيلدرز” بشكل خاص، هو أن فريق عمل “جيه بي مورجان” القائم على إدارة الثروات واستراتيجيي البنوك الخاصة “بدأوا في التوصية في المنطقة”.
تشير بيانات “فاكت سيت” إلى أن الحسابات الموجهة من “جيه بي مورجان” تمتلك حالياً نحو 88% من أسهم صندوق “بيتا بيلدرز”.
يعتقد البعض أن هذا الاتجاه سيستمر، فقد قال جيراتشي إن “أداء الأسهم الدولية ككل، غير الأمريكية، كان ضعيفاً إلى حد كبير في جزء كبير من العقد الماضي أو أكثر، وهناك الآن بعض التفاؤل بأن هذه الدورة قد تنتهي أخيراً وأن الأسهم الدولية قد تكون مستعدة لتقديم بعض القيمة المضافة إلى المحافظ الاستثمارية”.
أضاف جيراتشي: “أعتقد أن للتفاؤل الجديد بعض القوة الباقية، وأتوقع أن أشهد استمرارا في تسارع التدفقات الداخلة إلى صناديق الأسهم المتداولة في البورصة”.
كان روزنبلوث متفائلاً أيضاً، فقد قال، “أعتقد أنه من الممكن أن ينجح هذا، حيث تشير التوقعات إلى تباطؤ التضخم العالمي، كما أ، المستثمرين على استعداد لتحمل مزيد من المخاطر، ويتطلع المستثمرون الأمريكيون إلى خارج سوقهم المحلية”.
وأضاف: “طالما استمر أداء الصناديق جيداً، أعتقد أن هذا الاتجاه يمكن أن يستمر، ويشعر المستثمرون أنهم سيكافؤون عن التقييمات المنخفضة خارج الولايات المتحدة”.







