الحوافز وسلاسل التوريد المحفوفة بالمخاطر وسياسات بكين الصارمة تدفع الشركات للتوجه نحو واشنطن
كانت الشركات الأجنبية تفضل تصنيع منتجاتها خارج الصين على مدى أعوام وسط تدهور العلاقات بين واشنطن وبكين،
والآن، أصبحت الشركات الصينية، بدءاً من المصنعين الكبار وصولاً إلى الصغار، تجد أسباباً لإنشاء فروع لها في الولايات المتحدة.
يعمل ليو تشان، المدير التنفيذي لغرفة التجارة الصينية في الغرب الأوسط بالولايات المتحدة، على مساعدة الشركات في إنشاء أو توسيع أنشطتها التصنيعية في ولاية أوهايو.
وذكر أن لديه أكثر من 10 مشاريع في طور الإعداد، نصفها تقريبًا يُصنع قطع غيار للسيارات الكهربائية، فيما يورد البقية السلع الاستهلاكية والمنتجات الصناعية للعملاء الأمريكيين.
تابع: “بالتأكيد، ثمة زيادة حادة في الاستفسارات الجادة التي توضح الرغبة في إنشاء مصنع هنا في الولايات المتحدة، مقارنة بعام 2021، فقد استقبلنا المزيد من الوفود القادمة من الصين وأجرينا الكثير من الخدمات اللوجستية”.
يعزو تشان، هذا الارتفاع في الغالب إلى التوترات السياسية، قائلاً إن “السبب الأول هو طلب المشترين الأمريكيين نقل سلسلتهم للتوريد بعيداً عن الصين، وأنا أعتقد أن كثيرين يقولون إننا لا نستطيع تحمل سلسلة إمداد معرضة لمخاطر محتملة”.
التعاون التجاري بين البلدين
سجلت التجارة بين الولايات المتحدة والصين رقماً قياسياً قدره 690.6 مليار دولار العام الماضي، طبقاً لمكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي.
واستوردت الولايات المتحدة بشكل أساسي الهواتف الذكية وآلات المعالجة الرقمية والألعاب، فيما زادت الصين وارداتها من فول الصويا والأطعمة الأخرى عن العام السابق.
جاء ذلك رغم المحادثات المستمرة حول الانفصال عن الصين، بحسب مجلة “نيكاي آسيا” اليابانية.
كانت واشنطن تتخذ إجراءات صارمة بشكل متزايد ضد قطاع التكنولوجيا الصيني، وتضع قيوداً على الأماكن التي يمكن للشركات الصينية شراء الأراضي فيها في الولايات المتحدة، كما وضعت عمليات “تيك توك” تحت المراقبة خوفاً من تزويد بكين بأي بيانات.
في غضون ذلك، أضافت الصين شركتي الدفاع الأمريكيتين “لوكهيد مارتن” و”ريثيون ميسلز آند ديفينس” إلى “قائمة الكيانات غير الموثوقة”، رغم توسيع الإعفاءات الجمركية على مجموعة من السلع، لكن الشركات الصينية لا تزال بحاجة لأن تكون أقرب إلى عملائها.
أوضح تشان “إنه جزء من استراتيجية إعادة التوطين طويلة المدى لتكون أقرب للمستهلكين”.أشار جون لينج، العضو المنتدب لشركة “لين فيست” وسمسار مخضرم للمصانع الصينية التي تنتقل للولايات المتحدة، إلى أن الرغبة في الاقتراب من العملاء وتجنب تبادل النيران الجيوسياسية ليست العوامل الوحيدة التي تدفع المصنعين الصينيين للخروج.
وأوضح أن هناك أيضاً عدم القدرة على التنبؤ بسياسة الحكومة الصينية، مثلما حدث مع نهجها تجاه الجائحة، فبعد ثلاثة أعوام من الإغلاق والقيود الأخرى التي تركت الشركات تترنح، ألغت بكين سياساتها بشكل مفاجئ وفوضوي.
علاوة على ذلك، قال إن تكاليف التصنيع في الصين ارتفعت “بشكل هائل”، فيما ارتفع عدد القيود واللوائح التجارية أيضاً، مضيفاً أن “فرق التكلفة بين الولايات المتحدة والصين تقلص بشكل كبير”.
“الاتجاه السائد هو أن الولايات المتحدة تريد العمل مع شركاء أو دول تشعر بالراحة معها، وإذا لم تتمكن من الانضمام للبقية، فقد يتم استبعادك”، هذا ما قاله لينج أيضاً.
واشنطن تحمي صناعاتها
نفذت واشنطن أيضاً سياسات لحماية بعض الصناعات، مثل منع بعض واردات الألواح الشمسية القادمة من الصين، وهذا يعني أنه إذا لم يكن لدى الشركة مصنع في الولايات المتحدة، فلن يكون أمامها “أي فرصة لخدمة هذا السوق”، وفقاً للينج.
كذلك، تواجه صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، وهو الجزء الذي تهيمن عليه الشركات الصينية، تفكيراً مماثلاً.
في الوقت نفسه، سلط تشان الضوء على قانون المناخ والضرائب في واشنطن الذي مُرر في أغسطس الماضي لتسريع انتقال البلاد إلى الطاقة النظيفة.
من المقرر أن يحول قانون الحد من التضخم ما قيمته 369 مليار دولار إلى برامج مكافحة تغير المناخ، بما فيها الإعفاءات الضريبية والحوافز الأخرى للسيارات الكهربائية.
ومع ذلك، تقتصر الإعفاءات الضريبية للسيارات على تلك المجمعة في أمريكا الشمالية، وهذا بهدف تقليل اعتماد الولايات المتحدة على الصين، التي تنتج 75% من بطاريات السيارات الكهربائية في العالم، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
وبالنسبة للعديد من الشركات الصينية، يقول تشان إن قانون الحد من التضخم يمثل فرصة لبدء تصنيع المنتجات في الولايات المتحدة.
جدير بالذكر أن اهتمام الصين بالاستثمار في الولايات المتحدة لا يقتصر على شركات التصنيع الكبرى، وهذه الاستثمارات تشمل شراء متاجر التجزئة المحلية والمباني التجارية الصغيرة.








