رأت “ذا ديبلومات” الأمريكية، أن انضمام نيوزيلندا إلى الاتفاقية الأمنية الثلاثية بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة “أوكوس” مهم بالنسبة لويلنجتون على الصعيدين العسكري والاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بالجوانب التكنولوجية.
وأشارت “ذا ديبلومات”، إلى أن حكومة حزب العمال الحاكم في نيوزيلندا طرحت فكرة السعي إلى الانضمام إلى اتفاقية AUKUS الأمنية الثلاثية، وتحديدا من أجل الركيزة الثانية من الاتفاقية التي تتضمن مشاركة التقنيات المتقدمة؛ الأمر الذي يمكنها من الوصول إلى هذه التقنيات ومنها الذكاء الاصطناعي، فضلا عن الحوسبة الكمية، والأمن السيبراني والقدرات تحت سطح البحر والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وتبادل المعلومات، والحرب الإلكترونية.
وأضافت أن ردود الفعل في نيوزيلندا من المعلقين السياسيين والنشطاء ورؤساء الوزراء السابقين والسياسيين المعارضين على هذه الفكرة سلبية بشكل كبير.
ورأت “ذا ديبلومات”، أن هناك مجموعة من الأسباب التي تدعم انضمام نيوزيلندا إلى الركيزة الثانية من اتفاقية AUKUS، موضحة أن السبب الأول يتمثل في أهمية تأمين الوصول إلى التقنيات الناشئة المحددة في الركيزة الثانية من الاتفاقية، بالنسبة لنيوزيلندا؛ إذ سيضمن ذلك بقاء قوات الدفاع النيوزلندية (NZDF) قابلة للتشغيل المتبادل مع شركائها العسكريين الرئيسيين (أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة).
وأكدت أن هذه التقنيات ستشكل عوامل حاسمة فيما وصفته بـ”الثورة المتصاعدة في الشئون الاستراتيجية”، مشيرة إلى أن ضمان وصول نيوزيلندا لهذه التقنيات أمر ضروري؛ إذ أنه في حالة نشوب صراع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ستكون هناك منافسة ضعيفة بين جيوش التكنولوجيا الفائقة المستقبلية وتلك التي تعتمد على الأنظمة القديمة.
وأضافت أنه بدون الانضمام إلى الركيزة الثانية، ستنهار العلاقات الاستراتيجية والأمنية والاستخباراتية الأوسع لنيوزيلندا مع دول اتفاقية (أوكوس)، إذ أن الافتقار إلى قابلية التشغيل البيني بالنسبة لنيوزيلندا مع حلفائها يعني أن العقيدة العسكرية النيوزيلندية ستخرج عن مسارها، إذ لن تتمكن من مواكبة التطورات الميدانية أو التواصل باستخدام قنوات الاتصال التي يستخدمها حلفائها، كما لن تكون إسهاماتها مؤثرة بل ستتحول إلى عائق، كما ستكون قدرات الوكالات العسكرية والدعم على الاستجابة لحالات الطوارئ الإقليمية والمحلية أقل من المستوى الأمثل.
وأشارت إلى أن الدبلوماسيين ووكالات الاستخبارات النيوزيلندية، التي تعد جزءا من مجموعة “العيون الخمس” لمشاركة المعلومات الاستخباراتية (التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا)، لن تتمكن من الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية ومشاركتها من خلال آليات المجموعة؛ مما قد يؤدي إلى خروجها منها.
أما عن السبب الثاني، فأوضحت “ذا ديبلومات” أن بعض التقنيات، مثل الذكاء الاصطناعي، أصبحت مكونات أساسية للاقتصادات والصناعة الحديثة، وستزداد أهميتها في السنوات القادمة، مشيرة إلى أن جميع الدول الكبرى لديها استراتيجيات خاصة بها تتعلق بالذكاء الاصطناعي، كما تنفق القوى الكبرى في العالم المليارات في سباق نحو القيادة في هذا المجال.
ورأت أن عدم انضمام نيوزيلندا للركيزة الثانية من اتفاقية (AUKUS)، سوف تقلل من قدرة البلاد على الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة؛ مما قد يؤدي إلى تدهور الاقتصاد ومستويات المعيشة في البلاد مقارنة بأقرانها إذا لم تسعى جاهدة لمواكبة ذلك.
وأوضحت أن السبب الثالث الذي يدعم انضمام نيوزيلندا إلى اتفاقية “أوكوس” هو أن الأخيرة تمثل بوليصة تأمين: فهي تضمن وصول التكنولوجيا الفائقة لنيوزيلندا في بيئة عالمية لا يمكن التنبؤ بها بشكل متزايد، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة نجحت في تشجيع حلفائها على رفض شبكات الجيل الخامس الصينية، ثم قامت، إلى جانب اليابان وهولندا ، بوقف صادرات أشباه الموصلات الأكثر تطورا إلى بكين.
وبحسب “ذا ديبلومات”، فإنه من المرجح أن تضع شبكات الجيل الخامس من جانب الصين أو المدعومة من الولايات المتحدة الأساس (القواعد والمعايير والقوانين) لكيفية تفاعل البلدان مع التكنولوجيا والبيانات خلال هذا القرن، مضيفة “لن تشعر الصين بالقلق إذا استخدمتها الدول للمراقبة والقمع، بينما ستشجع الولايات المتحدة التكنولوجيا على استخدامها بطريقة أكثر شفافية وشمولية. وفي الوقت نفسه ، فإن الوصول إلى النظم البيئية التكنولوجية في الولايات المتحدة أو الصين سيخلق تبعية للمسار التكنولوجي؛ مما يمنح واشنطن وبكين تأثيرا هائلا لعرقلة أو تقديم التقنيات والبيانات والتحديثات الهامة”.
وشددت “ذا ديبلومات” أن مجالات التأثير التكنولوجي الجيوسياسي المتمركزة في الولايات المتحدة والصين سترسم خريطة لتلك الأجزاء من العالم التي تتبنى إمداداتها التكنولوجية، مضيفة أن التقنيات العالية أصبحت أكثر أهمية للأمن الدولي وعاملا رئيسيا في المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين، مشيرة إلى أن الانضمام إلى اتفاقية “أوكوس” يمثل فرصة لتأمين الوصول إلى التقنيات العالية.
ووفقا لـ”ذا ديبلومات” يتمثل السبب الرابع في أن الانضمام إلى AUKUS سيمكن من قياس مكانة نيوزيلندا في المنافسة القوية بين الولايات المتحدة والصين، وإلى أي جانب سوف تقف ويلينجتون.
وأشارت إلى أن هذه المنافسة تضع تحالفًا تقوده الولايات المتحدة، ويضم حلف شمال الأطلسي وحلفاء واشنطن الآسيويين وأستراليا، من جهة، في مواجهة تحالف بين الصين وروسيا وإيران من جهة أخرى.
أ ش أ