صناعات الخدمات غير المتعلقة بالإنترنت تشهد انتعاشاً سريعاً
إجمالى مبيعات التجزئة ينمو 9.3% خلال 5 أشهر
%22.6 ارتفاعاً فى مبيعات الأطعمة والمشروبات مايو الماضى
رغم أن البيانات الأخيرة الصادرة عن قطاعى العقارات والتصدير فى الصين، لم ترق إلى مستوى التوقعات، يجب ألا نغفل عن الصورة الأكبر والتى تدور حول أن استراتيجية الإنعاش الاقتصادى لثانى أكبر اقتصاد فى العالم تشمل أكثر من هذه الركائز التقليدية.
كان 2022 عاماً استثنائياً بالنسبة للاقتصاد الصينى، إذ شهدت المقاطعات ذات النمو المرتفع تقليدياً، انكماشاً غير متوقع بسبب عمليات الإغلاق الصارمة للتصدى لكوفيد- 19، ورغم أن الحكومة حددت هدف نمو اقتصادياً سنوياً يبلغ 5.5%، فإن نمو الناتج المحلى الإجمالى الفعلى بالكاد وصل إلى 3%.وسجلت المقاطعات، بما فيها تشجيانغ وقوانغدونغ وشنغهاى وهاينان وبكين، التى تقود الطريق عادةً نحو الأداء الرائع، معدلات نمو للناتج المحلى الإجمالى نسبتها 3.1% و1.9% و-0.2% و0.2% و0.7% على التوالى.
يصادف هذا العام بداية إعادة فتح البلاد بعد الجائحة، وينصب تركيز الحكومة الرئيسى على تعزيز الاستهلاك، حسبما نقلت مجلة «نيكاى آسيان ريفيو» اليابانية.
وأشار مؤتمر العمل الاقتصادى المركزى فى ديسمبر الماضى، إلى أن «التعافى والتوسع فى الاستهلاك يجب أن يعطى الأولوية» واقترح مخططاً استراتيجياً للتخطيط لتوسيع الطلب المحلى حتى 2035.
تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى أن السوق الاستهلاكى فى الصين بدأ فى التعافى من تأثير الوباء، كما شهدت صناعات الخدمات غير المتعلقة بالإنترنت مثل السياحة المحلية التى تأثرت بشدة من كورونا، انتعاشاً سريعًا.
نما إجمالى مبيعات التجزئة للأشهر الخمسة الأولى من العام بنسبة 9.3% عن العام السابق عند 18.76 تريليون يوان «أى ما يعادل 2.6 تريليون دولار»، وفى الآونة الأخيرة توسع بمعدل مزدوج الرقم، كما ارتفعت مبيعات الأطعمة والمشروبات بنسبة 22.6% خلال مايو.
واستجابة لهذه العلامات المشجعة، تطلق مناطق مختلفة من البلاد عروضاً ترويجية جديدة لتحفيز النشاط بشكل أكبر.
بعد ارتفاع إجمالى مبيعات السيارات بنسبة 8.9% فى الأشهر الخمسة الأولى، قالت الصين فى يونيو إنها ستمدد الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية وغيرها من السيارات صديقة البيئة حتى نهاية 2027.
كذلك، تهتم الحكومة بشكل خاص بتعزيز مبيعات السلع المعمرة كجزء من جهودها لتحفيز الاستهلاك وتحفيز إنتاج المصانع وسط وعى المسئولين بالسلسلة الصناعية بضرورة المشاركة فى إنتاج السيارات والأجهزة، فقد شكلت هاتان الجزئيتان أقل بقليل من ثلث إجمالى مبيعات التجزئة العام الماضى.
لا تزال أسس انتعاش الاستهلاك هذا العام قوية، فقد شكل الاستهلاك 32.8% من النمو الاقتصادى خلال العام الماضي، وهو أقل بكثير مما كان عليه فى الأعوام الأخيرة، عندما كان مسئولاً عن غالبية النمو.
فى الوقت نفسه، ارتفعت المدخرات المصرفية للأسر إلى 17.84 تريليون يوان العام الماضى، بزيادة 80% على 2021، حسب بيانات بنك الشعب الصينى، وكان الرقم يعادل أكثر من ثلث إجمالى دخل الأسرة.
يذكر أن الأسر كانت تدخر حوالى خمس دخلها قبل الوباء.
من الواضح أن العقبة الرئيسية أمام الاقتصاد الصينى تكمن فى تراجع الإنتاج الصناعي، إذ انخفضت الأرباح الصناعية بنسبة 18.8% فى الأشهر الخمسة الأولى من العام من مستويات 2022، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى أعباء الامتثال المرتفعة والتباطؤ العالمى فى التصنيع الناجم عن ضعف الطلب وارتفاع التضخم.
فى ظل هذا السياق، ضرورى أن يحتل الاستثمار فى البنية التحتية مركز الصدارة فى استراتيجية الإنعاش الاقتصادى للصين لعام 2023.
ويُتوقع أن يستمر هذا الجهد فى إعطاء الأولوية للتحول الصناعى والارتقاء به، وتحديداً داخل التصنيع، وأيضاً للتركيز على دفع عجلة التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.
تدرك الصين الدروس المستفادة من تحفيز الاستثمار فى البنية التحتية خلال الأزمة المالية العالمية، والتى أدت إلى ظهور فقاعات كبيرة فى سوق العقارات.
من جهة، هناك دفعة قوية لتعزيز البنية التحتية التقليدية، مثل السكك الحديدية عالية السرعة والطرق السريعة والمطارات ومزارع الرياح ومبادرات الحفاظ على المياه.ومع ذلك، فإن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد على قيام الحكومة المركزية باستجابة عاجلة وفعالة لمشكلة ديون الحكومة المحلية القائمة.
لقد اقترح بعض الاقتصاديين الصينيين أن بكين يمكن أن تصدر سندات وطنية خاصة لدعم هذا الدين، وتخفيف عبء التمويل عن الحكومات المحلية وتسهيل التنفيذ السلس لمشاريع البنية التحتية الجديدة.
فى الوقت نفسه، تتزايد وتيرة الاستثمار فى البنية التحتية الجديدة، بما فيها محطات الجيل الخامس الأساسية ومراكز البيانات، كما حفزت هذه الاستثمارات الاستراتيجية مشاركة القطاع الخاص فى تقنيات الطاقة الرقمية والنظيفة مثل تخزين البطاريات.
فى حين أن 2022 كان بالفعل عاماً يتميز بالاضطرابات الاقتصادية، فإنه لن يكون مقياساً للانتعاش الاقتصادى هذا العام بناءً على أداء قطاعى العقارات والتصدير فقط.
يوضح عزم الصين على الاستفادة من مجموعة متنوعة من القطاعات من أجل انتعاشها الاقتصادي، أن براعتها الاقتصادية أكثر مما تراه العين.








