الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية يحفز الشركات الناشئة “ذات التكنولوجيا الصعبة” في بنغالورو
تعتبر منطقة بينيا الصناعية القاتمة في بنغالورو، عالما يقع بعيدًا عن الحدائق الخضراء وأبراج المكاتب اللامعة في المدينة التي أصبحت وجه الهند الرقمية وعاصمة البرمجيات في آسيا.
ومع ذلك، تشهد المصانع الصغيرة بالمنطقة تحولا نموذجيا من ِشأنه أن يحول على الأرجح ما يُعد الآن أكثر دول العالم اكتظاظًا بالسكان.
قال كوشيك موددا، الشريك المؤسس لشركة “إثيريل ماشينز”، إن “الخطوة التالية في التكنولوجيا لا تتعلق بالبرمجيات غير الملموسة فقط، بل بالتكنولوجيا الصعبة، فنحن نصمم الأجهزة والآلات، ونحن جيدون مثل ألمانيا واليابان”.
قدم رئيس الوزراء ناريندرا مودي حملة “صُنع في الهند” في 2014، ولكن الآن فقط، مع تكثيف نيودلهي للإنفاق على كل من الدفاع المحلي والبنية التحتية، يتحقق الوعد بالتصنيع والتكنولوجيا الصلبة لأول مرة وعلى نطاق واسع.
بالإضافة إلى ذلك، أدى الانفصال الغربي عن الصين إلى خلق فرصة هائلة لشبه القارة الهندية لتصبح ورشة عمل بديلة بشكل جيد لآسيا.
واليوم، تُبني الشركات الخاصة الغامضة مثل “إثيريل” على مهارات الهندسة وتصنيع المعادن لشركات عامة معروفة مثل “بارات فورج” و”هندوستان للملاحة الجوية” التي تلبي احتياجات العملاء المدنيين والعسكريين.
إنها علامة صغيرة لكنها حيوية على طموح الهند المتزايد للعب دور أكبر على المسرح العالمي كقوة عظمى، فإذا تحقق هذا الطموح، فستتمكن الهند أخيرًا من الوفاء بوعدها بحياة أفضل لسكانها الشباب، فضلاً عن تحسين أداء الاقتصاد الكلي وتوفير فرص استثمارية جديدة للمستثمرين.
لطالما كان التصنيع هو طريق التنقل الصعودي للشباب غير المهرة نسبيًا، أولاً في الغرب ثم في دول شرق آسيا، وعلى وجه الخصوص اليابان وكوريا الجنوبية وأخيراً الصين، لكن الهند لم تخلق قط وظائف جيدة بما يكفي لتمكين شبابها من الارتقاء في منحنى القيمة المضافة، حسب مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
يعمل 12% فقط من العمال الهنود في التصنيع الآن، وفقًا لسميران تشاكرابورتي، كبير الاقتصاديين الهنديين في “سيتي جروب”.
لكن المشكلة أوسع من ذلك بكثير، ففي الواقع، منذ مطلع القرن، خلقت الهند 6.6 مليون وظيفة فقط في العام، وهذا ما يزيد قليلاً عن نصف ما هو مطلوب لرفع معدل المشاركة في القوى العاملة من مستواه المنخفض الحالي البالغ 41%.
قال تشاكرابورتي إنه بين حقيقة أن ثلثي الوظائف ريفية وأن 22% فقط من العمال هم من أصحاب الأجور الرسمية، فلا غرابة أن يكون نمو الدخل مخيبا للآمال، خاصة بالمقارنة مع الصين.
أشار الخبير الاقتصادي في “سيتي جروب” في تقرير حديث إلى أن “ازدهار الطبقة الوسطى لم يتماشى مع التوقعات، وربما أدت ندوب الوباء إلى اتساع التفاوت في الدخل، ولكي تصبح دولة غنية قبل أن تتقدم في السن، يجب أن تطمح الهند لتحقيق نمو أعلى من 10% إلى 11%.. وبهذا المعدل، فإن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بعد 10 أعوام سيظل أقل من نصف المستوى الحالي للصين”.
وذكرت المجلة أن إمكانية خلق فرص عمل تتيح إمكانية نمو الدخل الحقيقي وتقليل الحاجة إلى استيراد معدات باهظة الثمن من الخارج ليست بالأمر الهين.
والآن، ينفجر أصحاب المصانع الصغيرة في بينيا بثقة مع تضخم سجلات طلباتهم، مما يعكس زيادة في الطلب من مجموعة متنوعة من مقاولي الدفاع وبناة البنية التحتية وموردي المعامل وموردي معدات المترو والسكك الحديدية.
تقوم “إثيريل”، التي تلقت مؤخرًا رأس مال من “بيك إكس في بارتنرز” الفرع الهندي السابق لشركة “سيكويا كابيتال”، بتصميم وإنتاج الآلات التي ستنتج كل شيء من إطارات النوافذ لمترو لكناو إلى ضواغط شركة “داسو أفييشن” الفرنسية لصناعة الأسلحة،التي تحتاج إلى مصدر محلياً للمعدات للامتثال لقواعد المشتريات في نيودلهي.
يذكر أن آلات التحكم العددي الحاسوبية الخاصة بـ “إثيريل” يتم تسعيرها بنحو نصف مستوى المنافسين الأوروبيين والآسيويين.
تأتي شركة “نيبو روبوتكس”، التي تبني روبوتات صغيرة تلجأ لمساعدة الذكاء الاصطناعي للقيام بكل شيء، ضمن عملاء كل من “إثيريل” و”سيدهي فيناياكا”.
وعندما أصبح من الصعب استيراد الطائرات دون طيار من الصين ثم حتى الأجزاء الأساسية مثل المقاومات والمكثفات، أصيب المؤسس جاي سيمها راو باليأس، حتى اكتشف بينيا.
ربما لا يكون هناك نطاق كبير اليوم، ولكن كما يمكن أن يقال في المراكز الصينية المنافسة، تبدأ الرحلة بخطوة واحدة.
