الشركات الرقمية الأمريكية العملاقة تواجه عقبات كبيرة
هل يمكن لأي شيء أن يوقف عمالقة التكنولوجيا؟
عادت الشركات الرقمية الأمريكية العملاقة، إلى وضعها الطبيعي من جديد بعد اضطراب ساد نتيجة إغلاق البلاد في 2022، إذ أعلنت “ألفابت” و”ميتا” و”مايكروسوفت” مؤخرًا تسجيل نتائج أرباح قوية في الربع الثاني.
حصدت الشركات الثلاث أرباحًا تشغيلية تقدر بـ106 مليارات دولار بين شهري يناير ويونيو، بزيادة قدرها 9 مليارات دولار عن الفترة نفسها من العام الماضي.
تجاهلت الأسواق الجهود المبذولة لكبح جماح عمالقة التكنولوجيا، مثل قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة للأسواق الرقمية.
علاوة على ذلك، يتوقع المستثمرون أن يتمكن عمالقة التكنولوجيا من حصد غنائم الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال رؤاهم التكنولوجية العميقة وحتى أموالهم الكثيرة.
بلغت أسعار أسهم كل من “ألفابت” و”أمازون” و”ميتا” أعلى مستوياتها في 2021، كما ارتفعت أسعار أسهم “مايكروسوفت” و”أبل”- اللتان أعلنتا، بجانب “أمازون” عن أرباحهما الفصلية الأخيرة في 3 أغسطس- أكثر من أي وقت مضى.
ذكرت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية أن الحد الأساسي لنمو شركات التكنولوجيا العملاقة هو ضخامة نفسها، فهذا سيشكل تحديًا حقيقيًا لعمالقة التكنولوجيا في الأعوام المقبلة.
تتجاوز نتائج “ألفابت” و “أمازون” و “أبل” و “ميتا” و “مايكروسوفت” نتائج الشركات الأمريكية الأخرى، إذ تهيمن الشركات الخمس على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، فهي تمثل مجتمعة 9% من مبيعاتها، و 16% من صافي أرباحها، و 22% من قيمتها السوقية.
العام الماضي، شكل الإنفاق الرأسمالي للشركات الخمس البالغ 360 مليار دولار، أكثر من عُشر الاستثمار التجاري الأمريكي.
لكن نموها المستدام هو ما يجعلها فريدة من نوعها في تاريخ الرأسمالية.
وعندما كانت “إكسون موبيل” و”جنرال إلكتريك” تُعرف بكونها عمالقة الشركات الأمريكية في عقدي 1990 و2000، كانت عائداتها ترتفع بمعدل سنوي متوسط يتراوح بين 5% و 6% وأرباحهما الصافية بين 5% و 10% أو نحو ذلك.
كما نما عمالقة التكنولوجيا بنسبة 16% و13% على التوالي لمدة عقد أو أكثر.
تحتاج “ألفابت” إلى تعزيز استثمارتها بمقدار 86 مليار دولار في 2024 حتى تُحافظ على متوسط نمو مبيعاتها بنسبة 28% على المدى الطويل، وهذه القيمة تزيد عما تحتاجه أي من الشركات الصغيرة البالغ عددها 461 المدرجة ضمن مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” والتي أنشئت العام الماضي، بجانب 111 مليار دولار أخرى في 2025 تقريبًا، بعد عام مرهق.
وحتى تُحافظ على نمو الأرباح بمعدلات تاريخية، يجب أن تجني “أبل” و “ألفابت” 25 مليار دولار إضافية العام المقبل، أو نحو صافي دخل “ميتا”.
من المؤكد أن الحفاظ على هذه المتوسطات على المدى الطويل يتطلب الكثير، ففي الواقع كان النمو بالفعل أقل حدة مؤخرًا، لكن من غير المرجح أن يقبل رؤساء الشركات والمستثمرون بالتباطؤ.
إذا كان الأمر كذلك، فإنهم سيحتاجون إلى التركيز على ثلاث طرق رئيسة يتعين على الشركات إتباعها للنمو، لكن هل يمكن أن يجدي هذا الأمر نفعًا مع عمالقة التكنولوجيا؟
الطريقة الأولى للنمو تتمثل في السعي لتحقيق الأرباح وتقليص حجمها،إذ يعد خفض التكاليف وتقليص حجم المشروعات والتخلص من الوحدات غير الأساسية بمثابة استراتيجية التحول نحو الأعمال التجارية التقليدية التي تسعى إلى تخفيف هوامشها.
ربما يكون عمالقة التكنولوجيا غير تقليديين كما هي، لكنها أيضًا ترى الحاجة إلى نظام خفض.
فشركة “أبل” الوحيدة من بين الشركات الخمس العملاقة التي لم تعلن عن تسريح العمال خلال العام الحالي، فيما سرح البقية أكثر من 70 ألف عامل.
ومع ذلك، فقد أجل صانع “أيفون” إطلاق بعض الأجهزة الجديدة، وتخلت “أمازون” عن بعض المتاجر.
الطريقة الثانية هي عمل الشركات بشكل كامل في أعمالها الأساسية، فعلى سبيل المثال استحوذ محرك بحث الذكاء الاصطناعي المعزز “بينج” التابع لـ”مايكروسوفت” على اهتمام كبير في بداية العام الحالي باعتباره قاضيًا محتملاً لـ”جوجل”.
أما استراتيجية النمو الأكثر طموحًا فهي البحث عن أسواق جديدة، خصوصا أن كافة الشركات الخمس تتعدى على أراضي بعضها البعض، لتتضاعف حصتها من المبيعات في المناطق المتداخلة منذ 2015 لتصل إلى 40%.
يذكر أيضًا أن “ألفابت” تتقدم على “أمازون” و “مايكروسوفت” في الحوسبة السحابية، فيما تحاول “أمازون” و “مايكروسوفت” العمل في مجال الإعلان.
وفي يونيو، كشفت “أبل” النقاب عن سماعة رأس للواقع الافتراضي لتنافس بذلك “ميتا”، التي كانت تمتلك هذا السوق في الغالب لنفسها حتى الآن.
تعمل الشركات الخمس أيضًا على تحديد حجم آخر الأسواق غير المضطربة، بما فيها التمويل والرعاية الصحية والمشتريات العامة، والتي تعد كبيرة بما يكفي لإحداث فرق ملحوظ في عائداتها الضخمة، أو ربما يحاولون شراء النمو، وهذا يمكن ملاحظته من خلال استحواذ “مايكروسوفت” على “أكتيفجن بليزارد” مقابل 69 مليار دولار والذي سيسهم بدوره في تحقيق مبيعات سنوية تقدر بنحو 8 مليارات دولار.
لا شيء من هذه الطرق مضمون، خصوصا أن الأسواق الرئيسة لعمالقة التكنولوجيا لم تعد تحقق نموًا موثوقًا بنسبة 20% أو أكثر، كما أن المنافسة تحقق إيرادات جديدة لكنها تضغط أيضًا على هوامش الربح.
وغالبًا ما تكون الأسواق غير المضطربة غير مضطربة لسبب وجيه، فهي تخضع للتنظيم والسيطرة من قبل جهات متعددة بدءًا من بنوك وول ستريت إلى مقاولي البنتاجون.
ولا يمكن حتى لعمالقة التكنولوجيا الأغنياء بالسيولة النقدية ، التفاخر بمبلغ 69 مليار دولار مقابل بضعة مليارات إضافية من الإيرادات لفترة طويلة.








