استقبلت كوريا الجنوبية، وهى دولة لديها قوانين هجرة صارمة، عمال أجانب مؤقتين منذ التسعينيات لمعالجة نقص الأيدى الماهرة فى المجالات التى تتطلب ساعات عمل مرهقة وأجور منخفضة، خاصة التصنيع والزراعة، لكن حكومة كوريا الجنوبية تعمل الآن على جعل العمال جزءًا أكبر من رؤيتها لاقتصاد البلاد.
وتتحرك إدارة الرئيس الكورى الجنوبى يون سوك يول نحو زيادة كبيرة فى عدد العمال الأجانب الوافدين ومجموعة الوظائف التى يمكنهم القيام بها، حيث تتطلع البلاد إلى معالجة نقص العمالة وتعزيز النمو الاقتصادى، حسب ما نقلته مجلة “نيكاى آسيان ريفيو” اليابانية.
ورفعت كوريا الجنوبية خلال العام الجارى الحد الأقصى لعدد التأشيرات المتاحة للعمال المهاجرين من الخارج إلى 110 آلاف، علمًا بأن الإجمالى بلغ 88 ألف فى العام السابق، وهو أيضًا أعلى مستوى على الإطلاق، بزيادة كبيرة عن عدد ما قبل وباء كورونا البالغ 51 ألف فى 2019.
ومثلها كمثل جارتها اليابان التى تعانى من شيخوخة السكان السريعة، والتى تتجه بشكل متزايد نحو العمال الأجانب، فإن كوريا الجنوبية لديها واحدا من أدنى معدلات المواليد فى العالم، ويسعى صُناع السياسات إلى إيجاد سبل لمعالجة نقص العمال.
لكن فى وقت بذلت فيه اليابان جهودا علنية لجذب العمالة الماهرة إلى قطاعات مثل قطع غيار الآلات والأدوات، فإن العمال الأجانب فى كوريا الجنوبية يؤدون بأغلبية ساحقة مهام لا تتطلب مهارة تذكر فى المصانع والمزارع ومصائد الأسماك.
هناك علامات قد تكون على وشك التغيير، فقد دعا أصحاب الأعمال الحكومة إلى تعديل القوانين لتسهيل حصول الأجانب على وظائف فى المزيد من القطاعات التى تواجه صعوبات فى تعيين الموظفين، مثل المطاعم وأماكن الإقامة وخدمات البريد السريع.
وأشارت صحيفة “مايل بيزنس” إلى الأمر ذاته، قائلة إن الحكومة لابد وأن “تخفف القيود التنظيمية فى الصناعات التى تفتقر إلى العمال، استناداً إلى متطلبات كل قطاع”.
ولقد أثارت إحدى الخطوات تدقيقًا خاصًا، فقد أعلنت حكومة سيول عن خطط لتمهيد الطريق أمام كوريا الجنوبية لجلب عاملات المنازل من أماكن أخرى فى آسيا، اللاتى سيعملن بأجور أقل من تلك التى يحصل عليها السكان.
وفى الاقتصادات الآسيوية المتقدمة مثل هونج كونج وسنغافورة، عملت عاملات المنازل القادمات من الدول الفقيرة لفترة طويلة كخادمات ومربيات للأطفال، لكن كوريا الجنوبية لم تحذو حذوها حتى الآن، مما ترك الأسر تعتمد إما على أقاربها أو على الرعاية الخاصة باهظة الثمن.
وقال أوه كى تايك، مدير مركز الأجور والابتكار الوظيفى فى معهد العمل الكورى، إن “هناك مناطق لا يرغب العمال فى العمل فيها لأن وظائفها منخفضة الأجر أو صعبة للغاية، وفى تلك المناطق يكون من المنطقى الاستعانة بعمال أجانب، لكن الشركات أحياناً ما ترغب فى توظيف عمال أجانب لأنها تستطيع أن تدفع لهم أجرا أقل مقابل نفس الوظيفة، وهذا قد يثير المشاكل”.
هناك أيضًا تساؤلات حول مدى استعداد كوريا الجنوبية لاستيعاب أعداد أكبر من الغرباء الذين لا يعرفون طبيعة الأرض ويفتقرون إلى الطلاقة فى اللغة.
وتتصدر حالات العمال الذين يعانون من ظروف عمل دون المستوى المطلوب وسوء المعاملة عناوين الأخبار بشكل دورى، كما أن التقارير لاتزال تفيد بوفاة المهاجرين أو إصابتهم فى حوادث بمكان العمل.