الهند واليابان وكوريا الجنوبية بحاجة للتعاون وحماية الشحن
تعتبر الحرب الناشبة بين إسرائيل وحماس تذكيرًا باعتماد الاقتصادات الآسيوية المستمر على واردات الطاقة من الشرق الأوسط.
في عام 2018، كان 76% من البترول الخام الذي يمر عبر مضيق هرمز بين إيران وعمان يتجه إلى آسيا.
ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية، رفعت كوريا الجنوبية واليابان بشكل كبير مستوى اعتمادهما على بترول الشرق الأوسط وسط دعوات الغرب لتجنب الإمدادات الروسية.
وعلى النقيض من ذلك، كانت الهند تشتري مزيدًا من البترول الروسي، لكن هذه الإمدادات كانت تمر أيضًا عبر الشرق الأوسط.
وفي الوقت نفسه، تظل قناة السويس البوابة الأكثر أهمية لصادرات آسيا إلى أوروبا.
هذه الحقائق تعمل على تحويل القوى الآسيوية إلى أصحاب المصلحة في أمن الشرق الأوسط والجغرافيا السياسية، مما يثير بدوره تساؤلات حول كيفية استخدام آليات الأمن البحري لحماية مصالح الطاقة في المنطقة، حسب ما نقلته مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
منذ عام 2019، جلبت عملية سانكالب ، سفن البحرية الهندية إلى الخليج العربي وخليج عمان لتوفير الحماية للسفن التي ترفع علم الهند، خصوصا ناقلات البترول.
وزار قائد البحرية الهندية ومستشار الأمن القومي ميناء الدقم العماني في الأشهر الأخيرة، كما مُنحت البحرية حق الوصول إلى الميناء لأغراض تشمل الصيانة والإصلاح، وقد أنشأت مؤخرًا قاعدة دعم بحري هناك.
في الوقت نفسه، تواصل قوات الدفاع الذاتي اليابانية العمل في المنطقة من قاعدة في جيبوتي، والتي أنشأت في الأصل في 2010 كأول موقع عسكري في الخارج للمساعدة في الجهود العالمية لمكافحة القرصنة قبالة الصومال.
وفي 2020، أطلقت اليابان مهمة عسكرية لجمع المعلومات في المنطقة بعد سلسلة من الهجمات على السفن التجارية.
سلطت التجارب الأخيرة الضوء على المخاطر الجيواقتصادية النامية في المنطقة بالنسبة لكوريا الجنوبية، فقد استولى الحوثيين في 2019 على سفينتين كوريتين جنوبيتين تعملان في البحر الأحمر من اليمن، ثم أطلق سراحهما بعد أن أرسلت سيول مدمرة بالقرب من خليج عدن للقيام بدوريات لمكافحة القرصنة.
وبعد ذلك بعامين، استولت إيران على ناقلة بترول كورية جنوبية في الخليج العربي بسبب ما قالت طهران إنها مخاوف بيئية.
ومع ذلك، كان يُنظر إلى هذه الخطوة بشكل كبير باعتبارها تكتيكا للضغط من أجل الإفراج عن مدفوعات البترول المقومة بمليارات الدولارات المجمدة في البنوك الكورية الجنوبية بسبب العقوبات الأمريكية.
وردت كوريا الجنوبية مرة أخرى بإرسال مدمرة بحرية إلى المنطقة، وبالإفراج عن مليار دولار لصالح إيران.
وقبل 8 أعوام، استولت إيران بالمثل على ناقلة ترفع علم الهند بسبب مخاوف بيئية مزعومة في وقت جُمدت فيه مدفوعات بمليارات الدولارات.
ومن وجهة نظر جيوسياسية، ليس هناك لحظة أفضل لدول مثل الهند واليابان وكوريا الجنوبية للتعاون بشكل وثيق في مجال الأمن البحري في الشرق الأوسط، والذين عملوا على الأرجح مع الصين في الماضي أيضًا.
وفي الواقع، في 2012، انضمت كوريا الجنوبية إلى تجمع عُقد مسبقًا مع الصين والهند واليابان لتنسيق عمليات مكافحة القرصنة حول خليج عدن، ومنذئذ تغير الكثير في عالم الجغرافيا السياسية الآسيوية.
وفي مارس، انضمت الدول الثلاث إلى الولايات المتحدة وكندا لإجراء تدريبات حربية مضادة للغواصات قبالة جزيرة غوام.
وفي 2022، انضمت نيودلهي إلى القوات البحرية المشتركة، وهي شراكة بحرية مقرها البحرين تضم عشرات الدول بقيادة الولايات المتحدة، وكانت اليابان وكوريا الجنوبية أعضاء بالفعل، وكذلك ماليزيا وأستراليا ونيوزيلندا وباكستان والفلبين وسنغافورة وتايلاند.
فيما يتعلق بالتعاون الثلاثي مع اليابان وكوريا الجنوبية، فقد يكون من المنطقي بالنسبة للهند تولي زمام المبادرة في وضع مخطط للتعاون، وبالتالي قد تكون الخطوة الأولى لفعل ذلك هي إجراء دوريات مشتركة في الخليج العربي لحماية أمن الطاقة، حيث تدور الفكرة حول قيام السفن البحرية لكل دولة معنية بحماية عمليات الشحن الخاصة بالشريكين الآخرين.
ويمكن للهند أيضًا أن تنظم حوارا بين سيول وطوكيو والشركاء الإقليميين الحاليين مثل عمان، وهذا قد يسمح لهم باستخدام متزامن لميناء الدقم كقاعدة للتعاون التكتيكي الثلاثي.
يتركز جزء كبير من خطاب أمن الطاقة اليوم على التحول بعيدًا عن البترول وغيره من المواد الهيدروكربونية والتوجه نحو أشكال الطاقة الخضراء والمستدامة، لكن فترة هذا التحول ستكون طويلة ومحفوفة بالمخاطر.
وفي غضون ذلك، ستشكل الإمدادات الآمنة من البترول والغاز أهمية بالغة بالنسبة للاقتصادات الآسيوية مثل الهند واليابان وكوريا الجنوبية، وبالتالي سيرون على نحو متزايد الحاجة إلى تولي زمام الأمور بأيديهم لتأمين شرايينهم الاقتصادية الحيوية عبر الشرق الأوسط.








