تتسابق شركات أشباه الموصلات الرائدة في العالم، لتصنيع ما يسمى برقائق المعالجات “2 نانومتر” التي ستشغل الجيل المقبل من الهواتف الذكية ومراكز البيانات والذكاء الاصطناعي.
لا تزال شركة “تايوان لتصنيع أشباه الموصلات”، الشركة المفضلة لدى المحللين خصوصا أنها تحافظ على تفوقها العالمي في هذا القطاع .. لكن “سامسونج إلكترونيكس” و “إنتل” اعتبرتا القفزة التالية في الصناعة بمثابة فرصة لسد الفجوة.
طوال عقود، سعت شركات صناعة الرقائق إلى صنع منتجات أصغر حجمًا من أي وقت مضى؛ فكلما كانت الترانزستورات أصغر حجمًا في الرقاقة، انخفض استهلاك الطاقة وارتفعت سرعتها.
وأصبحت مصطلحات مثل “2 نانومتر” و”3 نانومتر” تستخدم اليوم على نطاق واسع كاختصار لكل جيل جديد من الرقائق، بدلاً من الأبعاد الفعلية لأشباه الموصلات.
أفادت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن أي شركة تفتح المجال لريادة تكنولوجية في الجيل المقبل من أشباه الموصلات المتقدمة، سيكون وضعها جيدا للسيطرة على الصناعة التي تجاوزت مبيعات الرقائق العالمية فيها 500 مليار دولار العام الماضي.
ويُتوقع نمو تلك المبيعات أكثر بسبب زيادة الطلب على الرقائق المخصصة لمراكز البيانات التي تشغل خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
أظهرت شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات”، التي تهيمن على السوق العالمية للمعالجات، بالفعل نتائج اختبار العملية لنماذجها الأولية “2 نانومتر” لبعض أكبر عملائها، ومنها “أبل” و “إنفيديا”، وفقًا لشخصين مطلعين على الأمر.
لكن اثنان من المقربين لـ”سامسونج” قالا إن “شركة صناعة الرقائق الكورية تقدم إصدارات مخفضة السعر من أحدث نماذجها الأولية من رقائق (2 نانومتر) لجذب اهتمام العملاء ذوي الأسماء الكبيرة ومنهم إنفيديا “.
عن ذلك، قال جيمس ليم، المحلل في صندوق التحوط الأمريكي “دالتون إنفستمنتس”، إن “سامسونج ترى أن رقائق (2 نانومتر) ستغير قواعد اللعبة، لكن الناس ما زالوا يشككون في قدرتها على التحول بين أجيال الرقائق بشكل أفضل من شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات”.
كذلك، قدمت شركة “إنتل”، رائدة السوق سابقًا، إدعاءات جريئة بشأن إنتاج الجيل التالي من الرقائق بحلول نهاية العام المقبل، وهذا قد يعيدها إلى التفوق على منافسيها الآسيويين، رغم استمرار الشكوك حول أداء منتجات الشركة الأمريكية.
عادةً ما تطلق شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات”، التي قالت إن الإنتاج الضخم لرقائق “2 نانومتر” سيبدأ في 2025، نسخة الهاتف المحمول أولاً، وتكون شركة “أبل” العميل الرئيس لها، كما تأتي الإصدارات الخاصة بالكمبيوتر الشخصي ثم شرائح الحوسبة عالية الأداء المصممة لأحمال الطاقة الأعلى لاحقًا.
كانت هواتف “أيفون 15 برو” و”أيفون 15 برو ماكس” أحدث الهواتف الذكية الرائدة التي تطلقها “أبل” في سبتمبر الماضي، وتستخدم فيها تكنولوجيا رقائق شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات” الجديدة والمعروفة باسم “3 نانومتر”.
وتشتد تحديات الانتقال من جيل إلى الجيل التالي من تكنولوجيا المعالجة، وسط استمرار صغر حجم الرقائق؛ الأمر الذي يزيد من احتمالية حدوث خطوة خاطئة قد تؤدي إلى فقدان شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات” مكانتها.
أشارت لوسي تشين، نائب رئيس شركة “إسايا ريسيرش”، إلى أن تكلفة الانتقال إلى الجيل التالي ترتفع، بينما استقرت التحسينات في الأداء، موضحة أن “الانتقال إلى الجيل التالي لم يعد جذابًا للعملاء بعد الآن”.
يؤكد الخبراء أن الإنتاج الضخم لا يزال على بعد عامين، وأن المشكلات الأولية هي جزء طبيعي من عملية إنتاج الرقائق.
في الوقت نفسه، يرى المطلعون في شركة “سامسونج” التي ذكرت شركة “تريند فورس” الاستشارية أنها تمتلك حصة قدرها 25% من سوق المسبوكات المتقدمة العالمية مقارنة بحصة شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات” البالغة 66%، فرصة لسد الفجوة.
كانت المجموعة الكورية أول من بدأ الإنتاج الضخم لرقائق “3 نانومتر” العام الماضي، وأول من تحول إلى بنية ترانزستور جديدة تعرف باسم “جيت أول أروند”.
وقالت “سامسونج”: “نحن على استعداد لإنتاج كميات كبيرة من رقائق (3 نانومتر) بحلول 2025”.
ويحذر المحللون من أنه في حين أن “سامسونج” كانت أول من طرح رقائق “3 نانومتر” في السوق، إلا أنها كافحت مع “معدل الإنتاجية” أو نسبة الرقائق المنتجة التي تعد قابلة للإرسال إلى العملاء.
ذكر لي جونج هوان، أستاذ هندسة أشباه الموصلات النظامية في جامعة سانجميونج في سيول، أن سامسونج “عانت أيضًا من حقيقة أن أقسام تصميم الهواتف الذكية والرقائق لديها كانت منافسة شرسة للعملاء المحتملين للرقائق المنطقية المنتجة في قسم المسابك الخاص بها”.
وقال إن “هيكل سامسونج يثير قلق العديد من العملاء المحتملين بشأن إمكانية تسريب التكنولوجيا أو التصميم”.
وتأمل كل من “سامسونج” و”إنتل” أيضا الاستفادة من العملاء المحتملين الذين يتطلعون إلى تقليل اعتمادهم على شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات”، سواء لأسباب تجارية أو بسبب القلق بشأن التهديد الصيني المحتمل لتايوان.
قال الرئيس التنفيذي لشركة “إيه.إم.دي” الأمريكية لصناعة الرقائق، في يوليو الماضي، إنها”ستنظر في قدرات تصنيع أخرى بجانب تلك التي تقدمها تايوان لصناعة أشباه الموصلات، في وقت تسعى فيه إلى تحقيق مزيد من المرونة”.







